أعلن البنك المركزي السعودي «ساما» عن صدور قواعد جديدة محدثة لإصدار وتشغيل بطاقات الائتمان، في خطوة تأتي ضمن مهامه الإشرافية والرقابية لتنظيم السوق المالي، ومواكبة التغيرات المتسارعة في قطاع المدفوعات داخل المملكة وخارجها.
القواعد الجديدة ستحل محل الضوابط السابقة المعمول بها تحت عنوان «ضوابط إصدار وتشغيل بطاقات الائتمان والحسم الشهري»، لتفتح بذلك فصلًا جديدًا من التنظيم المالي يركز على التوازن بين حماية المستهلك وتشجيع الابتكار في القطاع المصرفي.
ويهدف التحديث الجديد إلى تخفيض التكاليف المفروضة على العملاء، وتعزيز مستويات الشفافية والإفصاح المتعلقة بجميع التعاملات التي تُجرى عبر البطاقات الائتمانية، لتكون أكثر وضوحًا وسهولة في الفهم والاستخدام.
كما يعكس هذا التحديث توجه «ساما» نحو تطوير المنظومة التشريعية التي تحكم بطاقات الائتمان، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ويستجيب في الوقت ذاته للتطورات التقنية والمالية التي يشهدها العالم في مجال المدفوعات الرقمية.
وشملت القواعد الجديدة أحكامًا تنظيمية تفصيلية تغطي الجوانب الرئيسية المتعلقة بإصدار وتشغيل البطاقات، سواء من حيث الإجراءات أو شروط التعاقد أو المسؤوليات التي تقع على عاتق البنوك والمؤسسات المصدرة.
وحرص البنك المركزي على تضمين مواد تسهم في رفع مستوى الوعي المالي لدى العملاء، من خلال تقديم معلومات دقيقة ومبسطة حول خصائص البطاقة، وتكاليف استخدامها، ومخاطرها المحتملة، لضمان تمكين المستهلك من اتخاذ قرارات مالية مدروسة.
كما تضمنت القواعد الجديدة آليات لضمان وضوح التعاملات المالية المتعلقة بالبطاقات، مثل الفوائد المحتسبة، والرسوم الإدارية، وطرق السداد، إلى جانب التزامات الجهة المصدرة في ما يخص تقديم الخدمات والدعم الفني.
وتأتي هذه الخطوة في سياق التزام «ساما» بتوفير بيئة تنظيمية محفزة على الابتكار، تشجع التنافسية في سوق المدفوعات، وتفتح المجال أمام حلول تقنية جديدة تلبي احتياجات المستخدمين، وتواكب تطلعاتهم المتغيرة في ظل التحول الرقمي المتسارع.
وفي سبيل تعزيز فاعلية هذه القواعد، عمل البنك المركزي على التنسيق المباشر مع شركات الدفع العالمية لتقييم مستوى التكاليف المرتبطة باستخدام بطاقات الائتمان، ومراجعتها بما يساهم في خفض العبء المالي على المستهلكين.
وأسفرت هذه الجهود عن تخفيض فعلي للتكاليف التشغيلية المرتبطة باستخدام البطاقات، سواء داخل المملكة أو في الخارج، وهو ما يُعد أحد المحاور الأساسية في دعم خطة التحول الوطني نحو مجتمع غير نقدي يعتمد على الحلول الرقمية المتقدمة.
ويتماشى هذا التوجه مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تعزيز كفاءة النظام المالي وتوسيع نطاق المدفوعات الإلكترونية، بما يُسهم في تحقيق الشمول المالي وتسهيل الحياة اليومية للأفراد والمقيمين والزوار على حد سواء.
القواعد الجديدة تهدف أيضًا إلى خلق علاقة أكثر توازنًا بين مقدمي الخدمة والمستفيدين، من خلال إلزام الأطراف بتعاقدات عادلة، وممارسات شفافة، وضمان حقوق الطرف الأضعف وهو العميل، بما يُقلل من المنازعات ويحسن بيئة التعاملات.
ويأتي هذا التطوير في وقت يشهد فيه سوق بطاقات الائتمان في المملكة نموًا مطردًا، مدفوعًا بزيادة الإقبال على الحلول غير النقدية، واعتماد المستهلكين المتزايد على هذه البطاقات في مشترياتهم اليومية، سواء محليًا أو عبر الإنترنت.
وبهذه الخطوة، يؤكد البنك المركزي السعودي قدرته على التجاوب السريع مع التحديات التقنية والمالية التي تواجه القطاع، من خلال تحديثات تشريعية متوازنة تحمي المستهلك دون أن تُقيد الابتكار أو النمو التجاري.
ويُنتظر أن تسهم هذه القواعد في تعزيز الثقة بين المستخدمين ومقدمي الخدمات المالية، ورفع جودة التجربة المصرفية، وتحقيق المزيد من التكامل بين القطاع المالي والتقني، بما يخدم تطلعات المملكة في أن تكون مركزًا ماليًا إقليميًا وعالميًا.