الأرصاد تحذر .. تقلبات جوية حادة على عدة مناطق بالمملكة.
الأرصاد تحذر .. تقلبات جوية حادة على عدة مناطق بالمملكة
كتب بواسطة: فهد احمد |

تعيش مناطق واسعة من المملكة العربية السعودية اليوم الخميس على وقع تقلبات جوية حادة، حيث توقّع المركز الوطني للأرصاد استمرار تأثير الرياح النشطة المثيرة للأتربة والغبار، والتي تؤدي إلى شبه انعدام في مدى الرؤية الأفقية خاصة على بعض الطرق الحيوية، مما يفرض تحديات على حركة النقل البري والجوي، ويستدعي تنبيهات واسعة من الجهات المختصة، مع متابعة حثيثة للتطورات الجوية على مدار الساعة.

وبحسب تقرير الأرصاد، تشمل الرياح النشطة المثيرة للأتربة مناطق الجوف، الحدود الشمالية، الشرقية، الرياض، نجران، المدينة المنورة، ومكة المكرمة، وهي مناطق تمتد من أقصى شمال المملكة حتى أطرافها الغربية والجنوبية، مما يجعل التأثير واسع النطاق، ويزيد من احتمالية تعطل بعض الأنشطة اليومية خاصة في القطاعات المرتبطة بالميدان، كالزراعة والخدمات اللوجستية.

ولم يستبعد التقرير تكوّن سحب رعدية ممطرة مصحوبة برياح نشطة على المرتفعات الجنوبية الغربية، وهي مناطق تتكرر فيها حالات التقلب الجوي الموسمي، مثل عسير وجازان والباحة، مما يرفع من احتمالية جريان السيول في بعض الأودية، ويستوجب أخذ الحيطة والحذر من قبل السكان والمتنزهين، خاصة مع تزايد النشاط السياحي في تلك الجهات خلال موسم الصيف.

ويتجاوز تأثير الرياح المصحوبة بالغبار، وفقًا للخبراء، إزعاج الأفراد إلى التسبب بمضاعفات صحية خاصة لمن يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، كما يؤثر على كفاءة أنظمة التبريد والمولدات في المناطق المكشوفة، ويقلّص من مدى الرؤية، مما يفرض إبطاء حركة المرور أو حتى إيقافها مؤقتًا في بعض الطرق المكشوفة، خصوصًا الطريق الساحلي الواصل إلى جازان، الذي سجل في أوقات سابقة مستويات متدنية جدًا في مدى الرؤية.

وفيما يتعلق بالحالة البحرية، كشف التقرير أن حركة الرياح السطحية على البحر الأحمر ستكون شمالية غربية إلى غربية بسرعة تتراوح بين 10 إلى 30 كم/ساعة على الجزء الشمالي والأوسط، وتصل إلى 40 كم/ساعة على الجزء الجنوبي، فيما يتراوح ارتفاع الموج بين نصف المتر إلى متر ونصف في الشمال والوسط، ويصل إلى مترين في الجنوب، ما يستدعي الحذر من قبل الصيادين وقائدي القوارب الصغيرة.

وأشار التقرير إلى أن حالة البحر الأحمر ستتراوح بين خفيف إلى متوسط الموج، مع تحذيرات غير مباشرة من اضطراب البحر عند زيادة سرعة الرياح خاصة على السواحل الجنوبية، إذ من المحتمل أن تؤثر تلك الاضطرابات على حركة الملاحة البحرية في موانئ مثل جازان والقنفذة، وتستوجب متابعة دورية من الجهات المعنية لضمان سلامة التنقل البحري.

أما على الخليج العربي، فستكون حركة الرياح السطحية شمالية غربية إلى غربية بسرعة تتراوح بين 20 إلى 40 كم/ساعة، وهي سرعة متوسطة إلى نشطة، تُسبب اضطرابًا محدودًا في سطح البحر، ويُتوقّع أن يتراوح ارتفاع الموج بين متر إلى مترين، في ظل استمرار حالة البحر عند تصنيف خفيف إلى متوسط الموج، مما يعني بقاء النشاط البحري ممكنًا بشروط احترازية.

