أكد الدكتور محمد القحطاني المختص في القطاع الصناعي أن خدمة بلاغ منافسة غير عادلة تمثل خطوة استراتيجية لحماية الصناعات الوطنية من الممارسات التجارية التي تهدد استقرار السوق المحلي وتعطل تنافسية المنتج السعودي.
وأوضح القحطاني خلال مداخلة إذاعية عبر أثير إذاعة الإخبارية أن هذه الخدمة التي أطلقتها وزارة الصناعة والثروة المعدنية تتيح للمصانع الوطنية التبليغ عن السلع المستوردة التي تدخل الأسواق بطريقة غير مشروعة أو بأسعار تؤثر سلبًا على الصناعة المحلية.
وأشار إلى أن بعض المنتجات المستوردة تصل من دول خارجية بأسعار متدنية جدًا مما يضعف قدرة المنتجات الوطنية على الصمود أمامها في السوق وهو ما يثير مخاوف من ممارسات إغراق قد تؤدي إلى تراجع الإنتاج المحلي وتقليص فرص العمل في القطاع الصناعي.
وبيّن القحطاني أن هذه الخدمة تعد أداة رقابية فعالة بيد المصنعين المحليين تُمكنهم من الإبلاغ عن أي حالة يرون أنها تندرج تحت بند المنافسة غير العادلة دون الحاجة إلى إجراءات بيروقراطية معقدة مما يسهم في سرعة التجاوب والحماية.
وأضاف أن المنافسة الشريفة عنصر أساسي في تعزيز بيئة الاستثمار الصناعي وأن أي تدخل يخل بهذه المعادلة يُعد تهديدًا مباشرًا للنمو الصناعي الذي تسعى له المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030 الداعمة للتنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل.
ولفت إلى أن بعض الصناعات الأجنبية تدخل السوق السعودي بكميات كبيرة ومفاجئة وهو ما يُعرف في الأدبيات الاقتصادية بحالات الإغراق التجاري حيث يكون الهدف من ذلك إزاحة المنتج المحلي من الواجهة والاستحواذ على حصة السوق.
وأشار إلى أن منظمة التجارة العالمية تحظر بشكل صريح مثل هذه الممارسات وتضع لها ضوابط وآليات رقابية وتمنح الدول الأعضاء الحق في اتخاذ إجراءات دفاعية إذا ثبت تضرر صناعتها الوطنية من منتجات أجنبية تدخل السوق بشكل غير منصف.
وشدد القحطاني على أن دور الجهات المعنية لا يقتصر على توفير أدوات البلاغ فقط بل يتطلب أيضًا فحص الشكاوى بدقة واتخاذ خطوات عملية على أرض الواقع تبدأ بالتحقيق وتنتهي بإجراءات حماية فعلية للمنتج المحلي إذا ثبت الضرر.
وأكد أن دعم المصانع السعودية لا يعني فقط تقديم الحوافز والمزايا بل يشمل أيضًا حمايتها من الأضرار الناتجة عن الممارسات الخارجية غير المنضبطة التي قد تؤدي إلى إغلاق خطوط إنتاج وتسريح عمالة وطنية.
وبيّن أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية تقوم بدور كبير في هذا الإطار من خلال الاستماع لصوت المصنعين وتوفير قنوات اتصال فورية وآمنة لتقديم البلاغات مما يعكس التفاعل الحكومي النشط مع التحديات الفعلية التي يواجهها القطاع.
كما دعا المصنعين السعوديين إلى استخدام هذه الخدمة وعدم التردد في الإبلاغ عن أي منتجات مشبوهة تدخل السوق بشكل يثير الريبة وذلك من أجل تعزيز الشفافية وتحقيق العدالة التنافسية في السوق المحلي.
وأكد أن تعزيز الوعي بهذه الخدمة أمر ضروري إذ لا تزال بعض المصانع تجهل وجودها أو لا تدرك كيفية الاستفادة منها مما يقلل من فاعليتها ويُفقدها جزءًا كبيرًا من أهدافها في حماية الصناعات الوطنية.
وأضاف أن تفعيل الخدمة بالشكل الأمثل يتطلب أيضًا تعاونًا وتنسيقًا بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والعمل على بناء قاعدة بيانات دقيقة للممارسات غير العادلة التي تم رصدها واتخاذ اللازم حيالها.
واختتم القحطاني حديثه بالتأكيد على أن حماية الصناعة الوطنية مسؤولية جماعية تتطلب يقظة دائمة واستجابة سريعة لأي محاولة للإضرار بها مشيرًا إلى أن تمكين القطاع الصناعي أحد أبرز مفاتيح النمو الاقتصادي للمملكة في المستقبل.