السعودية
جريمة تهز الظهران.. مقتل الدكتور عبدالملك قاضي على يد عامل بقالة
كتب بواسطة: فاتن حامد |

في جريمة هزّت الرأي العام السعودي وأثارت موجة من الصدمة والحزن، كشفت مصادر مقربة من الشيخ الدكتور عبدالملك قاضي، تفاصيل جديدة حول حادثة مقتله المروعة على يد مقيم مصري في مدينة الظهران بالمنطقة الشرقية، وهي الجريمة التي كشفت عنها قناة "العربية" مؤخرًا، وأكدتها وزارة الداخلية في بيان لاحق.

وبحسب المعلومات التي أفصحت عنها المصادر، فإن القاتل كان يعمل في متجر بقالة مجاور للمجمع السكني الذي يقيم فيه الدكتور عبدالملك، وكان يقوم بتوصيل الطلبات المنزلية للسكان، ومن بينهم المغدور، الذي اضطرته ظروفه الصحية، كونه على كرسي متحرك، إلى الاعتماد على خدمات التوصيل في حياته اليومية. إلا أن ما يجعل الأمر أكثر إيلامًا أن الدكتور عبدالملك لم يكن مجرد زبون عادي، بل كان يعامل الجاني بكريم خُلقه، ويغدق عليه المال بين فترة وأخرى، مراعاة لظروفه المادية الصعبة.

تروي المصادر أن ليلة الجريمة كانت بداية سيناريو مأسوي مروّع. ففي تلك الليلة، أوهم الجاني حارس المجمع السكني بأنه يحمل طلبًا منزليًا للدكتور عبدالملك، ليتمكن من الدخول. وما إن ضغط زر جرس الشقة حتى قام الدكتور بفتح الباب بنفسه، كما اعتاد، ليُفاجأ بالمعتدي ينهال عليه بطعنات متتالية بلغ عددها عشرًا، أسقطته أرضًا غارقًا في دمائه.

لكن الجريمة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ توجه القاتل مباشرة إلى زوجة المغدور، التي هبّت لرؤية ما يحدث، وبدون تردد سدد لها أربع طعنات وسط توسلاتها المؤلمة بمنحه المال الذي يريد، إلا أنه لم يُعر تلك النداءات الإنسانية أي اهتمام.

ورغم إصابتها الخطيرة، نجحت الزوجة في إبلاغ حارس المجمع، الذي بدوره حاول التصدي للمجرم، لكنه هو الآخر تلقى عدة طعنات من الجاني، مكّنت الأخير من الفرار مؤقتًا من موقع الجريمة.

وعلى الفور، باشرت الجهات الأمنية جهودها للقبض على المجرم، الذي كان قد اتجه مباشرة إلى المطار في محاولة للهرب إلى خارج المملكة، وتحديدًا إلى بلده مصر.

إلا أن الجهات المختصة، بفضل سرعة الاستجابة والمتابعة الأمنية الدقيقة، تمكنت من القبض عليه قبل إقلاع الطائرة، وتم إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، وإحالته إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.

وأفادت وزارة الداخلية في بيان لاحق أن دوافع الجريمة تعود إلى محاولة السرقة، وأن القاتل كان يمر بضائقة مالية وديون متراكمة في بلده، ما دفعه إلى ارتكاب هذه الجريمة البشعة بدافع الحصول على المال.

ورغم وضوح الدافع المالي، إلا أن وحشية الجريمة وتفاصيلها أثارت ردود فعل غاضبة واسعة في الأوساط الاجتماعية والإعلامية.

وجرى تشييع جثمان الدكتور عبدالملك قاضي الخميس الماضي في مدينة الظهران، وسط حضور كثيف من محبيه وزملائه وطلبته، الذين عبّروا عن حزنهم العميق على فقدان قامة علمية وإنسانية نادرة.

فالراحل لم يكن مجرد أستاذ جامعي سابق في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بل كان عالمًا جليلًا في علوم الحديث النبوي، وله عدد من المؤلفات الشرعية التي تركت أثرًا واضحًا في الأوساط الأكاديمية والدعوية.

ولم يكن الدكتور عبدالملك معروفًا بعلمه فقط، بل بسيرته العطرة وأخلاقه الرفيعة وتعامله الإنساني مع الجميع، صغيرًا كان أم كبيرًا، قريبًا أم غريبًا. ما جعل خبر مقتله على يد شخص منحه الثقة والمال، مأساة حقيقية هزت القلوب قبل أن تهز العناوين.

وقد طالب عدد من المغردين والنشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي بضرورة تشديد الرقابة على بعض المقيمين غير النظاميين، وإعادة النظر في إجراءات التحقق الأمني للمشتغلين في الأحياء السكنية، خاصة أولئك الذين يُمنحون حق الوصول المباشر إلى منازل المواطنين.

ولا تزال التحقيقات جارية لكشف المزيد من ملابسات القضية، في حين ينتظر المجتمع إعلان الحكم القضائي في هذه القضية التي تحولت إلى قضية رأي عام لما تحمله من دلالات إنسانية وأخلاقية عميقة.