عبد الله جاد كريم
عبد الله جاد كريم: المملكة تُعزز شمولية الخدمة لضيوف الرحمن من الأقليات
كتب بواسطة: احمد باشا |

في إطار سعي المملكة العربية السعودية الدائم للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وتوسيع نطاق العناية بالحجاج من مختلف أنحاء العالم، كشف المدير التنفيذي لبرنامج الحج المباشر عبد الله جاد كريم، عن ملامح هذه المبادرة النوعية التي أطلقتها وزارة الحج والعمرة بهدف تجويد تجربة الحاج القادم من الدول التي لا تتمتع ببعثات حج رسمية، ولا سيما تلك التي يشكل فيها المسلمون أقليات دينية، وأكد أن البرنامج جاء استجابة لحاجة متنامية لرعاية هذه الفئة من الحجاج، الذين ينتمون إلى أكثر من 126 دولة حول العالم، لا يتوافر لهم الإسناد التنظيمي الكافي خلال أداء مناسكهم، بسبب ظروف بلدانهم، سواء من ناحية التمثيل الرسمي أو ضعف الإمكانات المحلية الخاصة بإدارة شؤون الحجاج.

وأوضح المدير التنفيذي أن برنامج الحج المباشر يمثل إحدى الركائز المهمة في استراتيجية الوزارة لتحقيق شمولية الخدمة، وتمكين جميع المسلمين من أداء الشعائر في بيئة منظمة وآمنة، دون تمييز أو قصور في الرعاية، مشيرًا إلى أن إطلاق هذا البرنامج يعكس التزام المملكة برسالتها الإسلامية والدولية في خدمة الحرمين الشريفين، ويترجم في الوقت ذاته مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تضع تجربة الحاج في صلب أولوياتها، سواء من خلال المبادرات التقنية والتنظيمية، أو عبر تفعيل منظومات الدعم اللوجستي والإنساني على مستوى عالمي.

وأشار إلى أن البرنامج بُني وفق أسس مهنية دقيقة تأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الخاصة لحجاج الدول ذات الأقليات الإسلامية، حيث تم تطوير آليات مرنة لتسجيلهم وإدارة شؤون قدومهم، مع الاستعانة بعدد من الشركات المعتمدة والمتخصصة التي تتولى تنظيم إجراءات السفر، والاستقبال، والإسكان، والتنقل، والتغذية، فضلًا عن توفير الترجمة والمرشدين بلغاتهم الأم، مما يمنح الحجاج من هذه الدول تجربة متكاملة خالية من التعقيدات التي قد تواجههم في ظل غياب بعثات رسمية تمثلهم.

وأكد عبد الله جاد كريم أن موسم حج هذا العام يُعد استثنائيًا من جميع الجوانب، سواء من حيث سلاسة الإجراءات التنظيمية أو يسر الخدمات المقدمة على الأرض، مشيرًا إلى أن ما تحقق من انسيابية في حركة الحجاج وتنقلاتهم، ومن جودة في الخدمات المقدمة، هو محل إشادة ليس فقط من الحجاج أنفسهم، بل كذلك من المرشدين والمرافقين والجهات الحكومية والأهلية العاملة في الميدان، وأوضح أن آليات التفويج بين المشاعر، ونقاط الفرز والدخول، والرقابة على جودة الإسكان والإعاشة، شهدت تحسنًا كبيرًا، مدعومة بتكامل تقني وعملياتي وفّر بيئة مثالية لتأدية المناسك بهدوء وسكينة.

وبيّن المدير التنفيذي أن نجاح البرنامج يرتكز على بنية تشغيلية متماسكة، حيث يتم التنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية عبر منظومة رقمية موحدة، بما في ذلك وزارة الخارجية، وهيئة الجوازات، ووزارة الداخلية، وهيئة الهلال الأحمر، ووزارة الصحة، إضافة إلى الجهات المختصة بتقديم الخدمات الميدانية، مثل شركة مطوفي الحجاج وشركات النقل، ومؤسسات الإعاشة، وأشار إلى أن هذه الشراكات تمثل العمود الفقري لاستدامة البرنامج وتحقيق أهدافه، في ظل ارتفاع أعداد الحجاج القادمين من دول غير ممثلة رسميًا.

وفيما يتعلق بتأثير البرنامج على تجربة الحاج، أوضح أن مؤشرات الرضا كانت مرتفعة بشكل لافت، وهو ما تم رصده من خلال استبيانات رقمية وفرق ميدانية مختصة، مشيرًا إلى أن الحجاج المستفيدين من برنامج الحج المباشر عبروا عن ارتياحهم الكبير للترتيبات التي سبقت رحلتهم، سواء في مرحلة ما قبل الوصول، أو أثناء تنقلهم بين المشاعر، مؤكدين أن التجربة جاءت خلافًا لما كانوا يتوقعونه من صعوبات، خاصة في ظل تنوعهم الثقافي واللغوي واختلاف خلفياتهم الجغرافية.

وأضاف جاد كريم أن من أبرز مميزات البرنامج قدرته على توظيف الحلول الرقمية لتجاوز الحواجز البيروقراطية، حيث تم ربط عملية الحجز والتسجيل وإصدار التأشيرات وتصاريح الدخول مباشرة عبر منصة "نسك"، مما أتاح سرعة إنهاء الإجراءات ومنع التكدس أو التأخير في المنافذ، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة عززت من كفاءة الأداء، وساعدت في إدارة الحشود بطريقة احترافية، متوافقة مع أعلى المعايير الدولية.

ولفت إلى أن البرنامج يُدار من قبل كوادر وطنية مؤهلة تتحدث لغات متعددة، وتُشرف على تنفيذ العمليات الميدانية بالتعاون مع شركاء دوليين ومحليين لديهم الخبرة في خدمة الحجاج، مؤكدًا أن هذا التنوع في الخبرات سهل التعامل مع الاحتياجات المتباينة للحجاج، لا سيما من ناحية التواصل، وتقديم المعلومات الدينية، والتوجيه اللوجستي، فضلاً عن الاستجابة السريعة لأي طارئ صحي أو إنساني.

وشدد على أن وزارة الحج والعمرة ماضية في تطوير البرنامج خلال السنوات القادمة، من خلال التوسع في عدد الدول المستفيدة، وتحسين الباقات الخدمية المقدمة، وإدخال مزيد من الابتكارات التقنية، بما يتناسب مع توقعات الحجاج واحتياجاتهم، وبما ينسجم مع المكانة العالمية التي تحتلها المملكة في إدارة أعقد وأكبر التجمعات البشرية السنوية.

واختتم المدير التنفيذي تصريحاته بالتأكيد على أن برنامج الحج المباشر يجسّد المعنى الحقيقي للعدالة في تقديم الخدمات، ويعزز من مفهوم أن الحج للجميع دون استثناء، وأن رعاية الحاج تبدأ من نقطة التسجيل الأولى وتنتهي مع عودته سالمًا إلى بلده، مبينًا أن ما تقوم به المملكة في هذا الصدد لا ينبع فقط من مسؤولياتها كدولة مستضيفة، بل من التزامها الديني والإنساني تجاه أمة الإسلام جمعاء.