صلابة الاتحاد تحسم السباق ودفاعه يمنحه اللقب رغم زحف الهلال الهجومي
صلابة الاتحاد تحسم السباق ودفاعه يمنحه اللقب رغم زحف الهلال الهجومي
كتب بواسطة: سعد احمد |

أسدل الستار على موسم ماراثوني في دوري روشن السعودي لكرة القدم، حمل معه مزيجًا من الإثارة والتقلبات الدراماتيكية، حيث خطف نادي الاتحاد لقب الموسم الماضي، مستندًا إلى صلابة دفاعه الذي تحوّل إلى حصن منيع أوقف طموحات منافسيه، بينما قدّم الهلال هذا الموسم نموذجًا هجوميًا كاسحًا جعله حديث الشارع الرياضي، على الرغم من عدم تحقيقه اللقب في ذلك الموسم.

الاتحاد بقيادة مدربه البرتغالي نونو سانتو، نجح في صياغة منظومة دفاعية حديدية كانت العامل الحاسم في تتويجه باللقب، حيث امتاز الفريق بالانضباط التكتيكي والصلابة في مواجهة الفرق الكبرى والصغرى على حد سواء، لم يكن الاتحاد هو الأعلى تهديفًا أو الأكثر استحواذًا، لكنه كان بلا شك الأقوى دفاعًا، وهو ما يُجمع عليه المراقبون بوصفه الركيزة الأساسية التي رجّحت كفة "العميد" في سباق اللقب أمام منافسين لا يقلون قوة وتجهيزًا.

الدفاع الاتحادي لم يكن فقط صلبًا من حيث الأرقام، بل اتّسم أيضًا بالتماسك الجماعي، بفضل الانسجام الواضح بين لاعبي الخط الخلفي بقيادة أحمد حجازي، ومساندة متواصلة من لاعبي الوسط في التغطية والضغط العالي، وهذا النهج التكتيكي خنق أبرز مهاجمي الخصوم، وحوّل مباريات صعبة إلى مواجهات محسومة لمصلحة الفريق حتى قبل صافرة النهاية.

في المقابل، ورغم فشله في اقتناص لقب الموسم الماضي، قدّم الهلال أداءً هجوميًا لافتًا لا يمكن تجاوزه، بقيادة مهاجمه البرازيلي مالكوم والنجم الصاعد ميشيل، إلى جانب أسماء أخرى شكلت منظومة هجومية مرعبة لأي دفاع يواجهها، سجّل "الزعيم" أعلى معدل تهديفي في الدوري، ونجح في تقديم كرة قدم ممتعة هجوميًا اعتمدت على السرعة، والتحرك بدون كرة، واستغلال المساحات بأعلى كفاءة.

لكن رغم الهجوم الساحق الذي قدّمه الهلال، إلا أن بعض الأخطاء الدفاعية وسوء الحظ في مباريات مفصلية حالا دون تتويجه، ما يطرح تساؤلات حول مدى توازن الأداء بين الهجوم والدفاع، وضرورة إعادة ضبط المنظومة كاملة بدلاً من الاعتماد على التفوق الهجومي وحده، ورغم ذلك، فإن جماهير الهلال لا تزال تجد في أداء الفريق ما يستحق الإشادة، خاصة في ظل القدرة على تحقيق نتائج كبيرة أمام كبار المنافسين.

السباق بين الاتحاد والهلال أعاد إلى أذهان الجماهير المواسم التي كان فيها التنافس على أشدّه حتى الرمق الأخير، في ظل قوة الفرق وتنوع أساليب اللعب بين الفرق الكبرى، كما شهد الموسم تألق العديد من الأسماء الجديدة، وعودة نجوم إلى الواجهة، ما عزز من جودة البطولة ومتابعتها على المستويين المحلي والعربي.

من جهة أخرى، لعب الجانب الذهني دورًا بارزًا في موسم اللقب بالنسبة للاتحاد، حيث عرف الفريق كيف يحسم المباريات الصعبة، ويتجنب سيناريو فقدان النقاط في الأوقات الحرجة، وتمكّن اللاعبون من التعامل بتركيز عالٍ مع الضغط الجماهيري والإعلامي، فيما ساعدت خبرة الجهاز الفني على تخفيف التوتر وفرض الإيقاع الذي يناسب الاتحاد.

الإنجاز الاتحادي يُعد تتويجًا لعمل استراتيجي بدأ قبل أكثر من موسم، شهد خلاله النادي إعادة ترتيب أوراقه، والتعاقد مع عناصر أجنبية ومحلية من طراز رفيع، وبناء قاعدة جماهيرية متفائلة بالعودة إلى منصات التتويج، ويُحسب للإدارة حفاظها على الاستقرار الفني، وتوفير الدعم الكامل للفريق طوال مشوار المنافسة.

في المقابل، الهلال الذي قدّم موسمًا قويًا هجوميًا لا يملك سوى استخلاص الدروس من تجربة المنافسة الأخيرة، وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى تعزيز قبل انطلاق الموسم المقبل، ورغم الإخفاق في التتويج، فإن الأداء الهجومي الساحق يعطي الفريق دفعة معنوية، ويؤكد أن هناك أساسًا قويًا يمكن البناء عليه في المرحلة القادمة، بشرط إصلاح مكامن الخلل الدفاعي واستعادة التوازن بين الخطوط.

موسم دوري روشن الأخير لم يكن مجرد موسم عادي، بل كان لوحة فنية رسمتها أقدام اللاعبين وعقول المدربين، وتفاعل معها الملايين من الجماهير، الذين وجدوا في كل جولة إثارة جديدة وحدثًا يستحق المتابعة، وها هو الاتحاد يخرج منه مرفوع الرأس بلقب مستحق، بينما يظل الهلال، رغم الخروج خالي الوفاض، منافسًا شرسًا، وعنوانًا للكرة الهجومية الراقية في الملاعب السعودية.