في إطار الجهود المتكاملة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لخدمة ضيوف الرحمن وتوفير أعلى معايير التنظيم والسلامة خلال موسم الحج، تواصل الجهات المختصة أعمالها الميدانية في منطقة "المربع" بالعاصمة المقدسة، حيث باشرت فرق متنقلة تنفيذ مهام نوعية للتعرف على مجهولي الهوية والتعامل مع الحالات الإنسانية والطارئة، بالتزامن مع استقبال أكثر من 1.4 مليون حاج قادمين من خارج المملكة.
هذه الفرق، التي تم تجهيزها بكفاءات بشرية مؤهلة وتقنيات متقدمة، تسهم بدور محوري في حفظ الأمن الاجتماعي والإنساني في أحد أكثر المواسم ازدحامًا على مدار العام، وقد تم تكليفها بمهام دقيقة تشمل التعرف على الأشخاص المجهولي الهوية أو فاقدي الوثائق، والتعامل مع البلاغات الميدانية التي قد ترد من مواقع سكن الحجاج أو المناطق المحيطة بالحرم، ما يسهم في تعزيز منظومة الأمن الإنساني وتقديم الرعاية اللازمة للمحتاجين.
ويُعد مركز "المربع" من أبرز مراكز القيادة والسيطرة الميدانية التي تعمل تحت إشراف الجهات الأمنية والخدمية، ويشكل نقطة ارتكاز في إدارة العديد من العمليات المساندة، مثل استقبال الحجاج، ومتابعة تحركاتهم، وضمان سلامتهم في مواقع السكن، والتنقل، والفرز، ويستفيد المركز من الدعم الكبير الذي توفره الدولة في مجال التحول الرقمي، حيث تُدار كثير من العمليات باستخدام قواعد بيانات متطورة وأنظمة ذكية للتعرف على الهوية والتواصل الفوري.
وبالتزامن مع هذا الحراك التنظيمي، أعلنت الجهات المختصة أن عدد الحجاج القادمين من خارج المملكة حتى الآن تجاوز 1.4 مليون حاج، في مؤشر واضح على حجم الاستعدادات التي تم وضعها لهذا الموسم، وقد تمت عمليات الاستقبال والفرز في المنافذ الجوية والبحرية والبرية بكفاءة عالية، وجرى توجيه الحجاج إلى مواقع سكنهم وفق خطط مسبقة تضمن سهولة الوصول وسرعة التسكين.
ويخضع الحجاج القادمون من الخارج لإجراءات دقيقة تشمل التأكد من استيفاء جميع الشروط الصحية، والتدقيق في بيانات الدخول، وتوفير خدمات إرشادية بعدة لغات لمساعدتهم على التعرف على الأنظمة والتعليمات المحلية، وتسهيل اندماجهم في المنظومة الخدمية التي تمتد من لحظة وصولهم وحتى مغادرتهم بعد أداء المناسك، وقد شهدت منافذ الوصول هذا العام تطويرًا ملحوظًا في مستوى الخدمات التقنية والتسهيلات اللوجستية، ما انعكس إيجابًا على انسيابية الدخول وسرعة الإجراءات.
في الوقت ذاته، تواصل فرق "المربع" المتنقلة مهامها على مدار الساعة في جميع أحياء مكة المكرمة والمناطق المحيطة، حيث تنسق مع الجهات الصحية والاجتماعية والأمنية لمعالجة أي حالة قد تظهر، سواء كانت تتعلق بفقدان الوثائق أو الوعي أو الحاجة للرعاية الإنسانية، وتحرص الفرق على التعامل مع هذه الحالات بأعلى درجات الاحترافية والرحمة، في ترجمة فعلية لتوجيهات القيادة الرشيدة التي تضع خدمة الحاج على رأس الأولويات.
وقد أشاد العديد من المتابعين والمراقبين المحليين والدوليين بحجم التنظيم والدقة التي تشهدها العمليات الميدانية هذا العام، معتبرين أن ما تقوم به المملكة من جهود إنسانية ولوجستية وتنظيمية يعكس نموذجًا فريدًا في إدارة الحشود الضخمة بكفاءة واقتدار، كما أشاروا إلى أن وجود فرق مخصصة للتعامل مع المجهولين، ودمجها في منظومة متكاملة من العمل، يمثل خطوة رائدة في رفع مستوى الأمان والرعاية خلال موسم الحج.
ومع استمرار توافد الحجاج من مختلف دول العالم، يُتوقع أن تتسع دائرة العمل الميداني في الأيام المقبلة، لتشمل مزيدًا من المبادرات الموجهة، والجهود الميدانية في مناطق الإقامة والنقل والتغذية والرعاية الصحية، وتؤكد الجهات المنظمة أنها على استعداد تام للتعامل مع أي طارئ، بفضل تكامل الأدوار بين مختلف القطاعات، ووجود فرق احتياطية على أهبة الاستعداد.
وفي ظل هذا الزخم الكبير، تبرز "المربع" كأحد النماذج الميدانية الناجحة في تنظيم وتنسيق الخدمات الموسمية، بما يضمن لحجاج بيت الله الحرام أداء نسكهم في أمن وطمأنينة، وتحت مظلة رعاية شاملة تتجاوز المفهوم التقليدي للخدمة إلى بُعد إنساني متكامل.