شهدت أسعار النفط العالمية تحركات متباينة في نهاية تداولات الأسبوع، حيث سجلت العقود الآجلة مكاسب طفيفة عند التسوية يوم الجمعة، رغم تعرض السوق لضغوط ملحوظة خلال الجلسة نتيجة تقارير أفادت باتجاه تحالف أوبك+ نحو زيادة الإنتاج اعتبارًا من أغسطس المقبل.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بشكل طفيف لتغلق عند 67.77 دولار للبرميل، محققة زيادة قدرها أربعة سنتات فقط تعادل نحو 0.1%، وهو ما يعكس حالة الترقب والحيطة التي سادت أوساط المستثمرين عقب موجة بيع وسط مخاوف متزايدة بشأن توازن العرض والطلب.
وسجل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بدوره مكاسب محدودة، حيث صعد بمقدار 28 سنتًا تعادل نحو 0.31% ليصل سعر البرميل إلى 65.52 دولار عند الإغلاق، بعد أن تخلى في منتصف التعاملات عن جزء كبير من مكاسبه اليومية بفعل الأخبار القادمة من تحالف المنتجين.
ورغم التعافي النسبي الذي حدث قرب نهاية الجلسة، أنهت أسعار النفط تعاملات الأسبوع على خسائر قوية قاربت 12%، وهي أكبر نسبة تراجع أسبوعية منذ شهر مارس من العام الماضي، ما يعكس حجم التحديات التي تواجه الأسواق وسط تقلبات حادة في معنويات المستثمرين.
وكان تقرير نشرته وسائل إعلام متخصصة قد أشار إلى أن تحالف أوبك+ يخطط لتنفيذ زيادة جديدة في مستويات الإنتاج، بعد أن وافق بالفعل على رفع الإنتاج في يوليو، وهو ما زاد من المخاوف بأن عودة المزيد من الإمدادات قد تؤدي إلى استمرار الضغوط السعرية.
وذكر أربعة مندوبين داخل التحالف، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وعددًا من المنتجين المستقلين بقيادة روسيا، أن الزيادة الجديدة المقررة اعتبارًا من أغسطس ستبلغ نحو 411 ألف برميل يوميًا، لتضاف إلى زيادة أخرى بنفس الحجم تدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل.
وتأتي هذه التوجهات في سياق جهود أوبك+ لتخفيف قيود الإنتاج التي تم اعتمادها في أعقاب الجائحة العالمية، عندما اضطرت الدول المنتجة إلى خفض إمداداتها بشكل كبير بهدف دعم الأسعار التي شهدت انهيارًا تاريخيًا في تلك الفترة.
غير أن حالة عدم اليقين بشأن الطلب العالمي ما زالت تؤثر على مزاج المستثمرين، في ظل توقعات متفاوتة حيال نمو الاقتصادات الكبرى وقدرتها على استيعاب الإمدادات الإضافية دون الإضرار بمستويات الأسعار أو إضعاف تعافي السوق.
ويرى بعض المحللين أن السوق باتت في مرحلة دقيقة، حيث تتقاطع عوامل عدة، أبرزها اتجاه التحالف نحو زيادة المعروض، وتباطؤ نمو الطلب في بعض الاقتصادات الكبرى، فضلاً عن استمرار مخاوف التضخم وتذبذب مؤشرات التعافي الصناعي العالمي.
في المقابل، يرى مراقبون آخرون أن قرار أوبك+ زيادة الإنتاج يبعث برسالة اطمئنان إلى الأسواق بأن التحالف مستعد للتحرك بخطوات محسوبة تتماشى مع تطورات الطلب الفعلي، خصوصًا مع قرب دخول موسم الصيف الذي يشهد عادة ارتفاع استهلاك الوقود.
وفي هذا السياق، أشار متعاملون إلى أن الارتفاع المحدود في أسعار الخام عند التسوية قد يعكس عمليات تغطية مراكز بيع نفذها بعض المستثمرين بعد موجة الهبوط الحاد على مدار الأسبوع، ما ساعد في تهدئة حدة التراجع ولو مؤقتًا.
ورغم الانتعاش الطفيف في نهاية التعاملات، أكد خبراء الطاقة أن مسار الأسعار في الأسابيع المقبلة سيعتمد إلى حد بعيد على البيانات الاقتصادية القادمة، ومدى وضوح الرؤية بشأن وتيرة تعافي الطلب على النفط الخام والمنتجات المكررة.
كما توقعوا أن تستمر السوق تحت وطأة التقلبات في ظل تعدد العوامل المؤثرة، سواء على صعيد الإنتاج أو المخزون أو الاتجاهات الاقتصادية العامة، ما يجعل اتخاذ مراكز استثمارية طويلة الأجل أكثر تعقيدًا مقارنة بفترات الاستقرار الماضية.
ومع اقتراب موعد الاجتماع الرسمي المقبل لتحالف أوبك+، يترقب المستثمرون مزيدًا من الإيضاحات بشأن خطط الإنتاج للفترة المتبقية من العام، حيث سيتحدد بناءً على ذلك ما إذا كانت الأسعار ستتمكن من استعادة زخمها الصعودي أو ستظل رهينة الضغوط.