فاجأ المدرب الألماني توماس توخيل، المدير الفني السابق لعدد من كبار الأندية الأوروبية مثل باريس سان جيرمان وتشيلسي وبايرن ميونخ، الأوساط الرياضية الإنجليزية بقراره غير المتوقع بالانضمام إلى أحد الأندية السعودية، في خطوة أثارت الكثير من الجدل وردود الفعل المتباينة في الصحافة البريطانية والعالمية، وجاء قرار توخيل بعد أسابيع قليلة من انتهاء تجربته مع بايرن ميونخ، حيث كان متوقعاً أن يعود إلى أجواء الدوري الإنجليزي الممتاز أو يتولى قيادة أحد المنتخبات الأوروبية، إلا أن وجهته الجديدة جاءت مغايرة تماماً للتوقعات.
هذا القرار يعكس التحول الكبير في خريطة كرة القدم العالمية، لا سيما بعد أن أصبحت الأندية السعودية لاعباً رئيسياً في سوق الانتقالات، واستقطاب الكفاءات العالمية في إطار مشروع رياضي شامل مدعوم من رؤية المملكة 2030، ويُعتبر توخيل من الأسماء التدريبية الثقيلة في الكرة الأوروبية، وقد سبق له أن قاد تشيلسي إلى التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2021، إلى جانب سجل حافل من الإنجازات مع دورتموند وباريس سان جيرمان.
ولم يُعلن حتى الآن عن اسم النادي السعودي الذي سيتولى توخيل قيادته، ما فتح باب التكهنات والتسريبات، خاصة مع وجود عدد من الأندية الكبرى في الدوري السعودي للمحترفين التي تبحث عن تعزيز حضورها محلياً وآسيوياً، وفي مقدمتها الهلال والنصر والاتحاد والأهلي، وتشير مصادر إعلامية إلى أن توخيل وافق على العرض السعودي بعد مفاوضات طويلة، تضمنت رؤية فنية واضحة ومشروعاً تنافسياً جاداً، إلى جانب عرض مالي ضخم من الصعب رفضه.
وتباينت ردود الفعل في الصحافة البريطانية، فبينما اعتبر البعض الخطوة "تنازلاً فنياً" من مدرب بحجم توخيل، رأى آخرون أنها جزء من التحول الطبيعي في سوق المدربين، مع دخول أندية المنطقة الخليجية بثقل كبير في منافسة الأندية الأوروبية، ليس فقط على مستوى اللاعبين، بل المدربين والإداريين أيضاً، وذهبت بعض التحليلات إلى اعتبار القرار استراتيجياً من توخيل، من أجل بناء مشروع فني جديد خارج الضغوط الأوروبية، وضمن بيئة مختلفة قد تعيد تقديمه للعالم بطريقة مختلفة.
من جهته، لم يصدر توخيل بياناً رسمياً حتى الآن، واكتفى محيطه بالتأكيد على أنه يبحث عن "تجربة جديدة ومختلفة"، تجمع بين الجانب الفني والتحدي الشخصي، كما أكد المقربون من المدرب أن اختياره لم يكن فقط بدافع مالي، بل جاء بعد دراسة جادة لرؤية النادي السعودي، والخطط المستقبلية، والبيئة الاحترافية المتنامية في الكرة السعودية خلال السنوات الأخيرة.
ويُنظر إلى خطوة توخيل كجزء من مسلسل متواصل من الأسماء اللامعة التي باتت تتجه إلى الدوري السعودي، بعد استقطاب لاعبين عالميين مثل كريستيانو رونالدو، وكريم بنزيمة، ونغولو كانتي، ورياض محرز، وغيرهم، وهو ما ساهم في رفع سقف التوقعات بشأن مستقبل الكرة في المنطقة، وجعل الدوري السعودي محط أنظار وسائل الإعلام والجماهير حول العالم.
ولا شك أن وجود مدرب بحجم توخيل على رأس القيادة الفنية لأحد أندية الدوري السعودي سيسهم في نقل خبرات فنية وتكتيكية عالية، من شأنها أن ترفع من مستوى التنافس، وتضيف بعداً جديداً للكرة السعودية، خاصة في ظل التوجه الكبير نحو المشاركة القوية في دوري أبطال آسيا، والتحضير لبطولة كأس العالم للأندية المقبلة التي ستقام على الأراضي السعودية.
ومع انتظار الإعلان الرسمي من الطرفين، تبقى الأنظار معلقة على اسم النادي الذي ظفر بخدمات المدرب الألماني، والذي من المؤكد أنه سيثير اهتماماً جماهيرياً وإعلامياً كبيراً، لما يحمله من وزن فني ومكانة مرموقة في عالم التدريب، ويتوقع أن يعقد النادي السعودي مؤتمراً صحفياً خلال الأيام المقبلة لتقديم توخيل وتوضيح تفاصيل التعاقد والمشروع الرياضي المرتقب.
هذه الخطوة تعزز من مكانة السعودية كمركز جاذب للخبرات الرياضية العالمية، وتبعث برسالة واضحة مفادها أن مشروع تطوير الرياضة السعودية يسير بخطى ثابتة نحو العالمية، ليس فقط عبر اللاعبين، بل من خلال استقطاب المدربين الكبار القادرين على صناعة الفارق الفني وبناء أجيال جديدة من النجوم.