فلكيًا: ذي الحجة بدأ اليوم والرؤية الشرعية تُحدده رسميًا
فلكيًا: ذي الحجة بدأ اليوم والرؤية الشرعية تُحدده رسميًا
كتب بواسطة: مختار العسلي |

أكّد الباحث الفلكي والمُهتم برصد الأهلة والمواقيت الشرعية، ملهم بن محمد الثقفي، أن هلال شهر ذي الحجة لهذا العام تمت ولادته فلكيًا صباح اليوم، وهو ما يجعل رؤيته ممكنة مساءً وفقًا للضوابط الشرعية المعتمدة، وأوضح الثقفي أن الحسابات الفلكية الدقيقة تشير إلى أن ولادة الهلال حدثت عند الساعة العاشرة صباحًا بتوقيت مكة المكرمة، ما يعني توافر أحد الشروط الأساسية لدخول الشهر القمري الجديد، وهو وجود القمر في الأفق بعد غروب الشمس.

وأشار الثقفي إلى أن إمكانية الرؤية الشرعية للهلال مساء اليوم تعتمد على توافر عدة عوامل، منها صفاء الأفق وخلوّه من الغبار والسحب، إضافة إلى زاوية الابتعاد الزاوي بين الشمس والقمر، ومدة مكوث الهلال في الأفق بعد غروب الشمس، وبيّن أن هذه العوامل تختلف من منطقة لأخرى داخل المملكة، مما يجعل الرؤية ممكنة في بعض المناطق أكثر من غيرها، مؤكدًا أن لجان الترائي المعتمدة ستبدأ تحري الهلال مع غروب الشمس، وفق الإجراءات المعتادة التي تراعي الضوابط الفقهية والفلكية على حد سواء.

وفيما أشار الثقفي إلى أن الحسابات الفلكية تُعد أداة مساعدة مهمة في تحديد بدايات الشهور الهجرية، شدد في الوقت نفسه على أن الإعلان الرسمي لدخول شهر ذي الحجة يظل بيد المحكمة العليا في المملكة، التي تعتمد على الرؤية الشرعية وفق ما يرد إليها من شهادات مباشرة من المترائين في مختلف المناطق، وأضاف أن الجمع بين المعايير الفلكية والرؤية البصرية هو ما يميّز النهج السعودي في التعامل مع الأهلة، وهو نهج يوازن بين الدقة العلمية والتأصيل الشرعي.

وتُعد مسألة رؤية هلال ذي الحجة من أبرز المحطات الزمنية في التقويم الهجري، لما يترتب عليها من تحديد مواعيد الشعائر الكبرى في الإسلام، وعلى رأسها الوقوف بعرفة وعيد الأضحى المبارك، ومن المقرر أن تؤثر رؤية الهلال على تحديد يوم التاسع من ذي الحجة الذي يوافق وقفة عرفات، واليوم الذي يليه كأول أيام عيد الأضحى، ما يجعل المتابعة الدقيقة لهذه المرحلة محل اهتمام بالغ لدى المسلمين داخل المملكة وخارجها.

وتُجري المحكمة العليا السعودية كل عام دعوة للمواطنين والمقيمين ممن لديهم القدرة على الترائي بالمشاركة في رصد الهلال، وتشجّع التعاون بين الراصدين والجهات الرسمية لضمان توثيق الشهادات ومقارنتها بالمواقيت العلمية، كما تعتمد المحكمة على تقارير لجان مختصة موزعة في مناطق المملكة، تم تجهيزها بمراصد فلكية وكفاءات علمية شرعية وفنية لضبط عمليات الرصد بدقة عالية، بما يضمن الموثوقية في إعلان دخول الشهر الجديد.

وفي السنوات الأخيرة، باتت الحسابات الفلكية أكثر دقة بفضل التطور التكنولوجي، الأمر الذي جعل توقعات ولادة الهلال ومواقيت رؤيته أقرب إلى الواقع. ومع ذلك، يظل الشرط الأساسي هو تحقق الرؤية البصرية أو ما يعادلها شرعًا، التزامًا بمقتضى النصوص الشرعية التي وردت في تحديد بدايات الشهور القمرية، ويُلاحظ أن هذه الموازنة بين العلم والدين أسهمت في تعزيز الثقة في القرارات الصادرة عن الجهات المختصة في السعودية، سواء في ما يخص بداية رمضان أو عيد الأضحى أو غيرهما من المواقيت الدينية.

وأكد الثقفي أن ترائي هلال ذي الحجة هذا العام يأتي في ظروف جوية مناسبة نسبيًا، ما يزيد من فرص رصده في أكثر من موقع داخل المملكة، وتوقع أن يتمكن الراصدون في بعض المناطق الجنوبية والغربية من رؤية الهلال بالعين المجردة أو باستخدام المناظير الفلكية، في حال توافرت الظروف المناخية المساعدة، وشدد على أهمية الاعتماد على المراصد المعتمدة من الجهات الرسمية وعدم الالتفات إلى التقديرات غير الموثقة المنتشرة في وسائل التواصل، والتي قد تثير البلبلة أو تنقل معلومات غير دقيقة.

ويأتي هذا الإعلان في وقت تتأهب فيه المملكة لاستقبال حجاج بيت الله الحرام من مختلف أنحاء العالم، وسط استعدادات مكثفة على المستويات التنظيمية والصحية والأمنية، ويُعتبر تحديد موعد غرة ذي الحجة خطوة أساسية في رسم خارطة أعمال الحج وجدولة مناسكه، بما يشمل مواعيد التنقل والتجمع في المشاعر المقدسة، بالإضافة إلى ضبط الخطة الزمنية لجهات الخدمات والقطاعات المساندة.

ويُنتظر أن تصدر المحكمة العليا بيانها الرسمي مساء اليوم بعد إتمام عمليات الترائي واستلام شهادات المترائين، حيث سيتم الإعلان رسميًا عن ما إذا كان غدًا هو غرة شهر ذي الحجة، أو أن المتمم لشهر ذي القعدة سيكون غدًا، وفقًا لما يُثبت شرعًا، وتُتابع وسائل الإعلام المحلية والدولية هذا البيان الذي يشكّل لحظة مهمة في حياة المسلمين حول العالم، نظرًا لتعلقه بمواقيت الحج وعيد الأضحى، وهما ركن وشعيرة أساسية في الدين الإسلامي.