في إطار جهوده الإنسانية المستمرة ودوره الريادي في دعم الأمن الغذائي وتحقيق الاستقرار المعيشي في الدول المتضررة، دشن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مشروع توزيع لحوم الأضاحي في أربع محافظات يمنية، وذلك ضمن برنامج متكامل يهدف إلى التخفيف من معاناة آلاف الأسر المتضررة من الحرب وتداعيات الأزمة الإنسانية المستمرة في البلاد.
ويأتي المشروع ضمن حملة "الأضاحي" الموسمية التي ينفذها المركز سنويًا في عدد من الدول المستهدفة، ويشمل توزيع لحوم الأضاحي على الأسر الأشد احتياجًا، خصوصًا النازحين داخليًا، والأرامل، والأيتام، وذوي الاحتياجات الخاصة، ويُنفّذ المشروع لهذا العام في كل من محافظات عدن، ومأرب، والضالع، وحضرموت، وهي مناطق تشهد تكدسًا في أعداد الأسر المحتاجة وارتفاعًا في نسب الفقر.
وقد أشرف فريق ميداني متخصص من مركز الملك سلمان على عمليات الذبح والتجهيز والتوزيع، بالتعاون مع عدد من الشركاء المحليين والمنظمات المجتمعية، لضمان إيصال اللحوم إلى المستفيدين بصورة منظمة وآمنة وفقًا لمعايير الصحة والسلامة الغذائية، وكذلك بما يتماشى مع الضوابط الشرعية لأحكام الأضحية.
وصرّح مدير مكتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن أن هذا المشروع يأتي امتدادًا لحزمة من المبادرات الموسمية التي يحرص المركز على تنفيذها سنويًا، تماشيًا مع دوره في تخفيف حدة الأزمات الإنسانية في اليمن، مؤكدًا أن المشروع يستهدف توزيع أكثر من 5,000 أضحية خلال أيام عيد الأضحى، لتصل إلى نحو 30,000 مستفيد مباشر.
وتشمل العملية اللوجستية توزيع اللحوم المبردة في عبوات مخصصة للحفاظ على سلامتها، مع مراعاة الظروف البيئية في المناطق المستهدفة، كما يتضمن البرنامج تقديم رسائل توعوية حول النظافة والتعامل الآمن مع المواد الغذائية، بهدف رفع الوعي الصحي لدى المستفيدين، لا سيما في ظل ضعف البنية الصحية وانتشار بعض الأوبئة الموسمية في عدد من المناطق اليمنية.
وقد لقي المشروع ترحيبًا واسعًا من قبل السكان المحليين والسلطات المحلية، الذين عبروا عن تقديرهم لهذه المبادرة الإنسانية التي تأتي في توقيت حساس، حيث تعيش آلاف الأسر أوضاعًا معيشية صعبة بسبب النزاع المستمر وتراجع المؤشرات الاقتصادية، إلى جانب ضعف قدرة المؤسسات المحلية على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.
وتُعد محافظتا مأرب وعدن من أبرز المناطق التي تشهد توافد أعداد كبيرة من النازحين، وهو ما جعل المشروع يحظى بأهمية خاصة هناك، إذ خُصصت كميات كبيرة من اللحوم للأسر المقيمة في مخيمات النزوح والمناطق العشوائية التي تعاني من نقص في المواد الغذائية الأساسية، وسط جهود تُبذل لضمان العدالة في التوزيع وتجنب أي ازدواج في الاستحقاقات.
من جهة أخرى، أوضح بيان المركز أن المشروع يُنفّذ في ظل رقابة صارمة تضمن الشفافية والمصداقية، بدءًا من اختيار الأضاحي وفق المواصفات الشرعية والصحية، وانتهاءً بآليات التوزيع التي تعتمد على قواعد بيانات محدثة للمستفيدين، أُعدّت بالتنسيق مع السلطات المحلية وممثلي المجتمع المدني، بما يضمن وصول الأضاحي إلى مستحقيها دون تأخير أو تجاوز.
وفي هذا الإطار، شدد المركز على التزامه بمواصلة جهوده الإنسانية في اليمن، والتي تشمل قطاعات متعددة كالأمن الغذائي، والصحة، والتعليم، والمياه، والإصحاح البيئي، مشيرًا إلى أن إجمالي المشاريع الإنسانية والإغاثية التي نفذها في اليمن حتى منتصف 2025 تجاوز 800 مشروع، بتكلفة تزيد عن 4.2 مليار دولار، وهو ما يجعل المملكة العربية السعودية في صدارة الدول المانحة والداعمة للشعب اليمني.
ويأتي مشروع الأضاحي كواحد من برامج المركز التي تُراعي الخصوصية الثقافية والدينية للمجتمعات المستفيدة، عبر تحويل الشعائر الموسمية إلى فرصة لتكريس معاني التكافل والتراحم، لا سيما في المجتمعات المنكوبة، حيث يكون للحوم الأضاحي أثر مباشر في إدخال البهجة إلى قلوب الأسر التي لا تتمكن من الحصول على اللحوم سوى في مثل هذه المناسبات.
وفي ختام حفل التدشين الرمزي الذي أقيم في محافظة عدن، أعرب عدد من المستفيدين عن سعادتهم بالمشروع، وقدموا شكرهم لمركز الملك سلمان والمملكة العربية السعودية على دعمهم المتواصل، الذي لم ينقطع في أصعب الظروف، مؤكدين أن هذه المساعدات لا تعني فقط توفير الغذاء، بل تمنحهم شعورًا بالأمل والانتماء إلى مجتمع دولي لا يزال يتفاعل مع معاناتهم.