يستقبل ميناء جدة الإسلامي، اليوم، آخر أفواج الحجاج القادمين بحرًا إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج لهذا العام، في ختام مرحلة الوصول البحري لضيوف الرحمن عبر هذا الميناء الاستراتيجي الذي يُعد البوابة البحرية الأولى لاستقبال الحجاج القادمين من دول متعددة، وخصوصًا الواقعة على خط الملاحة البحري في البحر الأحمر.
وفي إطار استعداداتها المبكرة لهذا الموسم الاستثنائي، حرصت الهيئة العامة للموانئ "موانئ" على تسخير كافة الإمكانات والتجهيزات التشغيلية والخدماتية بميناء جدة الإسلامي، وذلك بالتعاون الوثيق مع الجهات الحكومية المعنية وشركاء منظومة النقل والخدمات اللوجستية، بهدف ضمان تجربة ميسّرة وآمنة لضيوف الرحمن، تبدأ منذ لحظة وصولهم إلى الميناء وحتى انتقالهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة لأداء نسكهم بطمأنينة وسلاسة.
وقد تضمنت الخطة التشغيلية لهذا العام سلسلة من الإجراءات الاحترازية والتنظيمية المتكاملة، ركزت على تعزيز كفاءة الأداء ورفع مستوى الجاهزية الفنية والبشرية، حيث تم تجهيز الميناء بخدمات متكاملة تشمل نقاط الجوازات، خدمات النقل، تجهيزات التفويج، وأنظمة متقدمة للتعامل مع الأمتعة والخدمات اللوجستية، ما يعكس الالتزام العميق بالارتقاء بخدمة الحجاج وتسهيل حركتهم بكل يُسر.
وبحسب ما أعلنت عنه "موانئ"، تم تخصيص أكثر من 100 نقطة (كاونتر) لخدمات الجوازات في صالات الوصول، لتسريع عمليات إنهاء إجراءات الدخول، وتقليل فترات الانتظار، إلى جانب توفير 300 عربة لنقل أمتعة الركاب من السفن إلى أماكن التفويج المخصصة، بما يضمن انسيابية الحركة ويوفر الجهد والوقت على الحجاج، لا سيما كبار السن والمرضى منهم.
وفي الجانب الميداني البحري، تم توظيف 9 قاطرات بحرية مخصصة لتوجيه السفن وترصيفها بدقة، إلى جانب 12 قطعة بحرية مساندة تعمل على تعزيز كفاءة العمليات البحرية، وضمان السلامة في جميع المراحل التشغيلية داخل الميناء، كما تم تخصيص 24 دورية للأمن والسلامة، تعمل على مدار الساعة لتأمين الميناء وضمان أعلى درجات الجاهزية للطوارئ.
وشملت التحضيرات كذلك تجهيز 13 سيارة إسعاف وإطفاء للتعامل الفوري مع الحالات الطارئة، وتوفير 11 مرفقًا صحيًا وطبيًا داخل نطاق الميناء، إضافة إلى صالتي قدوم ومغادرة تم تجهيزهما بشكل يليق بخدمة أكثر من 5000 حاج في الوقت نفسه، وذلك من خلال مساحات مهيّأة، ومقاعد مريحة، ومرافق خدمية عالية الجودة، تشمل دورات مياه، ونقاط مياه شرب، ومعدات مساندة لكبار السن، إلى جانب أنظمة تهوية وتكييف متطورة.
ولم تتوقف الجهود عند حدّ التجهيزات الميدانية، بل أطلقت "موانئ" خلال هذا الموسم ثلاث مبادرات نوعية تهدف إلى رفع جودة تجربة الحاج البحرية، وتحقيق انسيابية أكبر في حركة الحجاج والبضائع داخل الميناء، كان من أبرزها مبادرة "خدمة حاج بلا حقيبة"، التي تُعنى بنقل أمتعة الحجاج من السفن مباشرة إلى الحافلات المخصصة لنقلهم، بعد استكمال الفحص الجمركي للأمتعة، وذلك دون الحاجة لمرورها على السيور التقليدية، ما يسهم في تسريع عملية التفويج ويقلل من الجهد البدني على الحاج.
أما المبادرة الثانية، فقد حملت عنوان "غادر بلا أمتعة"، وتهدف إلى تسهيل مغادرة الحجاج من المملكة بعد الانتهاء من مناسكهم، من خلال إرسال أمتعتهم مباشرة إلى مقرات الوكيل الملاحي قبل موعد مغادرتهم بـ48 ساعة، ما يخفف عنهم عبء التنقل بالأمتعة، ويسمح لهم بالتحرك بأريحية في المراحل الأخيرة من رحلتهم الإيمانية.
وتبرز المبادرة الثالثة "طريق مواشي الهدي والأضاحي" كجزء من الجهود التنظيمية الخاصة بالشعائر، حيث تهدف إلى تسهيل عبور شاحنات نقل المواشي الخاصة ببرنامج الهدي والأضاحي من ميناء جدة الإسلامي مباشرة إلى مكة المكرمة، عبر مسارات مخصصة ومهيأة، ما يضمن تنظيمًا محكمًا لحركة هذه الشاحنات، ويُسهم في ضبط انسيابية النقل المرتبط بهذا الشعيرة، وضمان وصول المواشي في الوقت المناسب.
وتأتي هذه الجهود كترجمة عملية لتوجيهات القيادة الرشيدة في المملكة، التي تضع خدمة ضيوف الرحمن على رأس أولوياتها، وتعمل على تسخير كافة الموارد والقدرات البشرية والتقنية لتوفير أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام، من لحظة قدومهم وحتى مغادرتهم.
وقد أشاد عدد من الحجاج القادمين عبر الميناء بسلاسة الإجراءات، وكرم الضيافة، والتنظيم العالي الذي لمسوه منذ نزولهم من السفينة، معبرين عن امتنانهم للمملكة على ما تقدمه من رعاية وعناية شاملة، مؤكدين أن تجربتهم في الدخول إلى الأراضي المقدسة كانت من أسهل ما يكون.
كما أشار مسؤولون في قطاع النقل البحري إلى أن منظومة موانئ المملكة، وفي مقدمتها ميناء جدة الإسلامي، أصبحت نموذجًا يحتذى به في عمليات التفويج والتنظيم البحري لمواسم الحج، لما تملكه من بنية تحتية متقدمة، وخبرات بشرية مؤهلة، وأنظمة تقنية متطورة تسهم في تعزيز تجربة الحاج البحرية، وتدعم الجهود الوطنية لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.