أقرّ مجلس هيئة السوق المالية اعتماد لائحة المقاصة النهائية وترتيبات الضمان المرتبطة بها، في خطوة تنظيمية جديدة تهدف إلى تعزيز استقرار النظام المالي وحماية الأطراف المتعاملة داخل السوق، وذلك ضمن جهود الهيئة لتحديث أطرها التنظيمية.
وأعلنت الهيئة أن اللائحة ستدخل حيز التنفيذ ابتداءً من تاريخ نشرها الرسمي، حيث تتضمن تنظيم اتفاقيات المقاصة وترتيبات الضمان المالي، على أن يكون أحد أطراف هذه الاتفاقيات مؤسسة سوق مالية خاضعة لإشراف الهيئة المباشر.
وتهدف اللائحة بشكل رئيسي إلى ضمان نفاذ العقود المالية المؤهلة في حال تعثر أحد أطراف الاتفاق، ما يسهم في حفظ الحقوق والتزامات جميع الأطراف، ويمنع حدوث أي خلل في استمرارية العقود المنظمة داخل السوق المالية السعودية.
وتنظم الأحكام المعتمدة حالات تعثر أحد أطراف اتفاقية المقاصة أو حدوث تغييرات جوهرية، شرط أن يكون الطرف المتعثر مؤسسة سوق مالية، وذلك لحماية العقود المؤهلة وضمان عدم تأثرها بأي ظرف طارئ أو تطور خارجي.
وأكدت الهيئة أن اللائحة تسعى لتوفير بيئة قانونية متماسكة تنظم ترتيبات الضمان المالي المتصلة بالعقود المالية، خاصة تلك العقود التي تقع ضمن النطاق الرقابي للهيئة، لضمان نفاذها واستمرار فاعليتها مهما تغيرت الظروف.
كما شددت الهيئة على أن تلك التعديلات من شأنها دعم استدامة القطاع المالي، وتوفير شبكة أمان قانونية في حال دخول أحد الأطراف في إجراءات تعثر أو إفلاس، مما يعزز الثقة بالمنظومة المالية ككل ويقلل من المخاطر النظامية.
وتضمنت اللائحة المعتمدة مجموعة من البنود التفصيلية التي تنظم آليات المقاصة النهائية، وترتيبات الضمان، وتعريفات المصطلحات ذات العلاقة، إلى جانب تحديد نطاق تطبيق اللائحة والجهات والكيانات المشمولة بأحكامها.
كذلك شملت اللائحة تحديدًا دقيقًا للعقود والصفقات المالية المؤهلة للاستثناء من بعض أحكام نظام الإفلاس، بما يضمن استقرار تنفيذ هذه العقود وتفادي إلغائها أو تعديلها في ظروف قانونية استثنائية قد تؤثر على الأسواق.
وأكدت الهيئة أن من أبرز أهداف اللائحة هو مواكبة التغيرات الدولية وتعزيز التوافق مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، بما في ذلك ما أوصت به الرابطة الدولية للمبادلات والمشتقات (ISDA) من إرشادات تنظيمية وتقنية.
وأوضحت أن الهيئة استندت في إعداد اللائحة إلى نماذج وأطر دولية تم تطبيقها في عدد من الأسواق المتقدمة، والتي تهدف إلى حماية استمرارية العقود المالية وضمان تنفيذ بنودها بصرف النظر عن التغيرات اللاحقة في أوضاع الأطراف.
وأشارت إلى أن من أبرز التحديات التي جاءت اللائحة لمعالجتها هو التأكد من نفاذ العقود في ظل ظروف مثل افتتاح إجراءات الإفلاس أو التصفية، حيث تبقى بنود العقد ملزمة وسارية وفق ما تم الاتفاق عليه دون الإلغاء أو التعطيل.
ويأتي اعتماد اللائحة تتويجًا لمسار تشاوري بدأ في 24 فبراير 2025 حين نشرت الهيئة مشروع "الإطار التنظيمي لاتفاقيات المقاصة" على منصة استطلاع التابعة للمركز الوطني للتنافسية، وموقع الهيئة الإلكتروني لاستقبال آراء العموم.
وأكدت الهيئة أن استيعاب الملاحظات والمقترحات الواردة من الجهات الحكومية والمستثمرين ساهم في صياغة نسخة نهائية من اللائحة تتسم بالشمول والمرونة وتراعي الاعتبارات العملية التي تواجهها مؤسسات السوق المالية في الواقع.
وتعكس هذه الخطوة التزام هيئة السوق المالية بتعزيز البنية التحتية القانونية والتنظيمية للسوق السعودي، والعمل على تطوير البيئة الاستثمارية بما يواكب تطلعات المستثمرين المحليين والدوليين، ويرفع من كفاءة السوق المالية.
وشجعت الهيئة الأطراف المعنية بالاطلاع على تفاصيل اللائحة المنشورة حديثًا من خلال الروابط الرسمية المتاحة، مؤكدة أنها ستواصل إصدار المزيد من الأطر التنظيمية الحديثة لتعزيز الحوكمة والاستقرار المالي في المملكة.