وزارة التعليم السعودي.
بعد طول انتظار .. تطور مفاجئ يُنصف آلاف المعلمين والمعلمات في السعودية!
كتب بواسطة: حمادة صالح |

بدأت إدارات التعليم في مختلف المناطق والمحافظات بالمملكة العربية السعودية في تنفيذ توجيه رسمي يتعلق بصرف فروقات الرواتب لثلاث دفعات من المعلمين والمعلمات، ممن تأثرت مستحقاتهم المالية نتيجة التحوّل من التقويم الهجري إلى التقويم الميلادي، وهو الإجراء الذي طال انتظاره منذ سنوات، وشكّل مصدر قلق واستفسار للعديد من الموظفين المتضررين.

ويشمل القرار المعلمين والمعلمات الذين تم تعيينهم خلال الأعوام 1439هـ، 1440هـ، و1441هـ، وهم منسوبي وزارة التعليم الذين التحقوا بالخدمة خلال فترة الانتقال من النظام الهجري في صرف الرواتب إلى النظام الميلادي، وهو التحول الذي بدأ تطبيقه فعليًا في شهر ربيع الآخر من عام 1439هـ، بناءً على التوجيه السامي آنذاك.

وأوضحت مصادر مطلعة أن إشعارات الصرف بدأت بالوصول إلى المشمولين من الموظفين، عبر قنوات التواصل الداخلية لإدارات التعليم، حيث تضمنت الإشعارات نصًا موحّدًا يفيد بأن "العمل جارٍ على صرف فرق تحويل الراتب من الهجري للميلادي"، مع تحديد الأعوام الثلاثة المشمولة في الإجراء، ما منح المعلمين والمعلمات بارقة أمل حقيقية بعد طول انتظار.

وكشفت بعض الصحف في وقت سابق عن صدور توجيه مباشر من وزير التعليم يوسف البنيان إلى الجهات المختصة بسرعة صرف الفروقات المالية، بعد استكمال مراجعة البيانات والتأكد من دقة المستحقات، على أن تُنجز عملية الصرف خلال مدة لا تتجاوز 30 يوم عمل من تاريخ التوجيه، وهي خطوة لاقت ترحيبًا واسعًا في الأوساط التعليمية.

ويرى مراقبون أن هذا التوجّه يعكس اهتمام الوزارة بمعالجة التحديات الإدارية التي واجهت شريحة واسعة من الموظفين خلال مرحلة التحول المالي، خاصة أن فروقات الرواتب لم تكن محصورة في مبلغ واحد، بل تراوحت حسب توقيت التعيين والراتب الأساسي وتفاصيل الحسم بين النظامين، مما استلزم تدقيقًا محاسبيًا دقيقًا لضمان الإنصاف والعدالة.

وبحسب إفادات من بعض المعلمين المتأثرين، فإن التواصل الأخير من إدارات التعليم مثّل خطوة إيجابية طال انتظارها، حيث ظل موضوع فروقات التحويل الهجري–الميلادي حاضرًا في نقاشات منسوبي التعليم، وسط تساؤلات متكررة حول أحقية الصرف وتوقيت التنفيذ، لا سيما أن بعض القطاعات الحكومية الأخرى كانت قد أنهت هذا الملف مبكرًا.

ويُعد هذا التحرك استكمالًا لعملية تصحيح مالي بدأت منذ اعتماد التوجيه الملكي بتوحيد مواعيد صرف الرواتب، حيث تقرر أن يكون يوم 27 من كل شهر ميلادي هو الموعد الرسمي للصرف لجميع موظفي الدولة، كما جرى توحيد مواعيد فواتير الخدمات لتصدر خلال الأسبوع التالي لموعد الرواتب، بهدف تنظيم الإنفاق الأسري وتعزيز الاستقرار المالي للأسر السعودية.

