في ظل اقتراب موسم الإجازات الصيفية، تزداد حماسة المسافرين وترتفع التوقعات لقضاء أوقات مميزة في رحلات مليئة بالذكريات السعيدة. إلا أن هذه التجربة التي يحلم بها الكثيرون لا تبدأ عند ركوب الطائرة، بل قبل ذلك بكثير، في مرحلة قد تكون الأكثر تأثيرًا على نجاح الرحلة بأكملها: التخطيط المسبق.
في مداخلة إذاعية عبر أثير «العربية إف إم»، سلط الخبير السياحي عبدالمحسن الملحم الضوء على أهمية التخطيط المبكر للرحلات، مؤكدًا أن هذا التخطيط لا يقل أهمية عن الرحلة نفسها، بل إنه "جزء كبير من المتعة"، كما وصفه.
وبيّن الملحم أن من يخطط لرحلته بوقت كافٍ يحظى بفرص أوسع لاختيار الوجهة المناسبة، والأسعار الأفضل، والخدمات التي تواكب احتياجاته، لافتًا إلى أن هذه الفترة بالتحديد تستدعي استعدادًا استباقيًا نظرًا للزخم السياحي الذي يصاحب فصل الصيف.
وأوضح الملحم أن الرحلة الناجحة ليست فقط تلك التي تُحجز في اللحظة الأخيرة وتتم بسرعة، بل هي تلك التي تُبنى تفاصيلها بناءً على معرفة دقيقة برغبات المسافر واحتياجات أسرته أو مرافقيه.
وتابع قائلاً إن التخطيط المسبق يساعد في تجنب العشوائية التي قد تكلف المسافر مبالغ طائلة دون أن تضمن له المتعة الكاملة أو الراحة المنشودة.
وأشار إلى أن أحد أهم عناصر التخطيط هو اختيار الوجهة المناسبة بناءً على الفئة العمرية، وهو ما يفتقده كثير من المسافرين الذين يختارون وجهات لا تتماشى مع متطلبات أفراد العائلة، خصوصًا الأطفال.
وفي هذا السياق، شدد الملحم على ضرورة مراعاة اختيار فنادق أو أماكن إقامة تقدم خدمات وأنشطة مناسبة للصغار، كالمسابح المخصصة لهم، أو الفعاليات الترفيهية التي تضمن لهم تجربة ممتعة وآمنة، ما ينعكس إيجابًا على تجربة العائلة بأكملها.
وأضاف أن الحجز المبكر يمنح المسافر خيارات أوسع على مستوى خطوط الطيران، وتحديد مواعيد السفر الأنسب، بل وحتى اختيار المقاعد المفضلة أو الخدمات الخاصة على متن الرحلات.
وهو ما يندر توفره في حال الحجز في اللحظات الأخيرة، حيث تزداد الأسعار ويقل المعروض، مما يضع المسافر أمام خيارات محدودة قد لا تتماشى مع احتياجاته.
وبيّن الملحم أن بعض المسافرين يقعون في فخ الاستعجال، فيقررون السفر بشكل مفاجئ دون أي تخطيط أو دراسة، فيصطدمون بعقبات لم تكن في الحسبان، بدءًا من ارتفاع الأسعار، ومرورًا بنفاد العروض الجيدة، وصولاً إلى سوء التنظيم الذي قد يعكر صفو الرحلة منذ بدايتها.
"ليس من الحكمة أن نعتمد على الحظ في أمر دقيق كالسفر"، يقول الملحم، "بل على العكس، كلما كان التخطيط مبكرًا، كانت التجربة أكثر سلاسة، وأقل كلفة، وأكثر متعة".
وختم حديثه بدعوة جميع الراغبين في السفر هذا الصيف إلى استثمار الوقت المتبقي في رسم ملامح رحلتهم منذ الآن، معتبرًا أن خطوة بسيطة كالبحث عن عروض الطيران أو حجز فندق مناسب قد تكون هي الفرق بين رحلة ناجحة وأخرى مليئة بالتحديات.
رسالة الملحم، وإن بدت موجهة للمسافر العادي، تحمل بين طياتها درسًا بالغ الأهمية: السفر ليس مجرد تنقل من مكان إلى آخر، بل تجربة متكاملة تبدأ من فكرة وتكتمل بخطة، وكل لحظة تُستثمر في الإعداد لها تضيف إلى الرحلة طبقة من الراحة والمتعة والنجاح.
