نفّذت الجهات المختصة في منطقة مكة المكرمة حكم القتل تعزيراً بحق مواطنين سعوديين بعد ثبوت تورطهما في سلسلة من الجرائم الخطيرة التي استهدفت أمن الأفراد وحرمة المساكن، وجاء تنفيذ الحكم بعد استكمال كافة الإجراءات القضائية النظامية ومصادقة المحكمة العليا عليه وصدور أمر ملكي بإنفاذه، في خطوة تؤكد على حزم الدولة في مواجهة الجرائم الكبرى.
وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت بياناً كشفت فيه تفاصيل القضية التي هزّت الشارع المحلي، حيث أوضحت أن الجانيين عبد الرحمن أحمد سالم الحربي وسعود فؤاد حسن المزجاجي، وكلاهما من الجنسية السعودية، أقدما على تشكيل عصابي منظم بهدف ارتكاب جرائم تمس أمن المجتمع وتخلّ بالسلم العام.
وتورط الجانيان في انتحال صفة رجال أمن لتنفيذ جرائمهما، وهي جريمة خطيرة تتجاوز الاحتيال لتصل إلى تهديد سلامة المواطنين وطمأنينتهم، حيث استغلّا هذه الصفة المزوّرة لاقتحام المساكن وانتهاك حُرمتها، ما تسبب في ترويع ساكنيها وسلب ممتلكاتهم تحت التهديد.
كما أشار البيان إلى أن الجريمة لم تكن عشوائية، بل تمت باتفاق ومساعدة وتخطيط دقيق، إذ تبادلا أدوار المراقبة والتنفيذ مستخدمين سلاحاً نارياً في عمليات السلب والنهب، ما شكّل خطراً جسيماً على الأرواح والممتلكات، وترك أثرًا بالغًا في المجتمع.
ونجحت الجهات الأمنية بعد تكثيف تحرياتها في التوصل إلى هوية الجانيين والقبض عليهما، في وقت قياسي، مما يعكس كفاءة الأجهزة الأمنية ويؤكد فاعلية المنظومة الأمنية في التصدي لأي تهديد يمس حياة المواطنين أو استقرار المجتمع.
وباشرت الجهات المختصة التحقيق مع المتهمين فور ضبطهما، حيث اعترفا بما نُسب إليهما من تهم، وثبت من خلال الأدلة والقرائن تورطهما الكامل في جميع الوقائع التي تضمنها ملف القضية، وتمت إحالتهما إلى المحكمة المختصة للنظر في الدعوى.
وبعد دراسة القضية بكافة جوانبها وإجراء المحاكمة وفق الأنظمة القضائية المعمول بها، صدر حكم شرعي بثبوت ما نُسب إلى المتهمين والحكم عليهما بالقتل تعزيراً، نظراً لبشاعة الجرائم المرتكبة وما تسببت فيه من فزع عام وخطر على السلم الأهلي.
وأكدت وزارة الداخلية في بيانها أن الحكم أصبح نهائياً وواجب التنفيذ، بعد أن تم استئنافه وتأييده من المحكمة العليا، وتم رفعه للمقام السامي، حيث صدر أمر ملكي يقضي بإنفاذ ما تقرر شرعاً، وتم تنفيذ الحكم بحق الجانيين يوم الأحد بمنطقة مكة المكرمة.
ويأتي تنفيذ هذا الحكم في إطار التزام الدولة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في مواجهة الجرائم الكبرى التي تهدد أمن الأفراد واستقرار المجتمع، إذ تعتبر جرائم الترويع وانتهاك حرمة المساكن والنهب تحت التهديد من الجرائم الموجبة لأشد العقوبات.
وتُعَدُّ عقوبة القتل تعزيراً واحدة من أقسى العقوبات في النظام العدلي السعودي، وتُطبَّق في الجرائم التي تقتضي مصلحة المجتمع والردع العام عدم التساهل فيها، كما تهدف هذه الأحكام إلى حماية الأرواح والممتلكات وردع كل من تسوّل له نفسه الإخلال بالأمن.
وتحرص الجهات العدلية في المملكة على توفير محاكمات عادلة قائمة على التدرج في الإجراءات، بدءًا من الضبط والتحقيق، مرورًا بالعرض على المحكمة الابتدائية، وانتهاءً بالتقاضي أمام محاكم الاستئناف والمحكمة العليا، بما يضمن سلامة الإجراءات وعدالة النتائج.
كما تؤكد وزارة الداخلية دومًا على أهمية دور المواطن والمقيم في التعاون مع الأجهزة الأمنية بالإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة أو تجاوزات تمس أمن وسلامة الأفراد والمجتمع، باعتبار ذلك مسؤولية وطنية مشتركة لحماية مقدرات الوطن.
وقد لاقت الواقعة تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثير من المواطنين عن ارتياحهم لإحقاق العدالة، مشيدين بيقظة الأجهزة الأمنية وسرعة ملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة، واعتبروا تنفيذ الحكم رسالة واضحة لكل من تسوّل له نفسه الإضرار بالمجتمع.
ويُذكَر أن المملكة تُعد من الدول التي تطبق أحكام الشريعة الإسلامية بشكل كامل، وتُولي القضايا المرتبطة بالأمن العام أولوية قصوى، وقد شددت مرارًا على أن أي محاولة للمساس بأمن المواطنين والمقيمين ستُواجَه بكل حزم دون تهاون.
ويُنتظر أن يسهم تنفيذ هذا الحكم في تعزيز الإحساس بالأمان في نفوس المواطنين والمقيمين، كما يُعد تذكيراً بضرورة احترام الأنظمة والقوانين، وعدم اللجوء إلى الأساليب الإجرامية التي لا تقود سوى إلى التهلكة والعواقب الوخيمة.