في إطار جهودها المتواصلة للارتقاء بجودة الخدمات السياحية، نفّذت الفرق الرقابية التابعة لوزارة السياحة حملات تفتيشية مفاجئة على عدد من مكاتب السفر والسياحة في العاصمة الرياض، وذلك ضمن حملة "ضيوفنا أولوية" التي أطلقتها الوزارة مؤخرًا لتعزيز موثوقية الأنشطة السياحية وضمان التزامها بالضوابط النظامية.
وقد أسفرت هذه الحملة التفتيشية عن ضبط عشرة مكاتب خدمات سياحية خالفت الأنظمة المعتمدة، حيث كشفت الفرق الرقابية عن تجاوزات متعددة تضمنت ممارسة النشاط دون الحصول على التراخيص الرسمية من وزارة السياحة، وهو ما يُعد خرقًا صريحًا لنظام السياحة الساري في المملكة.
وتنوعت المخالفات المرصودة، لتشمل تنظيم حملات عمرة وزيارة خارج الإطار النظامي، حيث ثبت أن بعض هذه المكاتب قامت بنقل المعتمرين باستخدام وسائل نقل غير مرخصة، في تجاوز واضح للمعايير الأمنية والتنظيمية التي تفرضها الجهات المختصة على مثل هذه الأنشطة.
كما تبيّن أن بعض المعتمرين الذين تم استقطابهم من قبل هذه المكاتب جرى تسكينهم في مرافق ضيافة غير نظامية بمكة المكرمة والمدينة المنورة، مما يشكل خطرًا مباشرًا على سلامة الزوار ويؤثر سلبًا على جودة التجربة الدينية التي تعد من أهم أنواع السياحة في المملكة.
ووزارة السياحة أكدت في بيان رسمي أن هذه الجولات تأتي في سياق حملتها الهادفة لحماية حقوق السياح والزوار، وضبط الممارسات العشوائية التي تسيء لصورة القطاع السياحي، وتعرقل جهود تطويره ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وتسعى الوزارة من خلال هذه الحملة إلى الحد من انتشار المكاتب غير المرخصة التي تمارس أنشطة سياحية دون أي رقابة نظامية، مما قد يعرض المستفيدين إلى انتهاكات تتعلق بحقوقهم أو جودة الخدمات المقدمة لهم، بالإضافة إلى مخاطر قانونية قد تترتب على التعامل مع جهات غير معتمدة.
وفي هذا السياق، شدّدت وزارة السياحة على أنها لن تتهاون مع أي منشأة تخالف النظام، وأعلنت أنها ستُطبّق العقوبات النظامية بكل صرامة، وتشمل هذه العقوبات فرض غرامات مالية قد تصل إلى خمسين ألف ريال، وتصل إلى مليون ريال في حال تكرار المخالفة.
كما تشمل العقوبات المحتملة إغلاق المكتب السياحي المخالف، أو الجمع بين الغرامة والإغلاق حسب حجم ونوعية المخالفة، وهو ما يعكس حرص الوزارة على تطبيق القانون دون استثناء، وتحقيق الردع المناسب لمنع تكرار مثل هذه الممارسات مستقبلاً.
ودعت الوزارة في الوقت ذاته جميع مكاتب الخدمات السياحية إلى الالتزام بالاشتراطات التي تنص عليها تراخيص مزاولة النشاط، والعمل ضمن الحدود النظامية المحددة لضمان بيئة سياحية صحية وآمنة تعكس مستوى التقدم في قطاع السياحة السعودي.
ووجهت وزارة السياحة رسائل توعوية للمواطنين والمقيمين والزوار تحثهم على التعامل فقط مع المكاتب المعتمدة، التي تحمل ترخيصًا رسميًا، وذلك حفاظًا على حقوقهم، وضمانًا لتجربة سياحية خالية من المتاعب والمخاطر التنظيمية أو الأمنية.
وأكدت الوزارة أن التعامل مع جهات غير مرخصة يحمل مخاطر عديدة، أبرزها ضعف التنظيم، وتدني مستوى الخدمات، بالإضافة إلى احتمالية التعرض لعمليات احتيال أو استغلال، وهو ما يتنافى مع المعايير التي تسعى المملكة إلى ترسيخها في قطاع السياحة.
ومن جانب آخر، أشارت الوزارة إلى أنها تستقبل بلاغات الزوار والمستفيدين من خلال مركز السياحة الموحد عبر الرقم (930)، حيث يمكن تقديم الشكاوى أو الملاحظات المتعلقة بالخدمات السياحية، مما يتيح سرعة التفاعل والتدخل في حالات التجاوزات.
وتعكس هذه الجهود الرقابية الجادة رغبة وزارة السياحة في تعزيز البيئة التنظيمية، وتوفير إطار واضح وآمن للأنشطة السياحية، بما يسهم في رفع جودة الخدمة وتحقيق رضا الزوار، وهو أحد الأهداف المحورية في التحول السياحي الكبير الذي تشهده المملكة.
ويأتي هذا التحرك ضمن مسار شامل لتأهيل القطاع السياحي وتنظيمه وفق أفضل الممارسات العالمية، حيث يشكّل ضبط المخالفات خطوة ضرورية لتصفية القطاع من العناصر العشوائية التي لا تلتزم باللوائح، ولا تقدم قيمة حقيقية للمستفيدين.
وتسعى المملكة من خلال هذه الإجراءات إلى بناء سمعة موثوقة لقطاعها السياحي على المستوى الإقليمي والدولي، خاصة مع ازدياد أعداد الزوار القادمين من الخارج، وتنوع الوجهات الداخلية التي باتت تشكّل عامل جذب متنامي للسياحة المحلية والدولية.
ويعد هذا التحرك التنظيمي امتدادًا لسلسلة من المبادرات التي أطلقتها وزارة السياحة خلال الفترة الماضية، والهادفة إلى تأهيل البيئة الاستثمارية في القطاع، ومنع التشوهات التي تُسيء لصورة المملكة كوجهة سياحية ذات طابع احترافي وتنظيمي عالٍ.
وتؤكد هذه الحملة مجددًا على التزام وزارة السياحة بالدور الرقابي والتشريعي الذي يُسهم في خلق بيئة عادلة للمستثمرين، ويوفر إطارًا ضامنًا لحقوق السائح، كما يعزز من تنافسية الوجهات السعودية أمام البدائل الإقليمية والدولية.