في إطار جهودها الرقابية الميدانية المكثفة، نفّذت الفرق التابعة للهيئة العامة للغذاء والدواء خلال شهر مارس الماضي أكثر من (6,531) جولة تفتيشية استهدفت (4,254) منشأة منتشرة في مختلف مناطق المملكة، وقد أسفرت هذه الجولات عن رصد عدد كبير من المخالفات والتجاوزات التي تمس سلامة المنتجات الخاضعة لإشراف الهيئة، بما يعكس التزام الهيئة بمواصلة دورها الحيوي في تعزيز سلامة الغذاء والدواء والأجهزة والمنتجات ذات العلاقة.
وجاءت نتائج الجولات الرقابية واضحة من حيث حجم الانضباط المطلوب، حيث تم ضبط (1,621) منشأة خالفت اللوائح التنظيمية، إضافة إلى ضبط (1,645) صنفًا من المنتجات المخالفة، ما يعكس عمق التحديات التي تواجهها الهيئة في مساعيها لتطبيق المعايير الفنية والاشتراطات الصحية والرقابية، كما تكشف هذه الأرقام عن مدى التوسع في نطاق الرقابة الميدانية التي تنفذها الهيئة لتشمل مختلف القطاعات ذات العلاقة، مع التركيز على الالتزام بالتراخيص والتسجيل النظامي للمنتجات، إضافة إلى جودة التخزين وظروف النقل.
وقد باشرت الهيئة تطبيق الإجراءات النظامية بحق المخالفين، حيث فرضت غرامة مالية كبيرة على إحدى المنشآت بلغت (335) ألف ريال، بعد أن تبين تورطها في استيراد منتجات محظورة وغير مسجلة عبر شحنات شخصية، وهو ما يشكل مخالفة صريحة للأنظمة والتعليمات التي تنظم الاستيراد والتداول، وبخاصة في ما يتعلق بالمنتجات ذات العلاقة بالصحة العامة، كما ضبطت الهيئة وصادرت كميات كبيرة من المنتجات المخالفة بلغت حوالي (1115) طنًا موزعة على نحو (207,130) عبوة، الأمر الذي يؤكد الجهد الرقابي الكبير المبذول في تتبع مسارات الاستيراد والتوزيع.
ومن ضمن التدخلات النوعية التي نفذتها الهيئة، تم إغلاق مستودع غذائي بالكامل بعد رصد مخالفات جسيمة، تمثلت في مزاولة النشاط دون ترخيص رسمي من الهيئة، بالإضافة إلى سوء التخزين وتكدس المنتجات، حيث تم ضبط أكثر من (71,710) كرتون من المواد الغذائية داخل المستودع في ظروف غير مناسبة، ما يمثل تهديدًا مباشرًا لسلامة المستهلك، وتأتي هذه الخطوة في سياق الإجراءات التصحيحية التي تتخذها الهيئة بحق المنشآت التي لا تلتزم بالاشتراطات النظامية والمهنية المعتمدة.
وفي إطار الإجراءات العقابية الأخرى، أغلقت الفرق الرقابية (41) منشأة إضافية لعدم حصولها على التراخيص اللازمة لمزاولة النشاط، وهو ما يشير إلى استمرار الهيئة في التعامل الحازم مع حالات العمل غير النظامي، الذي ينعكس سلبًا على جودة المنتجات وسلامتها، كما شملت القرارات الرقابية إغلاق (3) منشآت أخرى بسبب ارتكابها مخالفات مؤثرة في سلامة المنتجات، حيث اعتُبرت تلك المخالفات تهديدًا مباشرًا لصحة المستهلكين وسلامة البيئة الغذائية والدوائية في المملكة.
وعلى صعيد الإنتاج المحلي، اتخذت الهيئة قرارًا بإيقاف 16 خط إنتاج داخل منشآت مختلفة، نتيجة عدم الالتزام بالضوابط الفنية والصحية المعتمدة في عمليات التصنيع، ويُعد هذا القرار من أبرز مؤشرات الرقابة التي تؤكد سعي الهيئة إلى منع تسرب المنتجات غير المطابقة إلى الأسواق، وضمان أن العمليات التصنيعية تتم في بيئة تراعي أعلى معايير الجودة والسلامة.
وتعكس هذه الإجراءات الرقابية مجتمعة استراتيجية الهيئة القائمة على تعزيز حماية الصحة العامة من خلال تشديد الرقابة الميدانية، وتفعيل أدوات الإنفاذ القانوني، والتدخل الفوري في حالات الاشتباه أو الرصد، وتأتي هذه التحركات في سياق نهج متكامل يربط بين الرقابة الاستباقية والمعالجة الفورية للمخالفات، بما يضمن حماية المستهلك وتطبيق الأنظمة بفعالية على كافة مستويات سلسلة الإمداد الغذائي والدوائي والمنتجات ذات العلاقة.
وتؤكد الهيئة العامة للغذاء والدواء التزامها المستمر بمواصلة الجولات الرقابية المكثفة، وتطوير آليات العمل الميداني، وتعزيز التعاون مع الجهات ذات العلاقة لرصد وضبط المخالفات بكفاءة واحترافية، كما تدعو الهيئة جميع المنشآت إلى ضرورة التقيد بالأنظمة والتعليمات المعتمدة، والحصول على التراخيص المطلوبة قبل مزاولة أي نشاط، بالإضافة إلى الالتزام بمعايير الجودة والتخزين والتصنيع السليم، بما يسهم في توفير منتجات آمنة للمستهلكين ويعزز من ثقة المجتمع في البيئة التنظيمية والصحية داخل المملكة.
