مستشفى الملك فهد
بطاقم سعودي وتقنية حديثة.. قسطرة طارئة تعيد الحياة لحاجة نيجيرية
كتب بواسطة: فهد احمد |

يشكّل نظام الرعاية العاجلة، أحد مكونات نموذج الرعاية الصحية السعودي الحديث، ركيزة أساسية في الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المقدمة، لا سيما في موسم حج 1446هـ، حيث تتوافد أعداد غفيرة من ضيوف الرحمن من مختلف دول العالم، ويُعد توفير رعاية صحية طارئة وآمنة لهم من أبرز التحديات التي تعمل وزارة الصحة السعودية وتجمعاتها الصحية على مواجهتها بكفاءة عالية وتجهيزات متطورة.

وفي مشهد يعكس التكامل بين الجاهزية الطبية العالية والسرعة في الاستجابة، تمكّن فريق طبي متخصص في الأشعة التداخلية بمستشفى الملك فهد – أحد مكونات تجمع المدينة المنورة الصحي – من إنقاذ حاجة نيجيرية من خطر داهم كاد أن يُفقدها حياتها، وذلك إثر إصابتها بجلطات رئوية حادة تسببت لها في ضيق شديد بالتنفس وإجهاد في القلب، وهو ما استدعى تدخلاً عاجلًا باستخدام تقنية حديثة ومتطورة لسحب الجلطات الرئوية عبر القسطرة التداخلية.

وقد أوضح تجمع المدينة المنورة الصحي أن الحاجة وصلت إلى قسم الطوارئ وهي تعاني من صعوبة شديدة في التنفس، إضافة إلى تغيرات ملحوظة في العلامات الحيوية، ما تطلب تنويمها بشكل فوري في قسم العناية المركزة، وبدء سلسلة من الفحوصات الدقيقة التي شملت أشعة مقطعية متقدمة على الصدر، كشفت عن وجود جلطات دموية كبيرة في الشرايين الرئوية، وهي حالة تستلزم تدخلاً عاجلًا لتفادي مضاعفات قد تصل إلى توقف القلب أو الوفاة.

ولم يتأخر الفريق الطبي المختص في اتخاذ القرار المناسب، حيث باشر فريق الأشعة التداخلية بإجراء قسطرة عاجلة باستخدام تقنية متقدمة تُستخدم في سحب الجلطات الرئوية دون الحاجة إلى تدخل جراحي تقليدي، وهي تقنية تتطلب مهارة عالية وتوفّر معدات دقيقة وحديثة.

وقد نُفّذت العملية في وقت قياسي، تكللت بالنجاح التام دون تسجيل أي مضاعفات تُذكر، مما أدى إلى تحسن سريع في حالة المريضة واستقرار علاماتها الحيوية، حتى غادرت المستشفى بعد أيام قليلة بكامل عافيتها لاستئناف مناسك الحج.

ويؤكد هذا الإنجاز الطبي حجم التطور الذي تشهده منظومة الرعاية الصحية في المملكة، لاسيما في مواسم الحج التي تتطلب تنسيقًا عالي المستوى بين مختلف القطاعات الصحية والطبية.

كما يسلط الضوء على الكفاءة العالية للكوادر الطبية الوطنية، والدور الريادي الذي تلعبه التخصصات الدقيقة، مثل الأشعة التداخلية، في تقديم حلول طبية سريعة وفعالة لحالات خطرة كانت في السابق تتطلب إجراءات أكثر تعقيدًا.

ويعد مستشفى الملك فهد في المدينة المنورة من المنشآت الطبية الرائدة التي تحتضن تقنيات طبية حديثة وتخصصات دقيقة في شتى مجالات الطب، بما فيها الطوارئ، الرعاية الحرجة، وأقسام الأشعة التشخيصية والتداخلية، ما يجعله نقطة ارتكاز مهمة في خطة الرعاية العاجلة للحجاج والزوار القادمين للمدينة المنورة خلال موسم الحج.

كما أن نظام الرعاية العاجلة الذي تطبقه وزارة الصحة السعودية يُمثل نقلة نوعية في المفهوم العام للخدمة الصحية، حيث يعتمد على سرعة الاستجابة، وتوزيع مراكز الخدمة وفق الأولويات الجغرافية والزمانية، وضمان التنقل السريع بين المستويات الطبية المختلفة حسب حالة المريض، وهو ما انعكس بوضوح في تجربة هذه الحاجة، التي تم تشخيص حالتها بدقة، وتحويلها إلى الفريق المختص، ثم علاجها بنجاح في زمن قياسي.

ولا تقتصر أهمية هذا الإنجاز على الحالة الفردية، بل يُعد شاهدًا حيًا على ما وصلت إليه المملكة من تقدم في قطاعها الصحي، وتحديدًا في إدارة الحشود وتوفير خدمات صحية عاجلة وعالية الجودة في بيئة مزدحمة كالمشاعر المقدسة، وهو ما يتطلب جاهزية استثنائية واستثمارًا ضخمًا في التجهيزات والكوادر، وتدريبًا مستمرًا لضمان أفضل استجابة لكل طارئ.

وفي النهاية، تأتي مثل هذه القصص الملهمة لتجسد الجهود الكبيرة التي تُبذل في سبيل تقديم الرعاية المتكاملة لضيوف الرحمن، وتؤكد أن الصحة في المملكة باتت نموذجًا يحتذى في الطوارئ والتخصصات الدقيقة، وميدانًا تتلاقى فيه التقنية مع الإنسانية لإنقاذ الأرواح وتمكين الحجاج من أداء مناسكهم بسلام وأمان.