فتحت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية، المعروفة بـ"نزاهة"، ملفات جديدة في إطار حربها المستمرة على الفساد الإداري والمالي، حيث كشفت اليوم الثلاثاء عن مباشرتها عددًا من القضايا الجنائية والإدارية خلال شهر مايو الجاري، أسفرت عن التحقيق مع 435 موظفًا ومشتبهًا به من منسوبي عدة جهات حكومية حساسة، بينهم 120 تم إيقافهم احترازيًا قبل أن يُطلق سراح بعضهم بكفالة مالية.
وبحسب ما أعلنت الهيئة، فإن القضايا طالت موظفين من وزارات سيادية وخدمية تشمل الداخلية والدفاع والصحة والبلديات والإسكان والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، إضافة إلى وزارة النقل والخدمات اللوجستية وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، ما يعكس اتساع نطاق التحقيقات ليشمل قطاعات متنوعة ومؤثرة في البنية الإدارية للدولة.
وتركزت التهم الموجهة للمشتبه بهم في قضايا تتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي والإخلال بالواجبات الوظيفية، وهي جرائم لطالما شكلت تحديًا أمام جهود الإصلاح الإداري، وتؤكد في الوقت ذاته أن مكافحة الفساد لم تعد حكرًا على الحالات الفردية بل أصبحت تواجه منظومات متغلغلة داخل مؤسسات رسمية كانت تُعتبر في السابق بعيدة عن الشبهات.
وأكدت نزاهة أن هذه الإجراءات جاءت بعد تنفيذ 2775 جولة رقابية خلال الشهر الماضي، وهي الجولات التي مكنت فرق الهيئة من رصد مخالفات وتجاوزات تستوجب المساءلة، مما يعكس حجم العمل الميداني الاستباقي الذي تنفذه الهيئة لتطويق منابع الفساد قبل أن تتفاقم آثارها.
ويأتي هذا التحرك ضمن إطار رؤية المملكة 2030 التي تولي الشفافية والنزاهة أولوية قصوى، في مسعى لرفع كفاءة الأداء الحكومي، وبناء ثقة المجتمع في مؤسساته، وتحقيق العدالة الوظيفية التي تُعلي من مبدأ تكافؤ الفرص ومحاربة الامتيازات غير المشروعة.
في ظل هذه التحركات المتسارعة، تتجه الأنظار إلى نتائج التحقيقات القادمة، ومدى تأثيرها على البنية الإدارية للوزارات المعنية، خاصة أن توسيع دائرة الرقابة وتكثيف الجولات الميدانية بات يشكل عامل ردع مهم لأي محاولات للالتفاف على القانون أو التلاعب بالمال العام.