ركلات الجزاء تحسم المشهد.. من استفاد أكثر هذا الموسم في دوري روشن للمحترفين؟
ركلات الجزاء تحسم المشهد.. من استفاد أكثر هذا الموسم في دوري روشن للمحترفين؟
كتب بواسطة: محمد الخوري |

في موسم اتسم بكثافة المنافسة وحدة الصراعات على المراكز المختلفة في دوري روشن السعودي، برزت ظاهرة لافتة للنظر تتعلق بركلات الجزاء، إذ تصدرت بعض الأندية قائمة الأكثر حصولًا على هذه الركلات الحاسمة، ما أثار اهتمام المتابعين والمحللين على حد سواء، ودفع للتساؤل حول العوامل التي تقف خلف هذه الأرقام، وما إذا كانت تعكس أساليب لعب معينة، أو ترتبط بعوامل تحكيمية، أو حتى بمهارات فردية للاعبين في منطقة الجزاء.

من بين أبرز الأندية التي حصلت على أعلى عدد من ركلات الجزاء خلال الموسم الحالي، نجد فرقًا تعتمد بشكل كبير على الضغط الهجومي المكثف، والاختراق من العمق والأطراف، مما يؤدي إلى تكرار الوجود داخل منطقة الخصم، أسلوب اللعب هذا يزيد من احتمالية ارتكاب المدافعين للأخطاء داخل منطقة الجزاء، سواء عبر العرقلة المباشرة أو التدخلات المتأخرة، وهو ما حدث بالفعل مع أكثر من فريق في مقدمة الترتيب.

وقد جاءت فرق مثل الهلال والاتحاد والنصر ضمن قائمة الأندية التي استفادت أكثر من غيرها من ركلات الجزاء، وهو ما يعكس جزءًا من فلسفة اللعب التي تنتهجها هذه الفرق، المعتمدة على تنويع مصادر الخطورة، والقدرة على إحداث الفارق داخل منطقة العمليات، الهلال، على سبيل المثال، يمتلك عددًا من اللاعبين ذوي السرعة والمهارة الذين يجيدون المراوغة في المساحات الضيقة، مثل نيمار ومالكوم، فيما يعتمد النصر على اختراقات رونالدو وساديو ماني في الثلث الأخير.

اللافت أيضًا أن بعض الفرق التي حصلت على عدد كبير من ركلات الجزاء ليست بالضرورة تلك التي تتصدر ترتيب الدوري، ما يكشف أن الظاهرة لا ترتبط فقط بالقوة الهجومية، بل قد تعود كذلك إلى طبيعة المباريات، وكيفية تعامل الفرق مع مجرياتها، في بعض الأحيان، تلعب الفرق المتوسطة أو التي تقاتل للهروب من مناطق الهبوط بخطط دفاعية صارمة، لكنها ترتكب أخطاء كارثية أمام الفرق الأعلى تصنيفًا، مما يؤدي إلى احتساب ركلات جزاء ضدها بشكل متكرر.

التحكيم، كعنصر فاعل في مجريات المباريات، كان أيضًا محل نقاش واسع في هذا السياق، خاصة مع التوسع في استخدام تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، والتي أسهمت في زيادة عدد ركلات الجزاء المحتسبة مقارنةً بالمواسم السابقة، فكل تدخل داخل منطقة الجزاء يخضع الآن لتدقيق صارم، ما يجعل أخطاء الماضي التي كانت تمر مرور الكرام، تُحتسب اليوم بدقة أكبر، وهذا التغيير لم يمر دون انتقادات، حيث يرى البعض أن التحكيم بات يميل للمبالغة في حماية المهاجمين، بينما يرى آخرون أنه يحقق العدالة.

من الناحية الفنية، فإن قدرة فريق على الحصول على عدد كبير من ركلات الجزاء ترتبط بعوامل دقيقة مثل تحركات اللاعبين داخل الصندوق، قدرتهم على اقتناص الأخطاء، وذكائهم التكتيكي في استغلال المساحات، اللاعبون الذين يملكون توازنًا بدنيًا عاليًا، ويجيدون التمويه، غالبًا ما يفرضون على المدافعين ارتكاب أخطاء تؤدي إلى قرارات حاسمة.

في المقابل، فإن بعض الأصوات ذهبت إلى التشكيك في عدالة بعض الركلات، معتبرة أن هناك تباينًا في المعايير التحكيمية بين المباريات، وهو ما يثير الجدل دومًا في الدوريات الكبرى، ورغم أن أغلب الحالات التي شهدت احتساب ركلات جزاء حظيت بمراجعة تقنية، إلا أن الجدل لم ينته، خصوصًا مع تكرار حصول أندية بعينها على الركلات، ما فتح باب التأويلات بين الجماهير ووسائل الإعلام.

وتبقى الحقيقة أن ركلات الجزاء، مهما كان مصدرها أو توقيتها، أصبحت تلعب دورًا محوريًا في تحديد نتائج المباريات بل وحتى مسار بطولة بأكملها، فلا يمكن إنكار أن العديد من النقاط التي حصدتها الأندية في دوري روشن هذا الموسم، جاءت نتيجة تنفيذ ناجح لركلات جزاء، كانت في بعض الأحيان فاصلة بين الفوز والخسارة، وبين الهبوط أو ضمان البقاء.

ومع اقتراب الموسم من نهايته، ستظل الإحصائيات المتعلقة بركلات الجزاء محل تحليل ومراجعة، سواء من قبل لجان التحكيم أو المحللين الفنيين، ليس فقط لغايات التقييم، بل لتطوير العمل التحكيمي والارتقاء بآليات اللعب الدفاعي والهجومي داخل الصندوق، كما أن الفرق التي تسعى للقب أو لتفادي الهبوط، ستدرك تمامًا أن مثل هذه التفاصيل الصغيرة قد تصنع الفارق، وأن الذكاء داخل منطقة الجزاء لا يقل أهمية عن اللياقة والمهارة.