برقمين تاريخيين.. الدوسري يتوّج مسيرته في دوري المحترفين
برقمين تاريخيين.. الدوسري يتوّج مسيرته في دوري المحترفين
كتب بواسطة: محمد خالد | الثلاثاء، 27 مايو 2025 , 22:27 مساءً

سجّل النجم السعودي سالم الدوسري اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ دوري المحترفين السعودي، بعدما تمكّن من تحطيم رقمين قياسيين دفعة واحدة، ليواصل مسيرته اللافتة كلاعب مؤثر وقيادي في صفوف فريقه الهلال، وأحد أبرز الأسماء في تاريخ الكرة السعودية المعاصر، ويأتي هذا الإنجاز في توقيت حاسم من الموسم، ليؤكد مجددًا أن الدوسري ليس مجرد لاعب موهوب، بل حالة فريدة من التميز والاحتراف والقدرة على الحسم في اللحظات الكبيرة.

الدوسري، الذي بات رمزًا للولاء والاستمرارية مع الهلال، استطاع أن يصبح اللاعب السعودي الأكثر تسجيلًا للأهداف في تاريخ دوري المحترفين، متفوقًا على أسماء بارزة سبقته في قائمة الهدافين المحليين، بعدما رفع رصيده التهديفي إلى رقم قياسي جديد، ولم يكن الوصول إلى هذه القمة وليد الصدفة، بل نتيجة سنوات من العمل المتواصل، والتطور التكتيكي، والانضباط الذاتي داخل وخارج الملعب.

أما الإنجاز الثاني الذي دوّنه في سجلات التاريخ، فهو مشاركته في أكبر عدد من المباريات كلاعب ميداني في دوري المحترفين، متجاوزًا الرقم السابق الذي ظل صامدًا لسنوات، ويعكس هذا الرقم حجم الثقة التي يحظى بها الدوسري من المدربين المتعاقبين على الفريق، إضافة إلى جاهزيته البدنية الدائمة، وقدرته على الحفاظ على مستواه الفني عبر أكثر من عقد من الزمن، وبذلك، يُثبت النجم الهلالي أنه أحد أكثر اللاعبين استمرارية وثباتًا في الأداء، وهو أمر نادر في مشهد كروي سريع التغيّر.

وبعيدًا عن الأرقام المجردة، فإن ما يميّز سالم الدوسري هو تأثيره المباشر في نتائج فريقه، سواء بتسجيل الأهداف أو صناعتها، أو من خلال أدائه القيادي في أرضية الملعب، وقد اعتادت جماهير الهلال والمنتخب الوطني على رؤيته حاضرًا في المناسبات الكبرى، يسجّل في النهائيات، ويحسم المواجهات الصعبة، ويُلهب المدرجات بلمساته الحاسمة التي لطالما أنقذت الفريق في لحظات فارقة.

الدوسري، المولود عام 1991، بدأ مسيرته مع الهلال منذ أكثر من 13 عامًا، وتدرّج في صفوفه حتى بات أحد أعمدته الأساسية، وصاحب البصمة الواضحة في جميع بطولاته الأخيرة، ويحسب له أنه لم يتأثر بالتحولات التي طرأت على الفريق من حيث تغيير المدربين، أو دخول نجوم أجانب كبار، بل نجح في التكيّف والاستمرار كعنصر لا غنى عنه في التشكيلة الأساسية، وقد أصبح مع مرور الوقت نموذجًا للاعب السعودي المحترف، الذي يجمع بين الموهبة والانضباط.

تجربة الدوسري القصيرة مع فياريال الإسباني عام 2018 منحته بُعدًا إضافيًا من النضج الفني، رغم أنها لم تدم طويلًا، إلا أن اللاعب استفاد منها في تطوير فكره الكروي، والاحتكاك مع مدرسة مختلفة في أسلوب اللعب، وهو ما انعكس لاحقًا على أدائه، إذ أصبح أكثر نضجًا في اتخاذ القرار داخل الملعب، وأكثر هدوءًا في التعامل مع الضغط الجماهيري والإعلامي.

على مستوى المنتخب السعودي، يظل هدف الدوسري في شباك الأرجنتين بكأس العالم 2022 لحظة لا تُنسى في تاريخ الكرة السعودية، حيث قاد الأخضر لتحقيق واحدة من أكبر مفاجآت البطولة، وأثبت أن اللاعب المحلي قادر على التألق عالميًا إذا توفرت له الظروف المناسبة، وقد عزز هذا الهدف مكانة الدوسري كنجم جماهيري لا يختلف عليه اثنان، وصاحب لقطات خالدة في ذاكرة الكرة السعودية.

ومع تحطيمه للرقمين القياسيين، توالت الإشادات من الجماهير والإعلام الرياضي، الذين اعتبروا ما حققه الدوسري تتويجًا لمسيرة حافلة بالعطاء، ودليلًا على أهمية الاستمرارية والالتزام في مسيرة اللاعب، كما حفّز هذا الإنجاز الكثير من اللاعبين الشباب في الأندية السعودية للسير على خطاه، وتقديم مستويات تليق باسم الدوري السعودي الذي يشهد تطورًا كبيرًا على جميع الأصعدة.

إدارة الهلال بدورها حرصت على تكريم اللاعب، وأشادت بما وصفته "بأيقونة الفريق"، مؤكدة أن ما يقدمه سالم يتجاوز كونه مجرد لاعب في التشكيلة، بل هو رمز للقيم الهلالية، ومصدر إلهام للأجيال القادمة، وقد تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع توثق لحظات احتفال الجماهير مع اللاعب، إلى جانب كلمات الدعم التي انهالت عليه من نجوم سابقين وحاليين في الملاعب السعودية والعربية.

وفي الوقت الذي تواصل فيه الأندية السعودية دعمها للمواهب المحلية، يأتي إنجاز سالم الدوسري كأبلغ رسالة على أن النجم المحلي قادر على صنع التاريخ في دوري بات يزخر بالنجوم العالميين، وأن الإرادة، والمثابرة، والانتماء للنادي، تظل مفاتيح النجاح المستدام، مهما تغيّرت الظروف وتعددت التحديات.