في إطار سعي المملكة العربية السعودية لتعزيز جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، انطلقت مبادرة "نُسُك" التي تهدف إلى نشر الوعي بأحكام ومناسك الحج بطرق مبتكرة، تسهم في إثراء تجربة الحجاج والمعتمرين من مختلف أنحاء العالم، وتأتي هذه المبادرة ضمن سلسلة من الجهود المتكاملة التي تنفذها الجهات الحكومية المختصة لتوفير بيئة معرفية وروحية ملائمة تؤدي إلى أداء المناسك بسهولة ويُسر، وتُحقق تطلعات رؤية المملكة 2030 في تحسين تجربة الحاج من لحظة قدومه وحتى مغادرته.
وتُعد "نُسُك" إحدى المبادرات الذكية التي توظف التقنية الحديثة والوسائل التفاعلية لتقديم المحتوى الشرعي والإرشادي بطرق متعددة، تشمل التطبيقات الرقمية، والمنصات التوعوية، والفيديوهات المترجمة، ما يجعلها متاحة لشرائح واسعة من الحجاج بمختلف لغاتهم وثقافاتهم، وتُغطي المبادرة الجوانب الفقهية والسلوكية والتنظيمية التي يحتاج إليها الحاج خلال رحلته الإيمانية، مع التركيز على التيسير وتوضيح السنن وتجنب المخالفات الشرعية.
وقد حظيت المبادرة منذ انطلاقها بتفاعل واسع من الحجاج، حيث لمس كثير منهم الفرق في سهولة الوصول إلى المعلومة الدينية الدقيقة، دون الحاجة إلى البحث أو الاعتماد فقط على الإرشاد المباشر، وأسهمت المواد الصوتية والمرئية القصيرة، والمصممة وفق أعلى المعايير التقنية، في تزويد الحاج بالمعلومة الفقهية في الوقت والمكان المناسبين، ما خفف من حالات اللبس والتردد التي قد تواجه البعض أثناء تأدية الشعائر.
وفي الوقت الذي يشهد فيه موسم الحج كثافة بشرية ضخمة، وفوارق لغوية وثقافية بين الحجاج، تُعد "نُسُك" وسيلة فعالة لتوحيد الرسائل التوعوية والفتاوى، وتقديمها بلغة بسيطة مفهومة تراعي الخلفيات المختلفة، كما تم العمل على دعم المبادرة من خلال فرق ميدانية مدربة ومزودة بأجهزة لوحية، للتفاعل المباشر مع الحجاج والإجابة على استفساراتهم في مواقع أداء المناسك، بما يعزز من حضورها الفعلي على الأرض.
وتكمن أهمية المبادرة في أنها تُلبي حاجة ماسة إلى التوعية الدينية المنظمة والممنهجة، بعيدًا عن الاجتهادات الشخصية أو المعلومات غير الدقيقة التي قد تنتشر بين الحجاج، لا سيما مع الاعتماد المتزايد على وسائل التواصل، ولهذا جاءت "نُسُك" كمنصة موثوقة مدعومة من هيئات شرعية وعلمية داخل المملكة، تضمن صحة المعلومة وتطابقها مع الفقه المعتبر والمعتمد في الحج.
ومن أبرز ما يميز "نُسُك" هو تنوع وسائل الإيصال، حيث تشمل الرسائل النصية التوعوية، واللوحات الذكية في الحرم والمشاعر، والمحتوى المخصص على تطبيقات الهواتف الذكية، فضلًا عن الترجمة الفورية للمحتوى إلى أكثر من 15 لغة، لضمان وصول الرسالة إلى أكبر عدد ممكن من الحجاج حول العالم، وتُعد هذه المبادرة نقلة نوعية في مجال التوعية الدينية الميدانية، تعتمد على مبدأ "المعرفة وقت الحاجة" وليس فقط التلقين التقليدي.
وتندرج "نُسُك" ضمن مستهدفات برنامج خدمة ضيوف الرحمن، أحد برامج رؤية المملكة 2030، الذي يهدف إلى الارتقاء بمنظومة الحج والعمرة، وتقديم خدمات نوعية لضيوف الرحمن من مختلف الجنسيات، تواكب تطلعات القيادة في أن تكون المملكة نموذجًا عالميًا في إدارة الحشود وتقديم الخدمات الدينية والتقنية بأعلى معايير الجودة.
ومع قرب موسم الحج، تواصل الجهات المعنية التوسع في نشر المبادرة على نطاق أوسع، من خلال مراكز التوعية في المطارات، ومنافذ القدوم، والمخيمات، ووسائل النقل، مع تكثيف حملات التوعية الرقمية عبر وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية، لتصل الرسالة إلى الحاج أينما كان، وتضمن له أداءً ميسّرًا، وعبادةً مطمئنة، مدعومة بعلم صحيح وإرشاد مستمر.