أسعار النفط
أسعار النفط تصعد وسط مخاوف من شح المعروض العالمي!
كتب بواسطة: سماح الرائع |

شهدت أسعار النفط العالمية ارتفاعًا طفيفًا خلال التعاملات المبكرة من جلسة اليوم الأربعاء، مدفوعةً بتطورات جديدة في السياسة الأمريكية تجاه صادرات النفط الفنزويلي، وتوقعات بتقلص المعروض في الأسواق العالمية، ويأتي هذا الارتفاع وسط مراقبة دقيقة من المستثمرين لجملة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، التي تلعب دورًا حاسمًا في توجيه حركة الأسعار، لاسيما في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن توازن العرض والطلب.

وسجلت العقود الآجلة لخام برنت ارتفاعًا بنسبة 0.73% لتصل إلى 64.56 دولارًا للبرميل، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي (WTI) بنسبة 0.8% إلى 61.38 دولارًا للبرميل، حيث عوّضت هذه المكاسب معظم الخسائر التي تكبّدها السوق في الجلسة السابقة، والتي تراجعت فيها الأسعار بأكثر من 1%، نتيجة ظهور مؤشرات على تقدم محدود في المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، والتي قد تسهم في إعادة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية في حال توصل الطرفان إلى اتفاق نهائي.

وتعود أسباب الارتفاع المسجل في الأسعار خلال الساعات الماضية إلى القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية، والذي يمنع شركة شيفرون الأميركية من تصدير النفط الخام من فنزويلا، وذلك بموجب ترخيص جديد أصدرته وزارة الخزانة الأمريكية، يسمح للشركة بالاحتفاظ بأصولها ومواصلة العمليات الأساسية المحدودة داخل الأراضي الفنزويلية، لكنه لا يتيح لها توسيع نطاق أنشطتها أو تصدير الخام إلى الأسواق الخارجية.

وتُعد شيفرون الشركة الأميركية الوحيدة التي ما زالت تحتفظ بوجود رسمي في قطاع الطاقة الفنزويلي، بعد أن فرضت واشنطن منذ عام 2019 حزمة من العقوبات الاقتصادية على شركة النفط الوطنية الفنزويلية (PDVSA) ضمن جهودها للضغط على نظام نيكولاس مادورو، ويُفهم من هذه الخطوة الأخيرة أن واشنطن لا تزال ملتزمة بسياستها المتشددة تجاه فنزويلا، رغم بعض المؤشرات السابقة على احتمالية تليين المواقف.

ويرى محللون في أسواق الطاقة أن هذا الإجراء قد يحدّ بشكل مباشر من حجم الإمدادات النفطية المتوقعة من فنزويلا إلى السوق العالمية، ما يعزز من توقعات نقص المعروض، لا سيما في وقت تشهد فيه السوق اضطرابات متعددة تتعلق بالاستقرار السياسي في عدد من الدول المنتجة، وتأثيرات تغير السياسات النقدية العالمية، وتباطؤ محتمل في نمو الطلب الصيني بسبب عوامل اقتصادية داخلية.

وفي سياق موازٍ، تُتابع الأسواق عن كثب تطورات المحادثات النووية الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، والتي يُنظر إليها كعامل مهم قد يغير معادلة التوازن في السوق النفطية العالمية، وكان اليوم السابق قد شهد تقارير عن إحراز تقدم "محدود" في الجولة الخامسة من المفاوضات، ما أدى إلى ضغوط هبوطية مؤقتة على الأسعار، حيث تخشى الأسواق من أن يؤدي أي اتفاق مستقبلي إلى رفع العقوبات عن النفط الإيراني، وبالتالي إغراق السوق بكميات إضافية قد تتراوح، بحسب تقديرات المحللين، بين 1 إلى 1.5 مليون برميل يوميًا.

وفي خضم هذه التطورات، يُعقد اليوم اجتماع رسمي لمنظمة أوبك وحلفائها، ضمن إطار التحالف المعروف باسم أوبك+، حيث تُجري الدول الأعضاء نقاشًا حول تطورات السوق وتقييم الوضع العام للإنتاج والاستهلاك، مع ترجيحات قوية بأن لا يشهد الاجتماع أي قرارات جديدة تتعلق بتعديل سياسة الإنتاج المعتمدة حاليًا، والتي تقوم على الزيادة التدريجية للإنتاج بما يتماشى مع تعافي الطلب العالمي.

ورغم ذلك، فإن عيون المتعاملين لا تزال مركزة على البيانات الرسمية التي ستصدر لاحقًا من دول التحالف، وعلى البيان الختامي لاجتماع أوبك+، والذي قد يُلمح إلى مواقف الدول الأعضاء تجاه الأوضاع الجيوسياسية والضغوط الاقتصادية المختلفة، ومنها التضخم المرتفع، وتذبذب معدلات الاستهلاك، واحتمالات الركود في بعض الاقتصادات الكبرى.

وتعكس تحركات أسعار النفط الحالية حالة من الترقب والحذر، حيث أصبح السوق النفطي أكثر حساسية تجاه أي مؤثرات خارجية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو لوجستية، كما يعاني السوق من قلة اليقين بشأن آفاق النمو الاقتصادي العالمي، خاصة مع استمرار تأثيرات جائحة كوفيد-19 في بعض الدول، وعودة مخاوف الإغلاق في مناطق محددة.

ويؤكد خبراء في الأسواق المالية والطاقة أن العامل النفسي يلعب دورًا كبيرًا في الوقت الحالي، حيث يتفاعل السوق بسرعة مع الأخبار المرتبطة بالإنتاج والعقوبات والمفاوضات، وهو ما يجعل من مهمة التنبؤ بأسعار النفط أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، في ظل تداخل عدة عوامل متغيرة في آنٍ واحد.

كما يُنتظر أن تلقي تقارير المخزون الأمريكي الأسبوعية، التي ستصدر خلال الأيام المقبلة، مزيدًا من الضوء على وضع المعروض في الولايات المتحدة، خاصة بعد أن أظهرت بيانات الأسبوع الماضي انخفاضًا مفاجئًا في المخزونات، ما عزز توقعات بأن السوق الأميركي قد يحتاج إلى مزيد من الاستيراد لتغطية الطلب المحلي، وهو عامل إضافي يُسهم في دعم الأسعار.