أعلنت شركة أرامكو السعودية، إحدى أكبر شركات الطاقة المتكاملة في العالم، عن تحقيق إنجاز تقني غير مسبوق عالميًا، وذلك من خلال تشغيل أول نظام تخزين للطاقة المتجددة من نوعه، بقدرة تبلغ ميغاواط واحد، يُستخدم لتوفير الدعم لأنشطة إنتاج الغاز، ويُعد هذا المشروع المتقدم خطوة جديدة ضمن استراتيجية الشركة الرامية إلى دمج تقنيات الطاقة النظيفة في العمليات الصناعية وتعزيز الاستدامة البيئية في أنشطتها التشغيلية.
ويمثل هذا النظام أول تطبيق عملي عالمي لتقنية بطاريات تدفق الحديد والفاناديوم (Iron-Vanadium Redox Flow Battery)، والتي تُستخدم كاحتياطي للطاقة الشمسية، ما يوفر مصدرًا مستدامًا وفعّالًا لدعم تشغيل آبار الغاز في المواقع النائية، وخاصة تلك التي تواجه تحديات في الحصول على الطاقة التقليدية أو تتطلب حلولًا بديلة موثوقة.
وقد تم تنفيذ النظام الجديد في منطقة وعد الشمال، الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية، وهي منطقة صناعية واعدة تُعرف بمواردها الطبيعية الغنية، وخاصة في مجالات التعدين والغاز، وتم تطوير النظام بالتعاون بين أرامكو السعودية وشركة "رونغكي باور" (Rongke Power) الصينية، وهي شركة رائدة عالميًا في تكنولوجيا بطاريات التدفق، حيث تمت الاستفادة من خبرتها في مجال تصميم وتطوير حلول تخزين الطاقة طويلة الأمد.
ويُعتمد في هذا النظام على تقنية حاصلة على براءة اختراع سجلتها أرامكو، والتي تُمكن من تخزين الطاقة المتولدة من الألواح الشمسية في شكل كيميائي داخل البطارية، ليتم استخدامها لاحقًا في تشغيل المعدات والمنشآت الميدانية المتعلقة بإنتاج الغاز، وتُعد هذه التقنية من أكثر الحلول كفاءة وملاءمة للظروف البيئية القاسية، حيث يمكنها العمل لساعات طويلة دون انقطاع، مع ضمان الاستقرار والتوازن في تزويد الطاقة.
وأكدت أرامكو أن المشروع يأتي ضمن توجهها الاستراتيجي نحو تعزيز الابتكار في قطاع الطاقة، والحد من الانبعاثات الكربونية، من خلال تقنيات متجددة وفعّالة تُسهم في تحقيق أهداف الاستدامة الوطنية والدولية، وفي مقدمتها مستهدفات "مبادرة السعودية الخضراء" و"رؤية المملكة 2030".
ويُنتظر أن يفتح هذا الإنجاز آفاقًا واسعة أمام تطبيقات أوسع لتقنية بطاريات التدفق الحديدية في قطاعات متعددة داخل المملكة وخارجها، وخاصة في مواقع الإنتاج الصناعية أو البعيدة عن شبكات الكهرباء التقليدية، كما يُمكن أن يُسهم في تحسين موثوقية الطاقة في المشاريع المستقبلية، خاصة تلك التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة.
من جهة أخرى، أشار خبراء في قطاع الطاقة إلى أن استخدام بطاريات تدفق الحديد والفاناديوم يُعد نقلة نوعية مقارنة بالبطاريات التقليدية من نوع الليثيوم أيون، لما تتمتع به من قدرة أعلى على تخزين الطاقة لفترات أطول، ومرونة في الاستخدام، فضلًا عن كونها أكثر أمانًا وأقل تأثرًا بتغير درجات الحرارة أو تقلبات الأحمال التشغيلية.
ويعكس هذا المشروع تميز أرامكو في تطوير حلول تقنية مبتكرة قائمة على البحث والتطوير، واستثمارها في الشراكات العالمية لتحقيق نتائج ميدانية ملموسة، كما يسلّط الضوء على مكانة المملكة العربية السعودية كمركز إقليمي وعالمي في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة.
ويُنتظر أن يشكّل هذا المشروع نموذجًا يُحتذى به لتطبيق أنظمة تخزين الطاقة في مناطق أخرى من المملكة، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد عالميًا بإيجاد حلول فعالة لتخزين الطاقة الشمسية والرياح، بما يسهم في دعم الشبكات الكهربائية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وتؤكد أرامكو، من خلال هذا الإنجاز، التزامها بالتحول إلى اقتصاد طاقي أكثر استدامة، وبناء مستقبل يعتمد على مزيج طاقي متوازن يجمع بين الكفاءة، والاعتمادية، والابتكار.