أطلقت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض فعاليات البرنامج الصيفي لمكتبة الطفل لهذا العام، والذي يأتي متزامنًا مع إعلان عام 2025 عامًا للحرف اليدوية في المملكة، ويحمل البرنامج شعارًا معبرًا هو "أصابعنا ترسم تراثنا"، ليجسد التوجه الوطني في إحياء التراث وربط الناشئة بجذورهم الثقافية والإنسانية.
ويستمر البرنامج لمدة شهر كامل، مستهدفًا الأطفال واليافعين والناشئة من مختلف الأعمار، بهدف نشر الوعي بأهمية الحرف اليدوية السعودية الأصيلة، وتعريفهم بالفنون التقليدية التي تعكس غنى التراث المحلي وتنوعه بين مناطق المملكة المختلفة.
ويقدّم البرنامج باقة متنوعة من ورش العمل التفاعلية التي تسلط الضوء على عدد من الحرف الشعبية مثل السدو والتطريز والخوصيات وصناعة الفخار، وهي من أبرز الفنون اليدوية التي ارتبطت بحياة الأجداد، وما زالت تمثل ذاكرة حية للمجتمع السعودي.
كما يتضمن البرنامج جلسات حكايات سردية تروي تاريخ هذه الحرف، وتشرح دلالاتها الاجتماعية والثقافية، بما يساعد الأطفال على إدراك العمق الفني والقيمي لهذه المهن، ويحفز خيالهم على التفاعل مع مكوناتها من خلال أسلوب قصصي مشوق ومبسط.
وأكدت الأستاذة سندس الشريف، مديرة مكتبات الطفل بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة، أن البرنامج يحمل بعدًا وطنيًا يتجاوز حدود النشاط الصيفي، ويهدف إلى تعزيز ارتباط الجيل الجديد بالهوية السعودية، من خلال إحياء التراث الحرفي وتجسيده في أنشطة عملية ومباشرة.
وشددت الشريف على أن المكتبة لا ترى في هذه الأنشطة مجرد ترفيه، بل تعتبرها امتدادًا حيًا لتاريخ المملكة وتراثها العريق، مؤكدة أن البرنامج يمثل نافذة حقيقية للأطفال ليتلمسوا أصالة الحرف اليدوية، ويقدّروا ما تحمله من قيم ثقافية وجمالية وفنية.
وأضافت أن البرنامج يأتي في إطار السعي لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع الحفاظ على التراث الوطني وتنميته ضمن أولوياتها، بوصفه عنصرًا أساسيًا في تشكيل الشخصية السعودية وتعزيز الشعور بالانتماء والهوية.
وأوضحت الشريف أن المكتبة تسعى من خلال هذا البرنامج إلى غرس قيم الابتكار والإتقان في نفوس الناشئة، عبر تعريفهم بأدوات وتقنيات الحرف التقليدية، وتشجيعهم على استكشاف مهاراتهم الشخصية وتطويرها في بيئة تعليمية مشجعة ومفتوحة.
ويُعد البرنامج الصيفي لمكتبة الطفل نموذجًا للبرامج الثقافية المتخصصة التي تجمع بين التعليم والترفيه، وتوفر فرصة للأطفال لتجربة أنشطة ميدانية ملموسة تعزز من فهمهم للتراث بطريقة تفاعلية وعصرية.
ويحظى البرنامج بإقبال واسع من الأسر والمهتمين بالشأن الثقافي والتربوي، لما يوفره من محتوى غني يتناسب مع احتياجات الأطفال ويحفز خيالهم، في الوقت الذي يسهم فيه في ربطهم بماضيهم وتاريخهم من خلال نشاطات مبنية على المشاركة والتجربة المباشرة.
ويُنتظر أن يسهم هذا البرنامج في ترسيخ مكانة الحرف اليدوية في الوعي الجمعي للجيل الجديد، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية، وعنصرًا مهمًا في موروث المملكة الثقافي والاجتماعي الممتد عبر قرون طويلة.
ويعكس شعار البرنامج "أصابعنا ترسم تراثنا" رسالة عميقة ترتبط بالفعل المباشر للأطفال في إعادة اكتشاف التراث بأيديهم، مما يمنحهم شعورًا حقيقيًا بالمشاركة في حفظ التاريخ وإحيائه بروح إبداعية تتماشى مع تطلعات المستقبل.
وتؤكد مكتبة الملك عبدالعزيز العامة التزامها بمواصلة تقديم برامج نوعية للأطفال واليافعين تسهم في بناء جيل مثقف وواعٍ بجذوره، وقادر على التفاعل مع محيطه الثقافي بإيجابية وإبداع، ضمن بيئة تربوية داعمة ومشجعة على التعلم والتجريب.