ألقت الجهات الأمنية في العاصمة المقدّسة القبض على عدد من المقيمين الذين تورّطوا في تنفيذ عمليات نصب واحتيال استهدفت راغبي أداء فريضة الحج، من خلال الترويج لحملات حج وهمية عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتمكنت الجهات المختصة من رصد الإعلانات المشبوهة التي نشروها، والتي زعمت تقديم خدمات متكاملة للحجاج بأسعار مغرية، دون حصولهم على التراخيص النظامية اللازمة.
وبحسب ما أعلنته شرطة منطقة مكة المكرمة، فإن المتورطين استخدموا أساليب احترافية في الترويج لتلك الحملات الوهمية، متقمّصين صفات رسمية وشركات مرخّصة، ما جعل العديد من المواطنين والمقيمين ضحايا للاحتيال، حيث دفع بعضهم مبالغ مالية مقابل وعود كاذبة بتسهيل أدائهم لمناسك الحج لهذا العام، وتم كشف الخدعة بعد بلاغات متفرقة تلقتها الأجهزة الأمنية من أشخاص تواصلوا مع منظمي الحملات ولم يجدوا استجابة لاحقًا.
عمليات التحري والمتابعة التي باشرتها الجهات الأمنية أسفرت عن تحديد هوية المتورطين، وهم عدد من المقيمين من جنسيات مختلفة، اتخذوا من بعض الشقق السكنية مقرات مؤقتة لممارسة أنشطتهم الاحتيالية، وقد تم القبض عليهم وإحالتهم للجهات المعنية لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم، كما تم ضبط أجهزة إلكترونية وهواتف نقالة تحتوي على أدلة رقمية تؤكد تورطهم في الترويج لتلك الحملات الوهمية.
وشدّدت الجهات المعنية على أهمية التحقق من مصادر الحملات المعلنة، وعدم الانسياق وراء أي عروض تُنشر بوسائل غير رسمية أو لا تحمل تراخيص من وزارة الحج والعمرة، وأكّدت أن التقديم لحج هذا العام يتم فقط عبر القنوات المعتمدة، وأن أي جهات أو أفراد يقدّمون خدمات خارج الإطار النظامي يُعتبرون مخالفين، ويُعرّضون أنفسهم للمساءلة القانونية، فضلاً عن تعريض الحجاج المحتملين لمخاطر مالية وتنظيمية.
وتأتي هذه الحادثة ضمن جهود المملكة المتواصلة لمكافحة كل أشكال الاحتيال المرتبطة بالمواسم الدينية، لا سيما موسم الحج، الذي يستقطب ملايين المسلمين من مختلف أنحاء العالم، وتبذل الجهات الأمنية جهودًا كبيرة لتأمين موسم الحج والحفاظ على سلامة الحجاج، ليس فقط من المخاطر الميدانية، بل أيضًا من التهديدات الرقمية والنصب الإلكتروني، الذي تنامى في السنوات الأخيرة عبر شبكات التواصل والمواقع المجهولة.
وقد وجّهت وزارة الداخلية تحذيرًا عامًا للمواطنين والمقيمين بضرورة الحذر من مثل هذه الإعلانات المضللة، داعية إلى الإبلاغ الفوري عن أي حالة اشتباه تتعلق بحملات غير معروفة أو أشخاص يدّعون تنظيم رحلات حج دون ترخيص، وأكدت الوزارة أن حماية أمن الحجاج وسلامتهم أولوية قصوى، ولن يتم التهاون مع أي جهة تُخل بالنظام، سواء أفرادًا أو مؤسسات.
من جانبها، أطلقت وزارة الحج والعمرة حملات توعوية رقمية وميدانية تهدف إلى توعية الجمهور بسبل التقديم الآمن لأداء المناسك، من خلال المنصات الرسمية المعتمدة مثل "نسك" والتطبيقات الحكومية الأخرى، كما نشرت قائمة محدثة بأسماء الشركات المرخّصة وأرقام التواصل معها، وتضمنت الحملات رسائل واضحة بخصوص خطورة التعامل مع وسطاء غير معتمدين، وما قد يترتب على ذلك من خسائر مادية وتبعات قانونية.
ويؤكد هذا الحادث من جديد الحاجة الملحّة لتعزيز الوعي المجتمعي بأشكال الاحتيال الحديثة التي تستغل ثقة الناس ورغبتهم في أداء فريضة الحج، في ظل تزايد استخدام التكنولوجيا كأداة لتنفيذ مثل هذه الجرائم، ويُنتظر أن تواصل الجهات المعنية تكثيف حملات الرصد والمتابعة، بما يضمن الحد من تكرار مثل هذه الحوادث، وحماية المجتمع من الوقوع ضحية لممارسات غير قانونية تستهدف القيم الدينية والمشاعر الإيمانية.