أطلقت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة خدمة إلكترونية جديدة تهدف إلى تنظيم عمليات استيراد المركبات وتحسين تجربة المستوردين، إذ دعت الهيئة جميع الأفراد الراغبين في استيراد المركبات الجديدة أو المستعملة إلى التأكد من مطابقتها للمواصفات السعودية قبل شحنها إلى المملكة، ويأتي هذا التوجيه في سياق الجهود المستمرة لتعزيز السلامة العامة وضمان جودة المنتجات المستوردة.
وتُنفذ هذه الخدمة الحيوية من خلال منصة “سابر” الإلكترونية التي أنشأتها الهيئة لتكون نقطة تواصل فعالة بين المستوردين والجهات التنظيمية، وتعمل الخدمة على تسهيل الإجراءات المطلوبة للحصول على شهادة إرسالية استيراد مركبة، وهو ما يساعد على تجنب الوقوع في مشكلات محتملة عند وصول المركبة إلى الموانئ السعودية.
وتسمح هذه الشهادة للمستوردين بالتأكد مسبقاً من توافق المركبة مع اللوائح الفنية المعتمدة في المملكة، مما يُقلل من مخاطر إعادة المركبات إلى بلد الشحن نتيجة عدم المطابقة، حيث كانت هذه الإعادة تشكل سابقاً عبئاً مالياً كبيراً على الأفراد وتُسبب تأخيرات مزعجة في تسلم المركبات.
وأوضحت الهيئة أن الخدمة تشمل المركبات بجميع أنواعها، بما في ذلك الدراجات الآلية، وأكدت أن الهدف منها ليس فقط تنظيم عمليات الاستيراد، بل حماية المستهلك من المركبات غير المطابقة التي قد تشكل خطراً عند الاستخدام أو تكون غير ملائمة للبيئة التشغيلية في السعودية.
ويتمكن المستورد من تقديم طلبه عبر منصة “سابر” بشكل إلكتروني دون الحاجة إلى مراجعة المكاتب، إذ يكفي تعبئة نموذج الطلب، وسداد الرسوم المحددة، ومن ثم اختيار جهة التفتيش المعتمدة في بلد الشحن، حيث تتولى هذه الجهة مهمة التحقق من المطابقة وإجراء الفحوصات اللازمة وفق المعايير السعودية.
وبعد إتمام الفحص الفني للمركبة والتأكد من مطابقتها للوائح، يتم إصدار شهادة إرسالية إلكترونية تسمح باستكمال إجراءات الشحن والاستيراد، مما يسهل دخول المركبة إلى المملكة، ويجنب المستورد متاعب التوقف عند المنافذ أو العودة إلى بلد التصدير.
وأكدت الهيئة أن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى رفع كفاءة الخدمات المقدمة للمستوردين، وتطوير البيئة التنظيمية التي تحكم الاستيراد في السعودية، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 التي تركز على تحسين تجربة المستفيدين ورفع كفاءة الأداء الحكومي.
ويُعد تفعيل خدمة الاستيراد عبر “سابر” خطوة نوعية في مسيرة التحول الرقمي الذي تشهده الأجهزة الحكومية في المملكة، إذ تسهم هذه المنصة في توحيد الإجراءات وتعزيز الشفافية، فضلاً عن تقليل فرص التلاعب أو التحايل الذي قد يحدث في بعض المعاملات التقليدية.
كما أوضحت الهيئة أن فحص المطابقة لا يقتصر فقط على الجوانب الفنية للمركبة، بل يشمل أيضاً معايير السلامة والانبعاثات والملاءمة البيئية، وهو ما يعكس حرص المملكة على إدخال مركبات تتماشى مع توجهاتها نحو التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة.
ويأتي إطلاق هذه الخدمة استجابة لمطالب متكررة من المستوردين الأفراد الذين واجهوا تحديات عدة في السابق، مثل عدم وضوح الإجراءات أو تأخر الفحص أو رفض المركبات بسبب عدم المطابقة، مما يؤدي إلى خسائر مالية وتراكم في الإجراءات الجمركية.
وتتولى الهيئة دوراً تنظيمياً في هذا المسار من خلال إصدار اللوائح الفنية وتحديثها بشكل مستمر لتواكب أحدث المعايير الدولية، كما تعمل على تنسيق جهودها مع الجهات الأخرى ذات العلاقة، مثل الجمارك السعودية، لتوحيد السياسات وتسهيل دخول المركبات بعد التحقق من مطابقتها.
ويُتوقع أن تسهم هذه الخدمة الجديدة في تحفيز الأفراد على استيراد مركبات تتوافق مع متطلبات السلامة والكفاءة، كما ستقلل من حجم المركبات المرفوضة عند المنافذ، مما ينعكس إيجاباً على انسيابية حركة الواردات ويُسهم في رفع مستوى الرضا لدى المستوردين.
كما أن هذه الخدمة ستُشكل دعماً غير مباشر لقطاع التجارة والخدمات المرتبط بالمركبات، حيث تُشجع على دخول مركبات بجودة أعلى، مما يُساعد في تقليل الأعطال والصيانة، ويُحسن من أداء السوق المحلي ويمنح المستهلكين خيارات أكثر أماناً وجودة.
ويرى مراقبون أن خطوة الهيئة تمثل نقلة مهمة في ملف حماية المستهلك، خاصة مع ارتفاع عدد المستوردين الأفراد خلال السنوات الأخيرة، إذ بات الكثيرون يفضلون شراء المركبات مباشرة من الخارج، مما استدعى تطوير آليات تنظيمية فعالة لحمايتهم وتيسير إجراءاتهم.
وتؤكد الهيئة أن التزام المستوردين بالتحقق المسبق من المطابقة هو الخطوة الأهم لضمان استلام المركبة دون معوقات، مشددة على أن أي مركبة تصل دون الحصول على شهادة إرسالية عبر “سابر” قد تواجه تأخيراً أو رفضاً نهائياً من دخول السوق.
وتعمل الهيئة في الفترة المقبلة على توسيع نطاق الخدمة لتشمل مزيداً من التحسينات الإلكترونية، بما في ذلك التكامل مع قواعد بيانات مصنعي السيارات العالميين، لتسهيل التحقق التلقائي من مطابقة الطرازات قبل الشراء أو الاستيراد، وهو ما يوفر وقتاً وجهداً كبيرين على المستوردين.
وتشكل هذه الخدمة امتداداً لحزمة من المبادرات التي أطلقتها الهيئة خلال الأعوام الأخيرة لتطوير جودة المنتجات والسلع في السوق المحلي، وتعزيز مستوى السلامة لدى المستخدمين، مع التركيز على الحد من السلع الرديئة أو غير المطابقة التي قد تُسبب حوادث أو أضراراً صحية ومالية.