وزير الخارجية
فيصل بن فرحان: الدولة الفلسطينية على حدود 1967 ضرورة لتحقيق السلام
كتب بواسطة: حمادة صالح |

أكد صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية في المملكة العربية السعودية، التزام المملكة الثابت والراسخ بدعم الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، مشدداً في كلمته التي ألقاها خلال مشاركته في القمة الثانية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان، والتي عُقدت في العاصمة الماليزية كوالالمبور، على أن الحل المستدام والعادل ينبغي أن يقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، باعتباره المسار الوحيد القادر على إنهاء الصراع وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني وفقاً للقرارات الدولية ومبادرة السلام العربية، مؤكداً أن المملكة لن تدخر جهداً في دعم كافة المساعي الدولية والإقليمية التي تهدف إلى تحقيق هذا الهدف النبيل.

كما دعا سمو وزير الخارجية إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية في هذه المرحلة الحرجة، من أجل تعزيز فرص تحقيق السلام العادل، وضرورة تكثيف الجهود لدعم عمليات الإغاثة الإنسانية العاجلة في قطاع غزة، الذي يمر بظروف إنسانية صعبة تتطلب استجابة سريعة وفعالة من المجتمع الدولي، سواء على المستوى الحكومي أو من خلال المنظمات الإنسانية، وشدد سموه على أن المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – تولي اهتمامًا بالغًا بتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، وتدعم كافة الجهود الإغاثية التي تسهم في تحسين الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، داعياً إلى العمل الجاد لمعالجة التوترات السياسية القائمة التي تساهم في زعزعة الاستقرار في المنطقة.

وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية، أبرز سمو الأمير فيصل بن فرحان أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان، مشيراً إلى أن العلاقات بين الجانبين تحمل في طياتها فرصاً واعدة للتعاون في مجالات متنوعة وحيوية، تشمل القطاع المالي، والتقنيات الزراعية، وصناعة الأغذية الحلال، فضلاً عن الطاقة الخضراء والمتجددة التي تمثل ركيزة أساسية لمستقبل التنمية المستدامة في العالم، وأكد أن هذه الشراكات الاستراتيجية من شأنها أن تسهم في تنمية الاقتصادات الوطنية وتوفير فرص العمل، وتعزيز الأمن الغذائي والطاقي، ودعم التحول نحو الاقتصادات المستدامة القائمة على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا.

وأشار سموه إلى حرص المملكة، وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، على البناء على ما تحقق في إطار التعاون مع دول الآسيان، من خلال دعم المبادرات المشتركة وتفعيل البرامج الاقتصادية المتبادلة، بما يخدم مصالح الشعوب في المنطقتين، ويعزز من التكامل التجاري والاستثماري، ويواكب المتغيرات المتسارعة في الاقتصاد العالمي، وأوضح أن هناك إرادة سياسية قوية لدى الطرفين لمواصلة العمل على تطوير العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف، من خلال دعم المشاريع الاقتصادية الكبرى، وتيسير حركة التجارة والاستثمار، وتبادل الخبرات والمعرفة في المجالات ذات الأولوية.

وفي معرض حديثه عن التقدم المحرز في العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا، أوضح سمو وزير الخارجية أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين شهد نمواً ملحوظاً خلال العامين الماضيين، حيث ارتفعت نسبة التبادل التجاري بنسبة 21% منذ عام 2023، ليصل إجمالي حجم التجارة بين الجانبين إلى نحو 123 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وهو ما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية المشتركة، ويؤكد على وجود بيئة خصبة للاستثمار والتعاون في القطاعات الاستراتيجية ذات الأهمية القصوى للطرفين.

وأشار سموه إلى أن هذا النمو الاقتصادي يمثل دليلاً واضحاً على قدرة دول مجلس التعاون الخليجي ودول الآسيان على بناء علاقات اقتصادية قوية وفعالة، قائمة على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل، وأن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا التنسيق الوثيق بين القيادات السياسية في الجانبين، والدعم المستمر من الجهات المختصة في تنفيذ الاتفاقيات ومتابعة البرامج التنفيذية التي تم الاتفاق عليها منذ انطلاق التعاون المشترك في قمته الأولى بالرياض عام 2023.

وفي ختام كلمته، جدد سمو الأمير فيصل بن فرحان التأكيد على التزام المملكة العربية السعودية بنهج الحوار البناء، والتعاون الوثيق مع جميع الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم دول رابطة الآسيان، مشيراً إلى أن المملكة تسعى إلى مواجهة التحديات المشتركة بروح من المسؤولية الجماعية، والتطلع إلى المستقبل بثقة وتفاؤل، مع ضرورة العمل المشترك لتعزيز أواصر الصداقة والتعاون في مختلف المجالات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، بما يحقق الأمن والاستقرار والازدهار المستدام للجانبين، ويرفع من مستوى التنسيق والتفاهم الاستراتيجي، ويعزز من دور المنطقتين في بناء نظام عالمي أكثر عدلاً واستقراراً وشمولاً.

ويُذكر أن القمة الثانية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان تُعقد استكمالاً للمسار التعاوني الذي انطلق في قمة الرياض الأولى عام 2023، والتي أسست لمرحلة جديدة من العلاقات الإقليمية تقوم على إطار التعاون الاستراتيجي للفترة ما بين 2024 – 2028، والذي يتضمن مجموعة من الأهداف التنموية والاقتصادية والسياسية التي تسعى إلى تحقيق تكامل أوثق وتعاون أكثر شمولاً بين الدول الأعضاء، من خلال مبادرات ومشاريع استراتيجية تستجيب لمتطلبات المرحلة، وتُسهم في تعزيز مكانة الطرفين على الساحة الدولية.