تتواصل المآسي في قطاع غزة وسط تصعيد عسكري إسرائيلي غير مسبوق، إذ أفادت مصادر طبية باستشهاد 82 فلسطينياً منذ فجر الثلاثاء، جراء غارات وقصف استهدف مناطق متفرقة من القطاع. وبينما كان الأهالي ينتظرون تسلّم مساعدات إنسانية على مقربة من ممر نتساريم، فتحت قوات الاحتلال نيرانها لتسقط عشرات الشهداء، في مشهد بات يتكرر تحت أعين العالم دون رادع حقيقي.
من بين الشهداء، سقط 20 شخصاً أثناء انتظارهم المساعدات قرب دوار النابلسي غربي مدينة غزة، حيث كانت القوات الإسرائيلية متمركزة في محيط النقطة الأميركية لتوزيع المساعدات. وفي تطور موازٍ، وثّق مجمع ناصر الطبي في رفح استشهاد 8 فلسطينيين خلال قصف مماثل استهدف مركزاً لتوزيع المساعدات شمال المدينة. هذه الجرائم التي تمارس بحق المدنيين تؤكد، بحسب مصادر محلية، أن مناطق انتظار الإغاثة لم تعد آمنة وأن إسرائيل تستخدم المساعدات كطُعم لاستهداف الأهالي.
وفي جريمة جديدة تهز الضمير الإنساني، استهدفت طائرات الاحتلال طاقماً طبياً خلال محاولته انتشال جثامين الشهداء من أحد المنازل في حي التفاح شرقي غزة، ما أسفر عن استشهاد 3 مسعفين من طواقم الخدمات الطبية، إلى جانب الصحفي مؤمن أبو العوف. هذه الجريمة دفعت حركة حماس لوصفها بأنها تمثل "جريمة حرب مركبة" تستهدف أدوات الإنقاذ والحياة، محمّلة المجتمع الدولي مسؤولية العجز عن وقف آلة القتل الإسرائيلية، وداعية إلى محاسبة القادة الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية.
ورغم التبريرات الإسرائيلية التي زعمت أن القوات أطلقت "طلقات تحذيرية" على مدنيين اقتربوا من منطقة قتالية، فإن عدد الضحايا وطبيعة الإصابات تؤكد أن ما جرى هو إطلاق نار مباشر على مدنيين عزّل، كانوا يبحثون عن طعام لأطفالهم في ظل حصار خانق ومعابر مغلقة. وأشار الجيش الإسرائيلي إلى فتح تحقيق في الحادث، وهو إجراء شكلي غالباً لا يفضي إلى محاسبة حقيقية، وفق منظمات حقوقية.
في مناطق أخرى من القطاع، لا تزال طواقم الإنقاذ تعمل على انتشال الشهداء من تحت الأنقاض، حيث أفادت مستشفى الشفاء في غزة بانتشال 9 جثث من جباليا شمال القطاع، بينما استشهد 8 آخرون في غارة على منزل بدير البلح وسط القطاع. وترافق المجازر مع تجويع ممنهج بحق سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، بعدما أغلقت إسرائيل كافة المعابر ومنعت دخول الغذاء والدواء، في مشهد اعتبرته الأمم المتحدة تمهيداً لتهجير قسري جماعي.
منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواصل إسرائيل تنفيذ سياسة إبادة جماعية بدعم أميركي، وسط تجاهل للنداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية. وتشير الإحصائيات إلى أكثر من 181 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، إضافة إلى 11 ألف مفقود، وآلاف الضحايا بسبب المجاعة، مع دمار طال البنية التحتية والمساكن والمرافق الحيوية، ما يجعل غزة على حافة الانهيار الكامل.