حققت مدينة الملك عبدالله الطبية، التابعة لتجمع مكة المكرمة الصحي، إنجازاً طبياً جديداً يضاف إلى سجلها المشرّف في مجال الرعاية الصحية التخصصية، وذلك بعد نجاح فريقها الطبي في إجراء عملية دقيقة لاستئصال الرحم والعقد اللمفاوية لمريضة تبلغ من العمر اثنتين وستين عاماً باستخدام التقنية الروبوتية المتقدمة، حيث كانت المريضة تعاني من سرطان الرحم إضافة إلى إصابتها بمرض السكري من النوع الثاني، وهو ما جعل حالتها من الحالات المعقدة التي تتطلب تدخلاً جراحياً دقيقاً يتم بحذر وبأقل قدر ممكن من المضاعفات، وهو ما تحقق بالفعل من خلال هذا الإنجاز الذي عكس كفاءة الكوادر الطبية وقدرتها على التعامل مع مثل هذه التحديات الطبية الدقيقة.
وقد استغرقت العملية ثلاث ساعات فقط، وتم تنفيذها بدقة متناهية من قبل الفريق الطبي المختص، ما أسهم بشكل مباشر في تقليل احتمالات حدوث المضاعفات التي غالباً ما تصاحب هذا النوع من الجراحات، خاصة لدى المرضى المصابين بالأمراض المزمنة مثل السكري، كما أن الاعتماد على التقنية الروبوتية ساعد على تسريع وتيرة التعافي، حيث غادرت المريضة المستشفى خلال أقل من أربع وعشرين ساعة بعد الجراحة، وهو أمر يعكس التطور الكبير في مستوى الخدمات الطبية المقدمة وقدرة المدينة الطبية على تقديم رعاية نوعية عالية الجودة تواكب أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
وأوضح تجمع مكة المكرمة الصحي أن الجراحة تم تنفيذها باستخدام أحد أحدث الأنظمة الروبوتية الجراحية المعتمدة عالمياً، والذي يتميز بدقته العالية وقدرته المتقدمة على الوصول إلى المناطق الدقيقة والمعقدة في جسم الإنسان، دون أن يُلحق أضراراً بالأنسجة المحيطة بالمنطقة المصابة، كما يتيح هذا النظام إمكانية التحكم الدقيق في الأدوات الجراحية، مما يقلل بشكل كبير من حجم النزيف أثناء الجراحة ويخفف من الألم بعد العملية، وهي مميزات فارقة تجعل من التقنية الروبوتية خياراً مثالياً للجراحات المعقدة، خاصة في الحالات التي تعاني من ظروف صحية خاصة تتطلب تقنيات دقيقة لتقليل المضاعفات.
وأكد التجمع أن تكامل الفريق الطبي كان من العوامل الأساسية التي ساهمت في نجاح هذه العملية الدقيقة، حيث قاد الفريق استشاري جراحة الأورام النسائية الدكتور ثامر بن غرم الله الغامدي، بمشاركة عدد من الأطباء والفنيين من تخصصات متعددة، إلى جانب فريق التخدير والتمريض، والذين أظهروا مستوى عالٍ من التنسيق والجاهزية، سواء قبل العملية من خلال التحضيرات الدقيقة، أو أثناء التنفيذ الجراحي الذي تم بسلاسة عالية، وكذلك بعد العملية من خلال المتابعة الطبية الدقيقة للحالة، والتي أثمرت عن استقرار سريع في الوضع الصحي للمريضة وخروجها من المستشفى في وقت قياسي.
ويمثل هذا النوع من الجراحات باستخدام الروبوتات نقلة نوعية كبيرة في مسار تطوير الرعاية الصحية التخصصية داخل المملكة، حيث تُعد الجراحات الروبوتية من أبرز ما توصلت إليه التكنولوجيا الطبية الحديثة، لما توفره من دقة عالية وتقليل كبير للمضاعفات المحتملة، بالمقارنة مع الجراحات التقليدية التي تتطلب شقوقاً أكبر وتؤدي إلى فقدان دم أكثر وتستلزم فترات تعافٍ أطول، كما أن الجراحة الروبوتية تقلل من احتمالات العدوى بعد العملية، وتخفف من شدة الألم الناتج عنها، وتترك ندوباً أقل، نظراً لاعتمادها على شقوق صغيرة جداً تتيح الوصول الفعال إلى مناطق يصعب التعامل معها جراحياً في الحالات الاعتيادية.
ويُعد هذا الإنجاز دليلاً على التقدم السريع الذي تشهده مدينة الملك عبدالله الطبية في مجال تبني وتطبيق أحدث ما توصلت إليه التقنية الطبية لخدمة المرضى، كما يعكس التزام المدينة برسالتها الصحية المتمثلة في تقديم خدمات رعاية صحية متقدمة، تراعي أعلى معايير الجودة العالمية، وتسعى إلى مواكبة التحولات الكبرى التي يشهدها القطاع الصحي الوطني ضمن رؤية المملكة 2030، التي تستهدف رفع كفاءة القطاع الصحي، وتحسين جودة الحياة، وتوسيع نطاق الوصول إلى خدمات رعاية متخصصة لجميع أفراد المجتمع، من خلال توظيف الكوادر المؤهلة واستخدام أحدث التقنيات الطبية المتاحة.
ويُشار إلى أن مدينة الملك عبدالله الطبية، وبفضل ما تمتلكه من إمكانات بشرية وتجهيزات طبية وتقنية متقدمة، أصبحت واحدة من أبرز المراكز الصحية المتخصصة على مستوى المملكة، وتُعد مركزاً مرجعياً للكثير من الحالات المعقدة في تخصصات متعددة، من بينها أمراض القلب، والأورام، والجراحات المتقدمة، والعناية الحرجة، مما يعكس مكانتها الريادية في تقديم الرعاية الصحية التخصصية، ويؤكد قدرتها على تحقيق نجاحات متتالية في مجالات متعددة، تجعل منها نموذجاً يُحتذى في مجال الرعاية الطبية المتقدمة.
ولا شك أن هذا النوع من الإنجازات يُعد محفزاً كبيراً للكوادر الطبية والفنية لمواصلة العمل على تطوير مهاراتهم وتحديث معرفتهم، كما يعكس ثقة المرضى وذويهم في مستوى الرعاية المقدمة داخل المدينة، ويؤكد أن استثمار المملكة في الصحة ليس مجرد توسعة في المباني والمرافق، بل يشمل كذلك تطوير المهارات وتوطين التقنية، وتحفيز الابتكار، وتقديم أفضل تجارب الرعاية الصحية للمرضى في بيئة متكاملة وآمنة وإنسانية.