بدء تطبيق إلزامي لاستخدام
بدء تطبيق إلزامي لاستخدام "الطبليات" في موانئ المملكة من يونيو
كتب بواسطة: سعيد الصالح |

أعلنت الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية عن بدء تطبيق إلزامي لاستخدام "الطبليات" الخشبية أو البلاستيكية في عمليات شحن البضائع الواردة إلى الموانئ السعودية، وذلك ابتداءً من شهر يونيو المقبل، ويهدف هذا الإجراء إلى تحسين كفاءة مناولة البضائع داخل الموانئ، ورفع مستوى السلامة والجودة في سلسلة التوريد، بما يتماشى مع التوجهات الاستراتيجية لتطوير البنية التحتية اللوجستية للمملكة، وتعزيز قدرتها التنافسية عالميًا.

ووفقًا لما أوردته الهيئة العامة للموانئ، فإن القرار الجديد يشمل جميع أنواع البضائع العامة والمعبأة، باستثناء بعض المواد التي لا يمكن تحميلها على "الطبليات" لأسباب فنية أو متعلقة بطبيعة المنتج، شريطة وجود مبررات مقبولة ومعتمدة من الجهات ذات العلاقة، ويُعد استخدام الطبليات (أو المنصات النقالة) أسلوبًا لوجستيًا شائعًا عالميًا يسهّل مناولة البضائع وتحميلها وتفريغها بسرعة وكفاءة، ويقلل من مخاطر التلف أو الفقد أثناء عمليات الشحن والنقل والتخزين.

ويأتي هذا القرار في إطار جهود المملكة المتواصلة لتحديث أنظمتها اللوجستية، ودعم أهداف رؤية السعودية 2030 التي تسعى لتحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي، يربط بين ثلاث قارات، وتُعد كفاءة الموانئ أحد العناصر المحورية في تحقيق هذا الهدف، وقد شهدت الموانئ السعودية خلال السنوات الأخيرة تحسينات كبيرة على صعيد البنية التحتية والخدمات الرقمية، إضافة إلى رفع معايير السلامة والجودة في التعامل مع البضائع.

كما أوضحت الهيئة أن القرار تم تعميمه على جميع الشركات الناقلة، ووكلاء الشحن، والمستوردين، ومشغلي الخدمات اللوجستية، مع منحهم فترة زمنية كافية للاستعداد قبل دخول القرار حيّز التنفيذ، وتم تنفيذ حملات توعوية على نطاق واسع للتعريف بمتطلبات القرار وآلية تطبيقه، مع توفير أدلة إرشادية توضح المعايير الفنية المطلوبة للطبليات المستخدمة، سواء كانت مصنوعة من الخشب أو البلاستيك أو غيرها من المواد المعتمدة.

ويُتوقع أن يسهم التطبيق الإلزامي لهذا النظام في تقليل المدة الزمنية التي تستغرقها عمليات المناولة داخل الموانئ، من خلال تسهيل استخدام المعدات الآلية مثل الروافع والشوكات، ما يقلّل من الاعتماد على العمالة اليدوية، ويعزز من مستويات الأمان خلال تحميل وتفريغ البضائع، كما سيساعد النظام الجديد في تحسين التخزين داخل المستودعات، من خلال إمكانية رص البضائع بشكل منتظم ومنسق على الرفوف، مما يزيد من كفاءة استغلال المساحات المتاحة.

من جانب آخر، أبدى عدد من المستثمرين ومشغلي الخدمات اللوجستية ترحيبهم بالقرار، معتبرين أن توحيد أنظمة مناولة البضائع باستخدام الطبليات يُعد خطوة متقدمة نحو احترافية أعلى في سلاسل الإمداد، خصوصًا في ظل الزيادة المستمرة في حجم التبادل التجاري، والنمو المتسارع في التجارة الإلكترونية، وأكدوا أن وجود نظام موحّد يسهل عمليات الفحص والتفتيش والتخزين، ويقلل من التكاليف التشغيلية الناتجة عن التلف أو التأخير في المعالجة.

وقد نبّهت الجهات المختصة إلى أن البضائع غير الملتزمة باستخدام الطبليات، أو التي لا تفي بالمعايير الفنية المعتمدة، قد تتعرض للغرامات أو تأخير في إجراءات الإفراج عنها، إلى حين استيفاء الاشتراطات المطلوبة، وأكدت أن هذا الإجراء لا يهدف إلى فرض أعباء إضافية على المستوردين، بل إلى تنظيم وتحسين بيئة العمل داخل الموانئ، بما ينعكس إيجابيًا على جميع أطراف سلسلة التوريد، من المصدر إلى المستهلك.

وفيما حثت الهيئة الشركات على التعاون في تنفيذ القرار، أوضحت أنها ستعمل خلال المرحلة الأولى على تقديم الدعم الفني اللازم وتلقي الاستفسارات من خلال قنوات التواصل الرسمية، لضمان سلاسة التطبيق وتذليل أي عقبات محتملة، وأشارت إلى أن التجارب العالمية في هذا المجال أثبتت أن استخدام الطبليات يُعد معيارًا أساسيًا في أي منظومة لوجستية متقدمة، ويقلل من الفاقد ويزيد من الشفافية في تتبع الشحنات.

وتُشير التقديرات إلى أن القرار سيؤثر بشكل مباشر على عشرات الآلاف من الشحنات الشهرية الواردة إلى الموانئ السعودية، ما يقتضي تعاونًا واسعًا بين المستوردين والمصدرين وشركات الشحن لضمان التكيف السلس مع هذا التحول التنظيمي، وتُعتبر هذه الخطوة جزءًا من سلسلة إصلاحات تنظيمية وتشغيلية تتبناها المملكة ضمن مساعيها لتسهيل الأعمال، وتقليل التكاليف اللوجستية، وتحقيق التكامل بين مختلف عناصر قطاع النقل والخدمات.

ويُنتظر أن ينعكس القرار إيجابيًا على مؤشرات الأداء اللوجستي للمملكة، سواء في التصنيفات الدولية أو في تجارب المستثمرين المحليين والدوليين، حيث يعكس الالتزام بمعايير الجودة الحديثة والنظم التشغيلية التي تواكب أفضل الممارسات العالمية، ويؤكد هذا التحول أهمية تحديث النظم الداعمة للموانئ باعتبارها بوابة اقتصادية رئيسية، وواجهة تعكس كفاءة السياسات اللوجستية الوطنية.