أعلنت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، بالتعاون مع وزارة الحج والعمرة، عن إطلاق الإصدار الثاني من "دليل التوعية السيبرانية"، ضمن جهودها المتواصلة لتعزيز مستوى الوعي بالأمن السيبراني لدى ضيوف الرحمن خلال موسمَي الحج والعمرة، بما يواكب التطورات المتسارعة في مشهد التهديدات السيبرانية ويعزز من قدرة الحجاج والمعتمرين على استخدام الوسائل التقنية الحديثة بأمان وموثوقية.

ويأتي هذا الإصدار ضمن إطار برنامج تعزيز الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ، الذي تنفذه الهيئة الوطنية للأمن السيبراني كإحدى المبادرات الوطنية الرامية إلى توظيف الإمكانات التقنية والمعرفية المتاحة من أجل الإسهام الفاعل في تقديم تجربة دينية متكاملة لضيوف الرحمن، تمتاز بأعلى درجات الراحة والتميز والأمان، وذلك بما يتماشى مع تطلعات المملكة نحو تطوير منظومة الحج والعمرة وتعزيز ريادتها في مجال إدارة الحشود وخدمة ضيوف بيت الله الحرام من جميع أنحاء العالم.

ويُعد هذا الدليل التوعوي أحد الأدوات الرئيسية التي تعتمد عليها الهيئة في نشر الثقافة السيبرانية، حيث يركز على بناء وعي معرفي وسلوكي لدى الحجاج والمعتمرين حول أهم المخاطر السيبرانية التي قد تواجههم، والطرق المثلى للتعامل معها، مستنداً في ذلك إلى أفضل الممارسات والمعايير العالمية المتبعة في مجال الأمن السيبراني، ومدعوماً بتحديثات نوعية شملت محتوى الدليل ليشمل موضوعات راهنة وذات أهمية متزايدة في البيئة الرقمية المعاصرة.

وقد تضمن الإصدار الثاني من الدليل باقة متنوعة من المواد التثقيفية المصممة بعناية، والتي تستهدف رفع مستوى المعرفة الأمنية لدى المستخدمين في بيئة الحج والعمرة، خصوصاً في ظل الاعتماد المتزايد على الأجهزة الذكية والخدمات الرقمية التي أصبحت جزءاً أساسياً من التجربة الدينية الحديثة، واشتملت تلك المواد على محاور محورية تتعلق بأمن التطبيقات الرقمية، وأهمية التحديثات الأمنية الدورية، وتفعيل خاصية التحقق الثنائي للحسابات الإلكترونية، إلى جانب التوعية بكيفية إنشاء كلمات مرور قوية يصعب اختراقها.

كما ركز الدليل على جوانب متقدمة في مواجهة التهديدات السيبرانية، مثل أساليب الهندسة الاجتماعية التي تستهدف خداع المستخدمين وسلب بياناتهم، والتصيد الإلكتروني بمختلف أنواعه، حيث تم توضيح أبرز السيناريوهات الاحتيالية التي قد يتعرض لها المستخدمون، وتقديم نصائح عملية لتفاديها، بما يسهم في تمكين ضيوف الرحمن من التعامل الآمن مع التقنيات والخدمات الرقمية أثناء أدائهم للمناسك.

وأولت الهيئة اهتماماً خاصاً بموضوع التصفح الآمن لشبكة الإنترنت، وضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة عند استخدام الشبكات العامة أو غير الآمنة، كما تضمن الدليل نصائح شاملة حول أهمية النسخ الاحتياطي المنتظم للبيانات، لضمان حمايتها من الفقد أو التشفير الضار في حال التعرض لهجمات إلكترونية، وهو ما يعكس حرص الجهات المعنية على تقديم منظومة متكاملة من الحماية التقنية والفكرية لضيوف الرحمن في كل مراحل رحلتهم الإيمانية.

