نجح فريق طبي في مدينة الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة في إنقاذ حاجة كاميرونية من الموت بعد توقف قلبها المفاجئ أثناء خضوعها لإجراء قسطرة قلبية، مستخدمًا تقنية متقدمة تُعرف باسم "إمبيلا"، وهي من أحدث تقنيات دعم عضلة القلب المتاحة حاليًا على مستوى العالم، وتُعد هذه الحادثة واحدة من أبرز الإنجازات الطبية التي شهدها موسم الحج، حيث تكاملت فيها الجهود الطبية والجاهزية التقنية لإنقاذ حياة إنسان في لحظة حرجة.
وكانت الحاجة الكاميرونية، وهي في العقد السادس من عمرها، قد وصلت إلى المدينة الطبية وهي تعاني من ألم حاد في الصدر وصعوبة في التنفس، ليكتشف الفريق الطبي لاحقًا أنها تعاني من احتشاء حاد في عضلة القلب، مما استدعى نقلها على وجه السرعة إلى وحدة العناية القلبية لإجراء قسطرة تشخيصية وعلاجية، وأثناء الإجراء، تعرضت المريضة إلى توقف مفاجئ في القلب، مما استدعى تدخلاً فوريًا لإنعاشها باستخدام الوسائل الطبية المتقدمة.
وعلى الرغم من صعوبة الوضع وسرعة تدهور الحالة، تمكّن الفريق الطبي من تشغيل جهاز "إمبيلا"، الذي يُزرع داخل القلب مؤقتًا ويعمل على ضخ الدم نيابة عن البطين الأيسر، ما يتيح للقلب فرصة للراحة والتعافي، واستُخدمت هذه التقنية لإنقاذ الدورة الدموية واستعادة الوظائف الحيوية للمريضة في دقائق معدودة، وهو ما كان له أثر حاسم في استقرار حالتها وتمكين الفريق من استكمال التدخل القلبي بنجاح.
وأكدت مدينة الملك عبدالله الطبية في بيان رسمي أن هذا التدخل يُعد من النجاحات الطبية النوعية التي تعكس جاهزية المستشفيات السعودية في التعامل مع الحالات الحرجة خلال موسم الحج، لافتة إلى أن "إمبيلا" تُستخدم عادةً في مراكز القلب المتقدمة، وأن توفرها في المدينة الطبية ضمن منظومة وزارة الصحة السعودية أسهم في رفع كفاءة التعامل مع أزمات القلب المعقدة التي قد تصيب الحجاج.
وأشار الفريق الطبي المعالج إلى أن حالة الحاجة الكاميرونية كانت من الحالات التي تُصنَّف طبيًا على أنها "قريبة من الوفاة"، بالنظر إلى توقف القلب المفاجئ، وانخفاض ضغط الدم، وفقدان الوعي التام، مؤكدًا أن التدخل السريع وتوفر الإمكانات الحديثة أسهما في إنقاذها من موت محقق، وبيّن أن المريضة تم نقلها بعد استقرار حالتها إلى وحدة العناية القلبية المركزة، حيث تخضع حاليًا لمتابعة دقيقة من قبل أطباء القلب والعناية الحرجة.
ويُعد جهاز "إمبيلا" من أحدث تقنيات الدعم القلبي المصغر في العالم، ويعمل من خلال إدخاله عبر شريان الفخذ أو اليد، حتى يصل إلى البطين الأيسر، حيث يقوم بسحب الدم ودفعه إلى الشريان الأورطي، ما يخفف العبء عن القلب ويُعيد الدورة الدموية إلى حالتها الطبيعية، وتُستخدم هذه التقنية بشكل خاص في حالات فشل القلب الحاد، أو عند المرضى الذين يواجهون مضاعفات خطيرة أثناء إجراءات القسطرة.
وتأتي هذه الحالة لتؤكد جاهزية المنظومة الصحية السعودية التي سخّرت جميع الإمكانات الطبية والتقنية والبشرية لخدمة ضيوف الرحمن، حيث أعدت وزارة الصحة خططًا طبية متكاملة للتعامل مع الطوارئ القلبية والجلطات الدماغية وحالات الإجهاد الشديد، خاصة في ظل الأعداد الكبيرة التي تشهدها مكة المكرمة خلال موسم الحج، وقد نُقلت الحاجة إلى المدينة الطبية ضمن نظام الإحالة الطبية الموحد الذي يربط مستشفيات المشاعر والمناطق المحيطة بها بالمراكز التخصصية الكبرى.
وفي السياق ذاته، عبّرت أسرة الحاجة الكاميرونية عن امتنانها العميق للطاقم الطبي الذي أنقذ حياتها، وأشادوا بالخدمات الصحية المتقدمة التي وجدتها في مدينة الملك عبدالله الطبية، مؤكدين أنهم لم يتوقعوا هذا المستوى من الرعاية والدقة في بلد آخر غير وطنهم، كما أثنوا على تعامل الطواقم الطبية، الذين أظهروا كفاءة عالية وإنسانية كبيرة في آن معًا.
وتُعد هذه القصة شاهدًا حيًا على تطور الخدمات الصحية المقدمة في المملكة خلال موسم الحج، والذي لا يقتصر فقط على الخدمات الوقائية أو الرعاية الأولية، بل يمتد إلى إجراء عمليات معقدة وإنقاذ أرواح في بيئة طبية عالية التجهيز، مدعومة بكوادر مؤهلة وأجهزة طبية متطورة، وتبرز هذه الواقعة نجاح السعودية في الدمج بين العمل الإنساني والاحترافية الطبية في خدمة حجاج بيت الله الحرام.