في موسم حج هذا العام 1446هـ، تواصل جمعية الكشافة العربية السعودية تألقها في خدمة ضيوف الرحمن عبر استخدام أحدث الأجهزة والتقنيات لإنتاج خرائط تفصيلية وتفاعلية لمناطق مشعري منى وعرفات، والمنطقة المركزية للمسجد الحرام، بالإضافة إلى أحياء العزيزية والنسيم وبطحاء قريش في مكة المكرمة، وكذلك في المدينة المنورة.
هذه الخرائط تمثل نقلة نوعية في مجال الخدمات الميدانية للحجاج، إذ لم تعد مجرد رسومات ورقية تقليدية، بل تحولت إلى أدوات ذكية وتفاعلية تتيح للحاج معرفة موقعه الحالي والوجهة التي يرغب في الوصول إليها بكل سهولة ويسر.
تعتمد هذه الخرائط الذكية على تقنيات حديثة تسمح بتحميلها عبر تطبيقات ذكية متاحة على موقع الجمعية الرسمي (www.scouts.org.sa)، أو من خلال مسح رمز الباركود المطبوع على الخرائط الورقية، مما يجعل الوصول إليها سريعًا وسهلًا لأي حاج، في أي وقت.
وتعد هذه التقنية طفرة كبيرة تعزز من تجربة الحج، وتوفر للحجاج راحة أكبر وتسهيلات في التنقل بين المشاعر المقدسة، خاصة في ظل الكثافة الكبيرة التي يشهدها موسم الحج سنويًا.
ولعل ما يميز هذه الخرائط هو العمل الميداني الدقيق الذي يبذله الكشافة والجوالة على مدار العام، حيث يقومون برصد التغيرات الجغرافية والميدانية التي تحدث في المشاعر المقدسة.
ويتم تسجيل الإحداثيات ميدانيًا وتحويلها إلى بيانات رقمية دقيقة يتم تجهيزها لتصبح خرائط متطورة تعكس الواقع بصورة واضحة، كما تُطبع هذه الخرائط بأحدث أساليب الطباعة وبمقاسات متنوعة تناسب جميع الاستخدامات، سواء كان ذلك للاستخدام الشخصي للحاج أو لاستخدام الفرق الإرشادية في الحرم والمشاعر المقدسة.
تاريخياً، يعود اعتماد الجمعية على إعداد الخرائط إلى عام 1382هـ، حيث كانت تستخدم الطباعة اليدوية ومكائن الاستنسل لإنتاج نسخ محدودة من الخرائط التي كان الكشافون يعتمدون عليها في إرشاد التائهين في مشعري منى وعرفات.
واليوم، أصبحت الجمعية تفخر بتحقيق إنجاز كبير يعكس حرصها على مواكبة التطور التقني المستمر، لتقديم خدمات عالية الجودة تعزز من تجربة الحجاج والمعتمرين، وتلبي احتياجاتهم بشكل دقيق وعصري.
تُعد هذه الخرائط الذكية جزءًا من جهود الجمعية المتواصلة لدعم الحملات الإرشادية وتسهيل حركة الحجاج بين مختلف مواقع المشاعر المقدسة، مما يسهم في تقليل حالات التوهان والازدحام، وتحسين جودة الخدمات المقدمة، في خطوة مهمة ضمن خطة المملكة لتحسين البنية التحتية لخدمة ضيوف الرحمن. ويستفيد منها مئات الآلاف من الحجاج سنويًا، ليتمكنوا من أداء مناسكهم بكل طمأنينة ويسر.
إن هذا التطور التقني يعكس أيضًا توجه المملكة الحثيث نحو التحول الرقمي في جميع القطاعات، وفي مقدمتها خدمة الحجاج والمعتمرين، حيث توظف التقنية الحديثة والابتكار لتوفير بيئة آمنة ومتطورة تضمن راحة الحجاج وتلبي تطلعاتهم، مواكبةً لمستهدفات رؤية المملكة 2030 في تعزيز جودة الخدمات وتنويعها.
بفضل هذه المبادرات، يواصل الكشافة السعوديون دورهم الحيوي في دعم منظومة الحج، ليس فقط من خلال المهام التقليدية، بل عبر اعتماد أحدث التقنيات لتقديم خدمات ذكية وعملية، تجعل من موسم الحج تجربة فريدة تسهل على كل حاج أداء فريضته بأمان وراحة.