نجح فريق طبي في مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالخبر في إنقاذ حياة مريض ثلاثيني كان يعاني من أحد الأمراض المناعية النادرة، بعد أن تم تشخيص حالته بدقة وبدء علاج بيولوجي متقدم أوقف تطور المرض بشكل ملحوظ، في إنجاز طبي جديد يُسجل باسم القطاع الصحي السعودي.
المريض، الذي كان يشكو من أعراض غامضة استمرت سنوات، خضع لعدد من الفحوص المتقدمة بعد مراجعته للمستشفى، حيث تم تشخيصه أخيرًا بمرض نادر يُدعى "داء المناعة الذاتية متعدد الأجهزة"، وهو اضطراب شديد يهاجم فيه الجسم أجهزته الحيوية.
وبحسب الفريق المعالج، فإن تشخيص الحالة جاء بعد جهود مكثفة وتحاليل معقدة، كان من أبرزها الاختبارات الجينية الدقيقة، التي قادت الفريق إلى الاشتباه في وجود طفرة وراثية نادرة وغير مسجلة في قواعد البيانات الجينية المعروفة عالميًا.
وبعد التأكد من التشخيص، قرر الفريق الطبي البدء في خطة علاجية تعتمد على أحد العلاجات البيولوجية الحديثة، التي تعمل على تهدئة الجهاز المناعي وتقليل استجابته المفرطة، مما ساعد في السيطرة على الحالة خلال فترة زمنية قصيرة.
النتائج كانت مدهشة، إذ تحسنت المؤشرات الحيوية للمريض، وتراجعت أعراض الالتهاب بشكل كبير، كما استعاد القدرة على ممارسة حياته اليومية تدريجيًا بعد أن كانت حالته الصحية تتدهور بشكل متسارع خلال الأشهر السابقة.
واعتبر الأطباء اكتشاف الطفرة الجينية غير المسجلة أمرًا بالغ الأهمية، حيث تم توثيقها ضمن ملف المريض ورفعها لقاعدة بيانات الأمراض الوراثية النادرة، ما يُسهم في دعم البحث العلمي ويُسرّع تشخيص حالات مشابهة مستقبلًا.
وأكدت إدارة المستشفى أن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا توفر تقنيات التحليل الجيني المتقدمة، وكفاءة الكوادر الطبية، والدعم المستمر من منظومة الرعاية الصحية في المملكة، التي تشهد تطورًا ملحوظًا في مجال الطب التخصصي والدقيق.
كما أشار الفريق الطبي إلى أن العلاج البيولوجي المستخدم يُعد من الأجيال الحديثة التي تمثل نقلة نوعية في علاج الأمراض المناعية، حيث تعمل هذه العلاجات على استهداف بروتينات معينة في الجهاز المناعي بدلًا من تثبيطه بشكل كامل، ما يقلل الآثار الجانبية.
الحالة التي كانت تُصنّف سابقًا ضمن الحالات الحرجة وغير القابلة للتحكم، تحوّلت إلى استقرار وظيفي ملحوظ، الأمر الذي فتح آمالًا جديدة لمرضى يعانون من أمراض نادرة ومعقّدة، يصعب تشخيصها أو علاجها بالوسائل التقليدية.
وقد أشاد ذوو المريض بالدور الفاعل الذي قامت به الفرق الطبية المتعددة التخصصات داخل المستشفى، مؤكدين أن العناية الفائقة والتواصل المستمر مع الحالة كان لهما دور كبير في تحسين حالته النفسية والجسدية.
من جهتها، نوّهت إدارة مستشفيات الدكتور سليمان الحبيب إلى أن هذا الإنجاز يأتي ضمن التزامها بتقديم رعاية صحية متقدمة تعتمد على أحدث الابتكارات الطبية، وتوفر بيئة بحثية تدعم التشخيص الدقيق والعلاج الموجّه.
ويُعد هذا الإنجاز تأكيدًا إضافيًا على أن القطاع الصحي الخاص في المملكة يواصل تحقيق خطوات متقدمة في تشخيص وعلاج الحالات المعقّدة، بالتوازي مع ما تشهده المؤسسات الصحية الحكومية من تطور في الخدمات والممارسات الطبية.
ويأمل الفريق المعالج أن يُستخدم هذا النموذج الناجح كمرجع لحالات أخرى مشابهة داخل المملكة وخارجها، خاصة أن الطفرة الجينية المكتشفة قد تفتح بابًا أمام أبحاث جديدة لفهم مسببات أمراض المناعة النادرة وكيفية الوقاية منها.
في الوقت ذاته، دعا الأطباء إلى مزيد من التوعية حول أهمية الفحص الجيني المبكر، خصوصًا في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية، مؤكدين أن الطب الجيني بات عنصرًا حاسمًا في فتح أبواب الشفاء أمام الأمراض المستعصية.