مايكروسوفت
هل حاسوبك يتجسس عليك؟ مايكروسوفت تزرع "عينًا رقمية" تراقب كل نقرة تقوم بها!
كتب بواسطة: ليلى فهد |

أطلقت شركة مايكروسوفت دفعة جديدة من الذكاء الاصطناعي إلى سطح المكتب، بالإعلان عن ميزة "Copilot Vision" ضمن نظام ويندوز، في خطوة تعزز اندماج تقنيات الرؤية الحاسوبية في الحياة الرقمية اليومية، الميزة الجديدة تُمكّن المساعد الذكي "كوبايلوت" من رؤية الشاشة وتحليل محتواها لحظيًا، ما يمثل قفزة نوعية في آلية التفاعل بين الإنسان والحاسوب.

بحسب ما أعلنته مايكروسوفت، فإن Copilot Vision تمثل "عيونًا رقمية" إضافية للمستخدم، تراقب الشاشة وتُعالج ما يظهر عليها لتقدّم مساعدات فورية، تشمل شرح الصور، فهم العناصر داخل التطبيقات، وحتى تحليل صفحات الويب، وهي أشبه بشريك رقمي يرافقك بصمت، لكنه حاضر دائمًا عندما تحتاجه.

الميزة متاحة الآن مجانًا لمستخدمي ويندوز 10 وويندوز 11 داخل الولايات المتحدة، دون الحاجة للاشتراك في خدمة Copilot Pro، وتُعد جزءًا من برنامج Copilot Labs التجريبي الذي تختبر فيه مايكروسوفت قدرات الذكاء الاصطناعي في بيئات واقعية.

ويُفعّل المستخدم Copilot Vision من داخل تطبيق كوبايلوت عبر زر يحمل أيقونة نظارات، ثم يختار يدويًا التطبيق أو النافذة التي يرغب بمشاركتها مع المساعد الذكي، وهو ما يمنح المستخدم تحكمًا كاملاً في خصوصية تجربته، بعكس ميزة Recall المثيرة للجدل التي تلتقط صورًا للشاشة تلقائيًا.

مايكروسوفت شددت على أن Copilot Vision لا تعمل إلا بناءً على اختيار المستخدم، ولا تقوم بأي تسجيل أو تحليل إلا عند تفعيلها يدويًا، في مسعى منها لتفادي الجدل المتصاعد عالميًا حول الخصوصية وسلوك الذكاء الاصطناعي داخل الأنظمة التشغيلية.

وبحسب تجارب مبكرة للمستخدمين داخل أمريكا، أظهرت الميزة دقة مبهرة في التعرّف على محتوى الشاشة، واستجابات سريعة تتماشى مع طبيعة المهام، سواء كان المستخدم يراجع عرضًا تقديميًا، أو يتصفح موقعًا تقنيًا، أو حتى يتنقل بين أدوات التصميم.

الميزة الجديدة ليست محصورة بالحواسيب فقط، إذ تؤكد الشركة أنها متوفرة أيضًا على أنظمة iOS وأندرويد، ما يعني أن كوبايلوت بات يرافق المستخدمين عبر مختلف أجهزتهم الذكية، موفّرًا تحليلات متعددة الوسائط تدعم الاستخدام اليومي.

ومن خلال هذه الإضافة، تبدو مايكروسوفت مصمّمة على إعادة تعريف مفهوم "المساعدة الذكية"، لتنتقل من النصوص والأوامر الصوتية إلى مستوى أكثر عمقًا وتفاعلًا، عبر النظر والتحليل البصري.

هذا التطوير يأتي في سياق سباق شركات التكنولوجيا الكبرى نحو تقديم واجهات استخدام أكثر سلاسة، تعتمد على فهم السياق البصري واللغوي للمستخدم، ما يقرّب الحواسيب أكثر من قدرات الدماغ البشري في إدراك المحيط.

ورغم اقتصار الإطلاق حاليًا على الولايات المتحدة، إلا أن الشركة لمّحت إلى نيتها توسيع نطاق الميزة مستقبلًا لتشمل مناطق أخرى، استنادًا إلى نتائج التفاعل وملاحظات المستخدمين خلال الفترة التجريبية.

وتراهن مايكروسوفت على Copilot Vision لتكون حلقة وصل جديدة بين المستخدم ومساعدها الرقمي، ضمن منظومة تسعى فيها لدمج الذكاء الاصطناعي في كل طبقات التجربة التقنية، بدءًا من المكتب وانتهاءً بالجوال.

اللافت أن الشركة اختارت إطلاق الميزة مجانًا في البداية، في خطوة قد تستهدف جذب المستخدمين لاختبار الميزة والتعود عليها قبل أن تصبح جزءًا من خطة مدفوعة مستقبلًا، على غرار ما حدث مع أدوات أخرى سابقة.

بهذا الإطلاق، لا يبدو أن مايكروسوفت تكتفي بدور السباق في الذكاء الاصطناعي، بل تتقدم بخطى واثقة نحو صوغ علاقة جديدة كليًا بين الإنسان والآلة، يكون فيها الذكاء الاصطناعي ليس مجرد مساعد، بل "عينًا ثانية" تفهم وتساعد وتحلل.