في إطار جهود المملكة العربية السعودية المستمرة لتطوير خدمات الحج والعمرة والارتقاء بتجربة الزائرين، أعلن معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة عن تسجيل الروضة الشريفة لعدد زيارات غير مسبوق خلال عام 2024، حيث تجاوز عدد الزائرين حاجز الثلاثة عشر مليون زائر، مقارنة بما يقارب خمسة ملايين زائر في عام 2022، ويأتي هذا الإنجاز ثمرة للتحسينات التقنية والتنظيمية التي تم تطبيقها خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها خدمة تصريح زيارة الروضة عبر تطبيق "نسك"، الذي تم إطلاقه لتسهيل إجراءات الزيارة وتنظيمها بمرونة عالية.
وأوضح معالي الوزير خلال كلمته التي ألقاها في المؤتمر الصحفي الحكومي أن الزيادة اللافتة في عدد الزوار لم تكن محض صدفة، بل نتيجة مباشرة للاستثمار في الحلول التقنية والرقمية التي تهدف إلى تسهيل الوصول إلى الأماكن المقدسة، وضمان انسيابية الحركة داخلها مع مراعاة الأبعاد الشرعية والتنظيمية في آنٍ واحد، كما أكد أن هذه الزيادة تعكس رغبة كبيرة من المسلمين من مختلف أنحاء العالم في زيارة الروضة الشريفة، وهو ما يشير إلى الأثر الإيجابي للتسهيلات التي تبنتها المملكة ضمن رؤية 2030.
وأشار الدكتور الربيعة إلى أن خدمة "تصريح زيارة الروضة" عبر تطبيق نسك ساهمت بشكل فعال في تنظيم دخول الزوار، ما أدى إلى تفادي حالات الازدحام والتكدس، والحفاظ على الأجواء الروحانية التي تتميز بها الروضة، وأضاف أن التطبيق لا يقتصر فقط على حجز التصاريح، بل يشمل معلومات تفصيلية تساعد الزائر في التخطيط لزيارته بشكل دقيق، مما يعزز من جودة التجربة الدينية ويخفف من الضغط على الجهات المنظمة.
وفي سياق متصل، تطرق معالي الوزير إلى جانب آخر من استعدادات الوزارة لموسم الحج، حيث أوضح أن آلية التفويج وتخصيص المخيمات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بصحة المسارات، مشدداً على أهمية عدم التداخل بين هذه المسارات لضمان سلاسة الحركة وسلامة الحجاج، كما لفت إلى أن الوزارة تأخذ في الاعتبار الجوانب الشرعية عند تصميم هذه الآليات، بما يضمن الحفاظ على الطابع الديني والروحاني لمناسك الحج.
وأشار إلى أن العمل لا يقتصر فقط على إدارة الأعداد وتنظيم التصاريح، بل يمتد إلى تطوير البنية التحتية، بما في ذلك دراسة تطوير الطرق ومسارات المشاة في المشاعر المقدسة، وذلك لضمان أعلى درجات الراحة والسلامة للحجاج، وأكد معاليه أن الوزارة تسعى باستمرار إلى تحسين كل ما من شأنه تسهيل أداء المناسك، سواء من خلال التوسع في استخدام التطبيقات الرقمية أو عبر تحسين الخدمات الأرضية واللوجستية.
ومن الجدير بالذكر أن وزارة الحج والعمرة كثّفت في السنوات الأخيرة من جهودها لتبني الحلول الرقمية، إيماناً منها بأهمية التحول الرقمي في تعزيز جودة الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين، ويُعد تطبيق "نسك" مثالاً واضحاً على هذه التوجهات، حيث تمكن من تقديم خدمات دقيقة، موثوقة، وسهلة الاستخدام لملايين الزوار، ومن المتوقع أن تستمر الوزارة في هذا النهج خلال الأعوام القادمة، لا سيما في ظل الدعم الكبير الذي تحظى به من القيادة الرشيدة، والتي تضع خدمة ضيوف الرحمن على رأس أولوياتها.
كما نوه معاليه إلى أهمية التناسق بين الجهات المعنية في إدارة الحج والعمرة، مشيراً إلى أن نجاح المواسم يعتمد على التنسيق المحكم والتخطيط المبكر، فضلاً عن مرونة التعامل مع المتغيرات الميدانية وأشاد بالتعاون القائم بين مختلف القطاعات الأمنية والصحية والتنظيمية التي تسهم مجتمعة في تحقيق الأهداف المرجوة من خطط التفويج وإدارة الحشود.
وفي نهاية كلمته، أكد الدكتور الربيعة أن المملكة ماضية في تطوير منظومة الحج والعمرة بما يتناسب مع طموحات الرؤية الوطنية، ويواكب التطلعات العالمية في تقديم خدمات نوعية ذات بعد إنساني وروحاني، وشدد على أن الوزارة ستواصل العمل على تعزيز استخدام التقنية وتحسين البنية التحتية وتدريب الكوادر البشرية لضمان تجربة ميسرة وآمنة لجميع الزوار والحجاج.
إن الأرقام التي تم الإعلان عنها تعكس نجاحاً بارزاً في مساعي المملكة لتقديم خدمات متميزة لضيوف الرحمن، وتؤكد في الوقت ذاته أن خطط التحول الرقمي والتنظيم الذكي تؤتي ثمارها بوضوح، ولا شك أن هذه الإنجازات تمثل حافزاً لمزيد من التطوير خلال السنوات المقبلة، لتظل المملكة وجهة متميزة لكل من يرغب في أداء مناسك الحج والعمرة في أجواء روحانية تسودها الطمأنينة والسلام.