أعلنت الهيئة العامة للموانئ "موانئ" عن إضافة خدمة الشحن البحري الجديدة "WARM" إلى ميناء جدة الإسلامي، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الربط الملاحي الدولي للمملكة، وتوسيع شبكة خدمات الشحن، ودعم حركة الصادرات الوطنية نحو الأسواق العالمية، وتأتي هذه الخطوة استمرارًا لجهود الهيئة في تطوير القطاع البحري ورفع كفاءة الموانئ السعودية، تماشيًا مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية ورؤية المملكة 2030.
وتُعد خدمة "WARM" إحدى الخدمات الملاحية الحيوية التي تربط ميناء جدة الإسلامي بعدد من الموانئ الإقليمية والدولية في كل من البحر الأحمر والمحيط الهندي، ما يسهم في تسريع وتيرة التبادل التجاري، وتقليص الزمن اللازم لنقل البضائع، خصوصًا مع ازدياد الطلب على الخدمات اللوجستية عالية الكفاءة، وتشمل الخدمة موانئ محورية مثل بور سودان، وعدن، ومومباسا، وصولًا إلى ميناء موندرا في الهند، وهو ما يُعد توسعة مباشرة في نطاق الصادرات السعودية.
ويمثل إدراج هذه الخدمة في ميناء جدة الإسلامي إضافة نوعية تعكس جاذبية الميناء كمركز لوجستي إقليمي، خاصة في ظل البنية التحتية المتطورة التي يمتلكها، وتوافر خدمات مساندة ذات كفاءة عالية، وقدرة على مناولة الحاويات والبضائع العامة بكميات ضخمة، كما يؤكد هذا التطور تنامي دور المملكة كمحور ملاحي رئيسي يربط بين القارات الثلاث، ويعزّز من مكانتها في سلاسل الإمداد العالمية.
وقد أوضحت "موانئ" أن هذه الخدمة الجديدة ستُنفذ بواقع رحلة أسبوعية، ما يُضيف مرونة إلى جدول الشحن، ويمنح المصدرين والمستوردين السعوديين فرصًا أكبر لتنويع وجهاتهم ومواعيد تسليم بضائعهم، كما تسهم الخدمة في تقليل التكاليف التشغيلية للشركات العاملة في قطاع التصدير والاستيراد، عبر تقليص فترات الانتظار وتقليل التكدس في المحطات، مما ينعكس إيجابًا على تنافسية المنتجات الوطنية في الأسواق الخارجية.
ويأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه قطاع النقل البحري في المملكة نموًا ملحوظًا، حيث تعمل "موانئ" بالشراكة مع القطاع الخاص ومشغلي الخطوط الملاحية الكبرى على تطوير خدمات الشحن، ورفع الطاقة الاستيعابية للموانئ، وتبني أحدث التقنيات في إدارة العمليات التشغيلية، ويُنظر إلى ميناء جدة الإسلامي على أنه البوابة الأهم للحركة التجارية في البحر الأحمر، وهو ما يجعل من أي إضافة ملاحية فيه ذات أثر استراتيجي يتجاوز النطاق المحلي.
ويمتاز الميناء بموقعه المحوري القريب من الأسواق الكبرى في الخليج وإفريقيا وآسيا، إلى جانب قدرته التشغيلية العالية وتكامل خدماته اللوجستية، مما يجعله الوجهة المثلى لمبادرات التوسع الملاحي، ويؤكد مختصون في قطاع النقل أن تنويع خدمات الشحن البحري مثل "WARM" يُعزز الأمن اللوجستي ويمنح المملكة مرونة استراتيجية في إدارة تدفقات التجارة والصادرات، خصوصًا في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات في سلاسل الإمداد.
كما أن هذه الخطوة تعزز من أهداف المملكة في أن تكون مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط بين الشرق والغرب، من خلال استقطاب مزيد من الخطوط الملاحية، ودعم البنية التحتية الرقمية، وتوفير بيئة تشريعية محفزة للاستثمار، وتشكل المبادرات النوعية التي تطلقها "موانئ" جزءًا من خارطة التحول الكبرى التي يشهدها قطاع النقل البحري في المملكة، وسط مؤشرات متزايدة على ارتفاع كميات المناولة والتوسع في السعة التشغيلية للعديد من الموانئ.
وتواصل "موانئ" تنفيذ استراتيجيتها التي تهدف إلى تحويل الموانئ السعودية إلى منصات لوجستية متكاملة، عبر تعزيز التكامل مع أنظمة الجمارك، والتوسع في الربط مع شبكات الطرق والسكك الحديدية، وتقديم خدمات ذات قيمة مضافة، ومن المتوقع أن تؤدي خدمة "WARM" إلى تحفيز الشركات السعودية على التوسع في صادراتها، لا سيما في قطاعات مثل الصناعات الغذائية، والبتروكيماويات، ومواد البناء، والأسمدة، التي باتت تسجل حضورًا متناميًا في الأسواق الإقليمية والعالمية.