سوار ذكي لرجال الأمن يعزز السلامة خلال موسم الحج
سوار ذكي لرجال الأمن يعزز السلامة خلال موسم الحج
كتب بواسطة: هلال الحداد |

أطلقت الجهات الأمنية في المملكة العربية السعودية مبادرة تقنية جديدة تُجسّد التقدم المتسارع في التحول الرقمي لأنظمة السلامة والرعاية خلال موسم الحج، عبر تزويد رجال الأمن العاملين في المشاعر المقدسة بـ "سوار طبي ذكي"، يعزز أداءهم الصحي والمهني على مدار الساعة، ويُعد هذا السوار نموذجًا متقدمًا للتكامل بين الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، ويوفر مراقبة صحية آنية لرجال الأمن أثناء تأديتهم مهامهم في الظروف المناخية والإنسانية الصعبة التي تتطلب أقصى درجات التركيز والجهد البدني.

السوار الذي جرى تطويره بالتعاون مع عدد من الجهات التقنية والطبية المحلية، يعمل على رصد مؤشرات حيوية دقيقة مثل معدل نبض القلب، ودرجة حرارة الجسم، ومستوى الأوكسجين في الدم، إلى جانب تتبع مستويات الإجهاد الجسدي والإنهاك المحتمل، ويتم إرسال هذه البيانات في الوقت الحقيقي إلى غرفة عمليات مركزية، تقوم بتحليلها عبر أنظمة ذكية قادرة على التنبؤ بأي خلل صحي أو تراجع في المؤشرات الحيوية، ما يمكّن الفرق الطبية من التدخل السريع في اللحظة المناسبة.

توظيف هذه التقنية المتطورة لا يقتصر فقط على الرصد، بل يتجاوزه إلى تقديم حلول وقائية مدروسة، حيث يرسل السوار تنبيهات فورية لرجل الأمن نفسه، في حال اقتربت حالته الصحية من حدود الخطر، مع اقتراحات بإجراء راحة قصيرة أو شرب الماء أو التوجه إلى أقرب نقطة طبية، ويعزز هذا النوع من التفاعل اللحظي من السلامة المهنية، ويرفع من كفاءة الاستجابة الذاتية، خصوصًا في بيئة عمل تتسم بالكثافة البشرية والتحديات المناخية الحادة.

من ناحية أخرى، يسهم السوار في دعم صُنّاع القرار الميداني من خلال تزويدهم بقراءات جماعية عن حالة فرق العمل، بما يتيح إعادة توزيع المهام، أو تعديل الجداول الزمنية بناءً على الجاهزية الصحية للفرق، مما يضمن استدامة الأداء دون الوقوع في أزمات صحية مفاجئة، كما يساعد هذا التحليل الجماعي على بناء نماذج مستقبلية لتحسين توزيع الموارد البشرية في المواسم المقبلة، ما يعزز من استمرارية التطوير والتحسين في إدارة موسم الحج.

وتأتي هذه الخطوة ضمن حزمة مبادرات متقدمة تنفذها الأجهزة الأمنية بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة الصحة، في إطار التحول الرقمي الشامل الذي تشهده خدمات الحج، حيث يشكّل الإنسان — وتحديدًا رجل الأمن — محور هذه الاستراتيجيات، لكونه الجهة المنفذة والضامنة لأمن وسلامة الحشود، ويرى مراقبون أن إدخال الذكاء الاصطناعي في هذه المسارات يمثل نقلة نوعية في التعامل مع التحديات الصحية التي قد تعيق الجاهزية الأمنية.

ويجمع السوار الذكي بين تصميم عملي قابل للارتداء بسهولة، ومتانة تجعله مناسبًا للظروف الميدانية القاسية، كما أنه مزوّد ببطارية طويلة الأمد وتقنية مقاومة للماء والغبار، بما يضمن استمرارية عمله طوال ساعات العمل المتواصلة، وقد خضع السوار لاختبارات ميدانية مكثفة قبل اعتماده رسميًا، أثبت خلالها فاعلية كبيرة في التنبؤ بالحالات الصحية الطارئة وتقليل نسب الغياب المفاجئ بين عناصر الأمن.

وتعكس هذه المبادرة رؤية المملكة في جعل موسم الحج مساحة لتطبيق أحدث ما توصلت إليه التقنية في خدمة الإنسان، لا سيما أن رجال الأمن يؤدون أدوارًا متعددة تتراوح بين التنظيم والحماية والمساندة الميدانية، ومثل هذا الابتكار يسهم في رفع جاهزيتهم، وتقليل مستويات الإرهاق الجسدي والنفسي، مما ينعكس مباشرة على جودة الخدمة المقدمة للحجاج، وعلى انسيابية الأداء الأمني في واحدة من أكثر الفعاليات البشرية تنظيمًا وتعقيدًا.

ويؤكد المختصون أن استخدام إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي في الجانب الصحي المهني يعد تطورًا طبيعيًا لمسيرة التحول الرقمي الذي تشهده المملكة، خصوصًا في قطاع الأمن والسلامة، مشيرين إلى أن هذه الحلول لم تعد ترفًا بل ضرورة ميدانية، في ظل ارتفاع سقف التوقعات، وكثرة المتغيرات البيئية والسلوكية التي تصاحب موسم الحج، ومن المتوقع أن تتوسع هذه المبادرات في المواسم القادمة لتشمل قطاعات خدمية أخرى مثل الكشافة، والإسعاف، والفرق التطوعية، وغيرها.