في تطور مفاجئ أثار حيرة عدد كبير من المستخدمين، كشف تقارير عن خلل في نظام التحكم الأبوي الذي تقدمه شركة مايكروسوفت ضمن باقة Microsoft 365، حيث أدى هذا الخلل إلى منع تشغيل متصفح جوجل كروم بشكل كامل على أجهزة ويندوز، عدد من أولياء الأمور.
والمستخدمين لاحظوا منذ بداية شهر يونيو أن المتصفح يتوقف تلقائيًا أو لا يفتح من الأساس، في حين تبقى المتصفحات الأخرى تعمل بكفاءة.
الخلل ظهر تحديدًا في ميزة Family Safety، وهي أداة رقابة أبوية توفرها مايكروسوفت للعائلات والمدارس لضبط المحتوى والتحكم في التطبيقات المستخدمة من قِبل الأطفال أو الطلبة.
ولكن وعلى غير المتوقع، تسببت هذه الأداة فيما يبدو بحظر كامل لمتصفح كروم، دون تأثير يُذكر على متصفحات أخرى مثل موزيلا فايرفوكس أو أوبرا، ما أثار شكوكًا حول طبيعة الخطأ ومصدره.
القلق بدأ يتصاعد بعد أن أكدت إلين تي، مديرة دعم كروم، أن فريق المتصفح الشهير تحقق من البلاغات المقدمة من المستخدمين.
وتوصل بالفعل إلى أن هناك مشكلة حقيقية تحدث عند تفعيل مزايا الرقابة الأبوية التي توفرها مايكروسوفت، المستخدمون المتأثرون وجدوا أنفسهم عاجزين عن استخدام كروم في بيئة تعتمد بشكل رئيسي على هذه الأدوات للتحكم في التصفح.
محاولات لحل المشكلة ظهرت من جانب المستخدمين أنفسهم، حيث لجأ بعضهم إلى تغيير اسم ملف التشغيل الخاص بكروم من Chrome،exe إلى Chrome1،exe.
وهي حيلة تقنية بدائية لكنها ساعدت مؤقتًا في استعادة عمل المتصفح، كما أشار آخرون إلى أن تعطيل خاصية "فلترة المواقع غير الملائمة" ضمن إعدادات Family Safety يعيد المتصفح للعمل، وإن كان ذلك يعرض الأطفال لاحتمال الوصول إلى محتوى غير لائق.
مايكروسوفت، وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوعين على بدء ظهور الخلل، لم تصدر حتى اللحظة أي بيان رسمي يوضح الموقف.
أو يقدم تحديثًا تقنيًا يعالج الخلل، غياب هذا التفاعل أثار تساؤلات كثيرة بين المستخدمين، خاصة في ظل اعتماد العديد من الأسر على هذه الأدوات ضمن بيئة تكنولوجية تعتبر من الأكثر استخدامًا حول العالم.
المثير للقلق أن فريق كروميوم، المطور لنواة متصفح كروم، صرّح بأنهم لم يتلقوا أي إشعارات من مايكروسوفت بخصوص نية تقديم حل برمجي.
وأن التفاعل الوحيد من الشركة يأتي في شكل ردود فردية لمستخدمين يتواصلون بشكل مباشر مع الدعم الفني، دون تحرك واضح يعالج الأزمة بشكل شامل.
المشكلة أخذت بعدًا إضافيًا بالنظر إلى سجل طويل لمايكروسوفت في محاولات توجيه المستخدمين نحو متصفحها الخاص "مايكروسوفت إيدج"، الشركة استخدمت في الماضي استراتيجيات متعددة لجذب المستخدمين إلى متصفحها.
من بينها النوافذ المنبثقة التي تظهر عند تحميل كروم، ورسائل ضمن صفحات التحميل، وحتى الاستبيانات التي تظهر بشكل متكرر.
الأساليب التسويقية التي اتبعتها مايكروسوفت سابقًا، رغم انتقادها، لم تصل إلى مستوى التأثير على وظائف متصفح منافس عبر أدوات التحكم الأبوية.
الأمر هنا يبدو وكأنه نتيجة خلل برمجي، إلا أن التوقيت وسياق الأحداث جعلا البعض يشك في كون الحادث مجرد مصادفة تقنية.
من الملاحظ أيضًا أن مايكروسوفت استخدمت محركها الخاص بينج في وقت سابق هذا العام لتقديم نتائج بحث موحية توهم المستخدمين بأنهم على موقع جوجل، في محاولة لتغيير سلوك الاستخدام لصالح أدواتها وخدماتها.
وهي خطوة أثارت موجة من الانتقادات وقتها، لكنها لم تمنع الشركة من الاستمرار في اعتماد مثل هذه السياسات التوجيهية.
جوجل كروم لا يزال حتى اليوم المتصفح الأكثر استخدامًا عالميًا، وتفوقه على باقي المتصفحات - بما فيها إيدج - يجعل من أي خلل يمس.
وظائفه أمرًا حساسًا جدًا، فحرمان فئة من المستخدمين من استخدامه، ولو عن طريق خلل غير مقصود، يمثل تهديدًا لتجربة المستخدم بشكل عام.
في أوساط التقنية، بدأت أصوات تتعالى مطالبة بمايكروسوفت بتقديم توضيحات فورية وتحديثات طارئة تعالج المشكلة.
أو على الأقل الاعتراف بها، بدلًا من الاكتفاء بالصمت أو التواصل الفردي، ذلك الصمت، في عالم يعتمد على الشفافية الرقمية، لم يعد مقبولًا.
أما على مواقع التواصل، فقد شهدت العديد من النقاشات بين أولياء الأمور والتقنيين حول البدائل المحتملة، وبينما اقترح البعض إلغاء ميزة Family Safety بالكامل.
رأى آخرون ضرورة الضغط على مايكروسوفت لتحسين أدائها في دعم أدوات الرقابة دون المساس بحرية المستخدم في اختيار أدواته.
الغريب أن خللًا بهذا التأثير لا يحظى بتغطية إعلامية كافية، رغم امتداده لأكثر من أسبوعين وتأثيره على عدد من المستخدمين حول العالم.
وربما يكشف هذا التعتيم عن فجوة في التواصل بين عمالقة التقنية والمستخدم العادي، الذي يجد نفسه في نهاية المطاف مجبرًا على إيجاد حلول ذاتية لأعطال يفترض أن تُحلّ من المصدر.
في انتظار موقف رسمي من مايكروسوفت، تبقى الحيلة التقنية بتغيير اسم ملف التشغيل أو تعطيل الفلترة هي الأمل الوحيد للمستخدمين الذين ما زالوا يفضلون كروم على غيره من المتصفحات.
لكنّ هذا لا يغيّر حقيقة أن خللًا صغيرًا في إعدادات الرقابة يمكن أن يشكل أزمة رقمية كبيرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بأدوات يعتمد عليها الملايين لحماية أسرهم.