ويؤكد مختصون في الشأن المالي والإداري أن فروقات التحويل بين التقويمين الهجري والميلادي لم تكن واضحة لجميع الموظفين عند التطبيق الأول، إلا أن أثرها تراكمي يظهر بوضوح على مدى أشهر وسنوات الخدمة، إذ إن الفرق بين عدد أيام الأشهر في النظامين أدى إلى تباين غير متعمد في المستحقات الشهرية، خصوصًا في السنة الأولى بعد التعيين.

وأعرب عدد من منسوبي التعليم عن ارتياحهم لبدء تنفيذ هذه الخطوة، مؤكدين أن المسألة لم تكن مجرد مبلغ مادي، بل مسألة عدالة واستحقاق وظيفي يجب أن يُحسم لصالح الموظف دون تأخير، وأن صرف الفروقات يعكس شفافية الوزارة وجديتها في مراجعة الملفات المالية العالقة.

وبينما تتجه الأنظار نحو إتمام عملية الصرف خلال شهر يوليو الجاري، بحسب ما ورد في إشعارات الإدارات التعليمية، ينتظر آلاف المعلمين والمعلمات بدء نزول الفروقات في حساباتهم البنكية، وسط مطالب بأن تشمل الخطوة كل من تضرر من التحول دون استثناء، حتى لو كان خارج الأعوام الثلاثة المُعلن عنها.

ويأمل المتابعون أن تكون هذه الخطوة بداية لمعالجة بقية الملفات المالية المعلّقة في قطاع التعليم، سواء ما يتعلق بالعلاوات السنوية المتأخرة أو المستحقات المرتبطة بتكليفات سابقة، خصوصًا أن وزارة التعليم تشهد حراكًا إداريًا جديدًا يهدف إلى رفع كفاءة الأداء وتلبية احتياجات منسوبيها.

ويعكس التحول إلى التقويم الميلادي في الصرف أحد ملامح التحول التنظيمي في المملكة، حيث جاء القرار ضمن خطوات تحديث آليات العمل الحكومي وتوحيد الإجراءات بين مختلف الوزارات والجهات، بما ينسجم مع مبادرات التحول الوطني ورؤية المملكة 2030 التي تركز على الحوكمة والشفافية والكفاءة التشغيلية.

وتؤكد بعض التقارير أن حجم الفروقات التي سيُصرف جزء منها حاليًا للمعلمين قد يختلف من موظف لآخر، تبعًا لمستوى الراتب وتاريخ المباشرة، وهو ما جعل وزارة التعليم تعتمد نظام مراجعة دقيقة للمسيرات والمستحقات، لتجنّب الوقوع في أخطاء حسابية أو حالات استثناء غير مبررة، مع التأكيد على أن الصرف سيتم دفعة واحدة فور انتهاء التحقق.

كما أشار بعض مسؤولي الموارد البشرية في إدارات التعليم إلى أن الخطوة شملت تعميمًا مركزيًا تم توزيعه على جميع المناطق والمحافظات، مما يعني أن القرار موحد ولا يخضع لاجتهادات محلية، بل يتم تنفيذه بناءً على توجيهات وزارية واضحة، مع رصد إلكتروني لمراحل الصرف وتحديث دوري لحالة المعاملات.

ويستعد عدد من المعلمين المعنيين بالتواصل مع الجهات البنكية خلال الأسبوعين القادمين للتأكد من إيداع المبالغ، بينما دعا آخرون إلى الإعلان عن آلية تظلم في حال لم يشمل الصرف بعض الأسماء المستحقة، خاصة مع وجود حالات تأخرت بيانات مباشرتها أو لم تُحدّث آليًا في وقتها.

وتبقى هذه الخطوة، على الرغم من بساطتها الإجرائية، ذات أثر كبير في تعزيز ثقة منسوبي التعليم بالأنظمة الإدارية، كما تعكس جدية وزارة التعليم في التعامل مع مستحقات موظفيها، وتبني ممارسات إدارية شفافة تُراعي مبدأ الاستحقاق والعدالة في الخدمة المدنية.