ولا تعد هذه التقلبات الجوية مفاجئة في هذا الوقت من العام، إذ يشهد صيف المملكة سنويًا نشاطًا في الرياح المثيرة للغبار بسبب الفروقات الحرارية بين الكتل الهوائية، بالإضافة إلى الطبيعة الصحراوية لكثير من المناطق، ما يجعل الأجواء مهيأة لتحرك الغبار بسرعة كبيرة، خصوصًا في المناطق المكشوفة أو ذات التربة الناعمة.

ويأتي هذا النشاط المناخي في سياق سلسلة من التغيرات المناخية التي تلاحظها المملكة ضمن نمط من التذبذب الجوي، حيث تعمل الجهات المختصة على رصد هذه التغيرات بشكل دقيق، ضمن خطط الاستجابة للطوارئ البيئية والمناخية، والتي تشمل التنسيق مع الدفاع المدني، وهيئة النقل، ووزارة الصحة لتقليل الآثار السلبية على المجتمع.

وقد دعت المديرية العامة للدفاع المدني المواطنين والمقيمين إلى توخي الحذر واتباع التعليمات المعلنة عبر المنصات الرسمية، خصوصًا في ظل احتمالية تشكل عواصف ترابية مفاجئة، أو تساقط الأمطار الرعدية في المرتفعات الجنوبية، حيث لا يُستبعد أن تتسبب الرياح المصاحبة لها في سقوط الأشجار أو اللوحات الإعلانية في بعض المواقع.

ومن جهة أخرى، تراقب إدارات التعليم في المناطق المتأثرة الوضع المناخي عن كثب، مع استعدادات لاحتمالية تعليق الدراسة في بعض المدارس المتضررة أو التحول إلى نظام التعليم عن بعد عند الضرورة، في حال أثرت العوامل الجوية على سلامة الطلاب والهيئات التعليمية.

كما تُسجّل المستشفيات والمراكز الصحية زيادات موسمية في مراجعات الحالات التنفسية المرتبطة بالغبار، خاصة من الفئات الأكثر تأثرًا ككبار السن، والأطفال، ومرضى الربو، حيث تُفعّل خطط الطوارئ لاستيعاب أي تزايد في أعداد المراجعين، وتوزيع الكمامات الوقائية في المناطق شديدة التأثر بالغبار.

ويرتبط النشاط الريحي في المملكة خلال الصيف غالبًا بما يُعرف بـ"رياح البوارح"، وهي رياح شمالية شرقية إلى شمالية غربية، تُساهم في إثارة الغبار بكثافة، وسبق أن تسببت في توقف حركة الطيران أو تأجيل بعض الرحلات الجوية، لذا تتابع المطارات المحلية النشرات الجوية أولًا بأول لضمان سلامة العمليات التشغيلية.

ولم تصدر هيئة الطيران المدني حتى الآن أي تحديثات رسمية بخصوص تعطل أو تأجيل رحلات اليوم، إلا أن مراقبين توقعوا حدوث بعض التباطؤ في بعض الوجهات، خاصة في المناطق الغربية والجنوبية التي تُواجه الرياح والغبار والسحب الرعدية في آنٍ واحد، وهو ما يضاعف تأثير العوامل المناخية على قطاع النقل الجوي.

وتشهد المملكة خلال هذه الفترة من العام ارتفاعًا تدريجيًا في درجات الحرارة المصحوبة برياح موسمية، وتعد هذه الفترة من أصعب فصول السنة من حيث الأحوال الجوية، مما يستوجب من المواطنين والمقيمين المتابعة الدائمة للتقارير المناخية الصادرة عن المركز الوطني للأرصاد، الذي يُعد الجهة الرسمية المعنية بتقديم المعلومات المناخية الدقيقة في المملكة.

ويواصل المركز الوطني للأرصاد تحديث بياناته على مدار الساعة، مستندًا إلى نماذج مناخية متقدمة وتقنيات الرصد الفضائي، بما يساهم في تعزيز قدرة الدولة على التعامل الاستباقي مع حالات الطقس، وتوفير الإنذارات المبكرة، مما يُقلّل من آثار العوامل الجوية على الصحة والسلامة العامة.

وتُعد هذه الظروف الجوية تذكيرًا بطبيعة المناخ في المملكة الذي يتسم بالتقلب الحاد في بعض الفترات، كما تعكس أهمية البنية التحتية الوطنية في مواجهة آثار التغير المناخي، مع اعتماد المواطن والمقيم على وسائل الوقاية والاستعداد الفردي لتخفيف الضرر في مثل هذه الأوقات الحساسة.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار