اختتمت الهيئة السعودية للمهندسين خلال شهر مايو من عام 2025 سلسلة من اللقاءات المفتوحة التي نُظّمت في عدد من المدن الرئيسة بالمملكة، شملت كلًا من الرياض والدمام وجدة، وذلك في إطار جهودها المستمرة لتقوية قنوات التواصل بينها وبين أعضائها من المهندسين والمهندسات العاملين في مختلف القطاعات والتخصصات الهندسية، وقد حظيت هذه اللقاءات بحضور رفيع المستوى تمثل في مشاركة سعادة رئيس مجلس إدارة الهيئة المهندس أحمد بن طريس الشيخ، وسعادة الأمين العام للهيئة عبدالمحسن بن ضاوي المجنوني، إلى جانب عدد من أعضاء مجلس الإدارة، مما أضفى على هذه اللقاءات الطابع المؤسسي الرسمي وأكسبها أهمية إضافية على مستوى الحراك المهني في المملكة.
جاء تنظيم هذه اللقاءات في سياق التوجه الاستراتيجي للهيئة نحو تعزيز علاقتها بأعضائها، وتكريس مبدأ الشفافية والانفتاح على مختلف الآراء والتطلعات، بما يواكب التحول الوطني الشامل الذي تشهده المملكة تحت مظلة رؤية 2030، وقد أكدت الهيئة من خلال هذه اللقاءات سعيها الجاد نحو فهم أعمق لاحتياجات الميدان الهندسي، وتحديد الأولويات الواقعية لتطوير بيئة العمل بما يُسهم في تعزيز جودة المخرجات ورفع الكفاءة المهنية، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على أداء القطاع الهندسي كمحور أساسي من محاور التنمية الوطنية.
وقد شهدت اللقاءات حضورًا لافتًا وتفاعلًا مميزًا من قبل المهندسين والمهندسات، حيث تم فتح باب النقاش المباشر وطرح الأسئلة والملاحظات، وتقديم المقترحات المتعلقة بتطوير الأنظمة، والخدمات، ومسارات التطوير المهني، وشكّل هذا الحوار المفتوح فرصة قيّمة لتعزيز التفاهم المشترك، والتأكيد على أهمية العمل التشاركي في تطوير المنظومة الهندسية، إذ أدرك الحضور أهمية هذه اللقاءات كمنصات واقعية تسهم في نقل صوت الممارسين مباشرة إلى صانعي القرار داخل الهيئة.
وتخللت اللقاءات أيضًا عروض تقديمية تعريفية تناولت بشكل مفصل دور الهيئة ومجالات عملها المتنوعة، إلى جانب استعراض المحاور الرئيسة في استراتيجيتها للفترة القادمة، وما تتضمنه من أهداف ومبادرات لتطوير أنظمة التصنيف المهني، وآليات الاختبارات الهندسية، وبرامج التدريب والتأهيل، بالإضافة إلى ما يتعلق بمستجدات نظام مزاولة المهنة واللوائح التنظيمية المرتبطة به، وقد أبدى الحضور اهتمامًا كبيرًا بهذه العروض، لما تمثله من خريطة طريق نحو مأسسة العمل الهندسي في المملكة، وتوفير إطار تنظيمي متكامل يواكب التغيرات السريعة التي يشهدها القطاع.
وفي معرض حديثه خلال اللقاءات، شدّد سعادة رئيس مجلس إدارة الهيئة المهندس أحمد بن طريس الشيخ على أن مسألة حماية المهنة تُعد من الأولويات القصوى في جميع جهود الهيئة، مؤكدًا أن العمل المؤسسي لا يكتمل إلا من خلال الالتزام الصارم بأعلى معايير الحوكمة التي تبدأ من رسم السياسات العامة، وتمر بتفاصيل الإجراءات اليومية، وصولًا إلى جودة المخرجات، وأضاف أن الهيئة تولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير بيئة العمل الهندسي على كافة الأصعدة، سعيًا لإيجاد ممارسات مهنية عالية الكفاءة تتناغم مع المتغيرات الحديثة وتواكب متطلبات السوق المحلي والإقليمي.
وأشار الشيخ إلى أن النجاح في تحقيق التميز لا يتحقق فقط عبر اللوائح والأنظمة، وإنما عبر مبادرة فاعلة من قبل جميع الأعضاء، الذين يُعدّون الركيزة الأساسية في صناعة مستقبل مهني مزدهر يواكب مستهدفات رؤية المملكة 2030، وشدّد على أن الهيئة تنظر إلى جميع المهندسين والمهندسات كشركاء في مسيرة التطوير، داعيًا الجميع إلى مزيد من الانخراط والمشاركة في مختلف الأنشطة والبرامج التي تنفذها الهيئة.
من جانبه، أوضح سعادة الأمين العام عبدالمحسن بن ضاوي المجنوني أهمية هذه اللقاءات من منظور كونها أدوات تفاعلية حقيقية تعزز من قرب الهيئة من أعضائها، وتتيح لها التفاعل المباشر مع الملاحظات والمقترحات الواردة من الميدان، مما يُمكّنها من تطوير خدماتها وبرامجها بصورة واقعية تراعي الاحتياجات الفعلية للمهندسين، وأضاف أن الهيئة ملتزمة بالاستمرار في تنظيم مثل هذه اللقاءات بشكل دوري، وعلى مستوى أوسع، لتشمل مختلف مناطق المملكة، تحقيقًا لمبدأ العدالة في الوصول إلى الخدمات، وضمان شمولية التواصل مع كافة شرائح المهنيين.
ويُشار إلى أن هذه اللقاءات لم تكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل تمثل امتدادًا لنهج تشاركي تتبناه الهيئة منذ سنوات، يهدف إلى بناء علاقة مبنية على الشفافية والتمكين بين الهيئة وأعضائها، ويُعد هذا التوجه الاستراتيجي جزءًا لا يتجزأ من جهود الهيئة المتواصلة لبناء منظومة مهنية رائدة، ترتكز على معايير الجودة العالمية، وتعزز مكانة المهندس السعودي على الصعيدين المحلي والدولي.
وتبرز أهمية هذه اللقاءات في كونها أسهمت في تعزيز جسور الثقة بين القاعدة العريضة من المهندسين والجهة المنظمة للمهنة، كما شكّلت نموذجًا حيًا للتفاعل الإيجابي القائم على الاستماع والتفهم والاستجابة، وهي القيم التي تسعى الهيئة لترسيخها كأساس لكل علاقة مهنية، وقد عبّر عدد من المشاركين في هذه اللقاءات عن امتنانهم للهيئة لإتاحة هذه الفرصة الحوارية، مؤكدين أن مثل هذه اللقاءات تفتح آفاقًا جديدة للعمل التشاركي، وتُسهم في تعزيز روح الانتماء للمهنة.
وتستعد الهيئة خلال الأشهر المقبلة لإطلاق عدد من المبادرات النوعية في مجالات التدريب، والتحول الرقمي، وخدمة العملاء، وفق ما تم التطرق إليه خلال اللقاءات، مع تأكيدها على أهمية تقييم هذه المبادرات بمشاركة مباشرة من المهندسين لضمان فعاليتها وجدواها، وبهذا، تُواصل الهيئة السعودية للمهندسين لعب دورها كمظلة جامعة للمهنة، تسعى لتطوير المهارات، وتحسين الممارسات، وتحقيق أعلى درجات الحوكمة والجودة في القطاع الهندسي.