وفي إطار حرص الهيئة الوطنية للأمن السيبراني على الوصول لأوسع شريحة من المستخدمين حول العالم، تم تصميم دليل التوعية السيبرانية ليتوفر بـ 16 لغة عالمية مختلفة، تغطي معظم الجنسيات واللغات المتحدث بها من قبل الحجاج والمعتمرين، ما يعزز من شمولية الرسائل التوعوية، ويضمن وصول المحتوى الإرشادي بطريقة مبسطة وفعالة للجميع، دون وجود حواجز لغوية أو معرفية.

ويُعد توفر الدليل بلغات متعددة خطوة متقدمة تعكس فهم الجهات المنظمة لأهمية التوعية متعددة اللغات في سياق موسمي الحج والعمرة، حيث يتوافد ملايين المسلمين من مختلف الثقافات والخلفيات، ما يتطلب تبني وسائل مرنة ومتكاملة لتقديم المعلومات والتوجيهات اللازمة لهم بطريقة تراعي تنوعهم الثقافي واللغوي.

كما يمكن لضيوف الرحمن الحصول على الدليل عبر قسم الأدلة التوعوية في موقع وزارة الحج والعمرة الإلكتروني، حيث يتم تحديث المواد التثقيفية بشكل دوري لمواكبة التغيرات المتسارعة في سلوكيات التهديدات السيبرانية، فضلاً عن تكامل هذه الجهود مع ما تقدمه الوزارة من خدمات ذكية عبر منصاتها الرقمية المتعددة، التي تسهم في تسهيل تجربة الحج والعمرة منذ لحظة التسجيل وحتى عودة الحجاج والمعتمرين إلى بلدانهم.

ويأتي إطلاق هذا الدليل في ظل ما توليه المملكة من أهمية قصوى لمسألة الأمن السيبراني، واعتباره جزءاً لا يتجزأ من منظومة الأمن الوطني، حيث تعمل الهيئة الوطنية للأمن السيبراني من خلال رؤيتها الإستراتيجية على تعزيز قدرات المجتمع في التصدي للتهديدات السيبرانية، وتطوير البنية التحتية الرقمية الآمنة، مع مواصلة بناء الشراكات الفاعلة مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة من أجل حماية البيانات والمعلومات، وتوفير بيئة إلكترونية آمنة وموثوقة.

ويمثل موسم الحج والعمرة أحد أبرز الفترات التي تزداد فيها الحاجة إلى تعزيز الوعي السيبراني، نظراً لكثرة استخدام الحجاج والمعتمرين للخدمات الرقمية، مثل تطبيقات الإرشاد والملاحة، والحجوزات، والتواصل مع الجهات الرسمية، ما يجعلهم أكثر عرضة للاستهداف الإلكتروني في حال عدم اتباع الممارسات الصحيحة، ومن هنا تبرز أهمية الدليل الذي يوفر خلاصة معرفية عملية، تساعد في تعزيز حماية المستخدمين وتمكينهم من التصرف بوعي ومسؤولية رقمية.

وتعكس هذه المبادرة التوعوية الرؤية المتكاملة للمملكة في الجمع بين جودة الخدمات الدينية والتميّز التقني، حيث تتبنى المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، إستراتيجية طموحة لتحويل موسم الحج والعمرة إلى تجربة ذكية وآمنة، مدعومة بالبنية التحتية الرقمية الحديثة، وبالخبرات المتقدمة في مجالات التقنية والأمن السيبراني.

وبهذا الجهد المشترك بين الهيئة الوطنية للأمن السيبراني ووزارة الحج والعمرة، ترسخ المملكة دورها الريادي في توظيف التقنية لخدمة الإنسان، وتؤكد مجدداً التزامها بضمان سلامة وأمن ضيوف الرحمن في كل جانب من جوانب رحلتهم، سواء الميدانية أو الرقمية، بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في بناء بيئة رقمية آمنة ومستدامة.