يثير موضوع فاتورة الكهرباء الكثير من التساؤلات بين مستفيدي برنامج حساب المواطن، لا سيما عند ظهور ملاحظات تتعلق بعقد الإيجار المرتبط بها، إذ تشكّل الفاتورة أحد المستندات التي تُستخدم لإثبات استقلالية السكن، وتُعد من المعايير المؤثرة في أهلية الاستحقاق، ما يدفع البعض للقلق بشأن مدى تأثيرها على الدعم الشهري الذي يحصلون عليه من البرنامج.

وبرنامج حساب المواطن، الذي انطلق عام 2017، يهدف إلى تخفيف الآثار الاقتصادية الناتجة عن الإصلاحات المالية، وقد حدد آلية دقيقة للتحقق من استحقاق الدعم، تشمل التحقق من السكن الفعلي والاستقلالية، ويُعد عقد الإيجار المسجل في شبكة "إيجار" من أهم هذه المعايير، إلا أن وجود فاتورة كهرباء باسم المؤجر بدلًا من المستأجر، قد يُسبب إشكالات في البيانات، تؤثر بشكل مباشر على حالة الأهلية.

ووفقًا لما أوضحه البرنامج في دليله الإرشادي للأسئلة الشائعة، فإن ظهور رسالة تفيد بـ"وجود ملاحظات على عقد الإيجار" أثناء تقييم الطلب، تعني وجود تعارض أو نقص في المستندات الداعمة للاستقلالية، وعليه يُطلب من المتقدم التوجه إلى حسابه وتقديم اعتراض إلكتروني، مع إرفاق المستندات المطلوبة التي تؤكد إقامة المتقدم في المسكن المرفق ضمن بيانات البرنامج.

وتُعد خطوة الاعتراض وسيلة فعالة لإعادة دراسة الطلب، حيث يتم من خلالها مراجعة المستندات بدقة من قبل فريق مختص، للتحقق من توافر الشروط النظامية وتطابق البيانات، ويشمل ذلك عقود الإيجار، وفواتير الكهرباء، وأي وثائق أخرى تثبت السكن المستقل أو العلاقة التعاقدية الرسمية بين المستفيد والمؤجر، وهو ما قد يُعيد تقييم الأهلية بعد التحقق.

وفي هذا السياق، يفرق البرنامج بين "الأهلية" و"الاستحقاق"، إذ أن الأهلية تعني توافر شروط القبول في البرنامج، وتشمل عدة معايير من بينها الجنسية، والإقامة داخل المملكة، وعدم الإقامة في أحد مراكز الإيواء أو السجون، بالإضافة إلى تطابق البيانات المقدمة مع تلك المسجلة لدى الجهات الرسمية.

أما الاستحقاق، فهو الجانب المرتبط بحجم الدعم المالي، ويُحسب بناءً على عدة عناصر أبرزها الدخل الإجمالي للأسرة، وعدد التابعين، وأعمارهم، وتركيبة الأسرة، وتُستخدم الحاسبة التقديرية لمعرفة قيمة الدعم التقريبي، علمًا أن بعض المتقدمين قد يكونوا مؤهلين من حيث الشروط العامة، لكنهم لا يحصلون على دعم فعلي بسبب تجاوز دخلهم للحد المانع.

وكان البرنامج قد شدد في أكثر من مناسبة على أهمية دقة البيانات المفصح عنها، خاصةً ما يتعلق بالسكن والدخل، لأن أي تناقض قد يؤدي إلى تعليق الدعم مؤقتًا لحين استكمال الوثائق، أو حتى رفض الأهلية، ما يتطلب من المستفيدين متابعة حالة الطلب بشكل دوري، والرد على أي إشعارات تصلهم من البرنامج خلال المدة الزمنية المحددة.

ويُشار إلى أن العديد من المستفيدين واجهوا في السابق حالات تعليق مؤقت للدعم بسبب عدم تحديث عقد الإيجار أو وجود بيانات متضاربة بين ما هو مسجل في برنامج "إيجار" وبين ما تم إدخاله في حساب المواطن، مما يجعل توحيد وتحديث البيانات مطلبًا أساسيًا لتفادي أي مشكلات مستقبلية.

وفي وقت سابق، أوضح مدير عام التواصل لبرنامج حساب المواطن عبد الله الهاجري، أن البرنامج يُجري مراجعة دورية للبيانات المسجلة، ويقوم بإعادة تقييم الأهلية في حال حدوث أي تغيير جوهري في معلومات المستفيد أو التابعين، مشيرًا إلى أن هذه الآلية تهدف إلى تحقيق العدالة وتوجيه الدعم لمستحقيه.

وبلغ عدد المستفيدين المستوفين لمعايير الاستحقاق في الدفعة الحادية والتسعين لشهر يونيو 9.9 مليون مستفيد وتابع، في حين تجاوز إجمالي ما تم صرفه منذ انطلاق البرنامج أكثر من 244 مليار ريال، منها 2.7 مليار ريال تعويضات مالية عن دفعات سابقة، ما يعكس التزام البرنامج بدعم الأسر المستحقة وتعويض من فاته الاستحقاق لأسباب تقنية أو تنظيمية.

وأظهرت البيانات أن أكثر من 71% من المستفيدين حصلوا على الدعم في الدفعة الأخيرة، وبلغ متوسط دعم الأسرة الواحدة 1474 ريال، مما يؤكد استمرار البرنامج في دوره كأداة فاعلة لتحقيق الحماية الاجتماعية، وتخفيف العبء عن المواطنين في ظل المتغيرات الاقتصادية المستمرة.

ويعتمد البرنامج على سلسلة من الأنظمة التقنية المتكاملة التي تتيح ربط بيانات المستفيدين بعدة جهات حكومية، وذلك للتحقق من الحالة الوظيفية، ومستوى الدخل، وبيانات السكن، إلى جانب مراجعة العقود والتصاريح الرسمية، بما يضمن دقة التقييم وسرعة إصدار نتائج الأهلية.

وفي ضوء هذه المعايير الصارمة، فإن وجود فاتورة كهرباء باسم المؤجر دون تحديث عقد الإيجار في منصة "إيجار"، أو دون تقديم وثيقة تثبت إقامة المستفيد في ذات الموقع، يُعد ثغرة قد تؤثر على استمرار الدعم، ولذلك ينصح البرنامج بتحديث البيانات فور حدوث أي تغيير في السكن أو الحالة الاجتماعية.

وتأتي هذه الإجراءات ضمن سياسة شفافية واضحة يعتمدها البرنامج منذ انطلاقته، لضمان استهداف الفئات الأشد حاجة، وتفادي أي تلاعب أو استغلال غير قانوني للدعم، في وقت تشهد فيه المملكة تحولات هيكلية في منظومة الدعم الحكومي والتحول الرقمي في تقديم الخدمات.

ويحذر مختصون من تجاهل تنبيهات البرنامج، إذ أن عدم الرد أو عدم تقديم اعتراض خلال الفترة الزمنية المحددة قد يؤدي إلى خسارة الدعم لمدة دورة أو أكثر، كما أن تكرار المخالفات قد يؤدي إلى إيقاف الحساب بشكل دائم، وهو ما يتطلب حرصًا كبيرًا من المستفيدين على المتابعة الدورية وتحديث البيانات.

ويُعد برنامج حساب المواطن من أبرز برامج الدعم المباشر في المملكة، ويُركز على تحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، من خلال تخصيص الدعم للفئات التي تستوفي الشروط، وفق معايير دقيقة تواكب المتغيرات الاقتصادية ومستوى معيشة الأسر السعودية.