أوضح الرئيس التنفيذي لتجمع مكة الصحي، الدكتور حاتم العمري، أن الحالة الصحية العامة لحجاج بيت الله الحرام خلال موسم حج هذا العام مستقرة وآمنة، ولا يوجد ما يدعو للقلق بناءً على المؤشرات السريرية والتقارير الطبية الميدانية، وأضاف أن فرق العمل الصحية، المنتشرة في مواقع المشاعر المقدسة والمناطق المحيطة بها، تتابع الحالة الصحية للحجاج على مدار الساعة وتعمل بكفاءة عالية ضمن منظومة متكاملة تهدف إلى توفير الرعاية الطبية الطارئة والمستمرة لجميع الحجاج بمختلف جنسياتهم وأعمارهم، وأكد أن هذه الجهود تأتي في إطار الاستعدادات الشاملة التي تبنتها وزارة الصحة السعودية لضمان موسم حج صحي وآمن، حيث جرى التخطيط المسبق لمواجهة أي طارئ صحي والتعامل الفوري مع الحالات التي قد تظهر خلال فترة الحج، وهو ما يعكس الجاهزية العالية والتأهب المستمر الذي تبديه الفرق الطبية والإدارية العاملة في الميدان.
وأشار العمري إلى أن موسم الحج يشهد هذا العام كثافة بشرية كبيرة، وهو أمر متوقع نظرًا لازدياد عدد الحجاج بعد فترة التوقف والتقييد التي فرضتها جائحة كورونا في الأعوام السابقة، إلا أن هذه الكثافة لم تُقابل بارتفاع في الحالات الصحية الحرجة، بل على العكس، فإن معظم الحالات الصحية المسجلة تُصنّف بأنها متوسطة ولا تتطلب تدخلاً طبياً معقداً، ويمكن التعامل معها في النقاط الطبية والمراكز الصحية المنتشرة في كافة أرجاء المشاعر، وأوضح أن هذه النتائج الإيجابية تعكس مدى فاعلية خطط التوعية والوقاية التي نُفذت بشكل منظم ومبكر، سواء عبر الحملات الإعلامية أو عبر توزيع المواد الإرشادية بلغات متعددة تتيح لجميع الحجاج فهماً واضحاً للإجراءات الوقائية والتعليمات الصحية.
وذكر الدكتور العمري أن من أبرز المؤشرات الصحية الإيجابية هذا العام هو الانخفاض الملحوظ في عدد حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس، والتي كانت تُشكل تحدياً صحياً كبيراً في مواسم الحج السابقة، خصوصًا في ظل درجات الحرارة العالية والازدحام الشديد الذي تشهده المشاعر، وأكد أن هذا الانخفاض يعود إلى عدة عوامل متداخلة، أهمها تنفيذ حملات توعوية واسعة استهدفت تعريف الحجاج بأهمية الوقاية من ضربات الشمس وطرق التعامل مع الإجهاد الحراري، إضافة إلى تعزيز التثقيف الصحي عبر فرق التوعية الصحية المتنقلة والمراكز الإعلامية، كما أشار إلى مبادرة نوعية نُفذت هذا العام بين وزارة الصحة ومنصة "إحسان" تمثلت في توزيع المظلات الواقية من الشمس على الحجاج، وهو ما ساهم بشكل مباشر في حماية أعداد كبيرة من الحجاج من التعرض لأشعة الشمس الحادة خلال تنقلهم بين المشاعر، وخصوصاً أثناء ساعات الذروة.
كما أوضح العمري أن فرق العمل الصحية قامت بتوزيع أكثر من نصف مليون كيس ثلج على الحجاج في مواقع مختلفة، بما في ذلك الطرق المؤدية إلى المشاعر والمناطق ذات الكثافة العالية، وذلك بهدف دعم جهود الوقاية من الإجهاد الحراري وتقديم وسيلة فورية لتبريد الجسم، وبيّن أن هذه الأكياس تمثل إحدى الوسائل الميدانية التي أدرجت ضمن خطة الطوارئ الصحية لموسم الحج، حيث تتيح تقديم تدخل سريع للحالات التي قد تتعرض لارتفاع درجات حرارة الجسم، وأكد أن توزيع أكياس الثلج تم وفق خطة توزيع دقيقة تراعي المواقع ذات الأولوية، وتغطي مختلف احتياجات الحجاج في الظروف المناخية القاسية.
وفيما يخص الاستعدادات الشاملة، أشار الدكتور العمري إلى أن وزارة الصحة عملت على تكامل الجهود مع الجهات الحكومية الأخرى، مثل هيئة الهلال الأحمر السعودي، والدفاع المدني، وفرق الإخلاء الطبي الجوي التابعة لوزارة الدفاع، ضمن منظومة متكاملة تعمل بتناغم لتحقيق أعلى مستويات الاستجابة الطبية السريعة، وأكد أن جميع المنشآت الصحية المشاركة في موسم الحج خضعت لتجهيزات مكثفة، شملت تزويدها بالكوادر الطبية والفنية المدربة، بالإضافة إلى توافر الأدوية والمستلزمات الطبية والطوارئ، لضمان التعامل مع الحالات الحرجة بفاعلية وكفاءة، مشيرًا إلى أن كافة المستشفيات والنقاط الصحية تعمل بكامل طاقتها التشغيلية وتحت رقابة ميدانية مستمرة.
وأضاف أن التنسيق المستمر بين الجهات المشاركة في تقديم الخدمات الصحية ساعد بشكل كبير في تحسين سرعة الاستجابة والتقليل من معدلات التحويل غير الضروري بين المرافق، كما أسهم في ضمان تقديم الرعاية الصحية التخصصية في الوقت المناسب، وأوضح أن غرفة العمليات المشتركة تعمل على إدارة الحالات والإشراف على توزيعها بطريقة علمية تضمن تقديم أفضل خدمة ممكنة بأقل زمن استجابة، مستندة إلى البيانات الحية التي تُجمّع لحظة بلحظة من مختلف المواقع.
واختتم الدكتور حاتم العمري حديثه بالتأكيد على أن هذه النتائج الإيجابية لم تأتِ من فراغ، بل هي ثمرة لتخطيط استراتيجي متكامل، وجهود جبارة تبذلها الفرق العاملة، ووعي متزايد لدى الحجاج الذين أظهروا التزاماً ملحوظاً بالإجراءات الصحية والتعليمات الوقائية، وعبّر عن ثقته بأن استمرارية هذا النهج في الإدارة الصحية لموسم الحج ستُفضي إلى نتائج أكثر إيجابية خلال الأيام القادمة، مؤكدًا أن تجمع مكة الصحي ووزارة الصحة يواصلان العمل الدؤوب لضمان موسم حج خالٍ من الأوبئة والمخاطر الصحية الكبرى، كما أشار إلى أن التحديات مستمرة، ولكن بوجود البنية التحتية الصحية القوية والتكامل الحكومي، فإن المنظومة الصحية قادرة على التصدي لأي طارئ، بما يعكس التقدم الكبير الذي حققته المملكة في إدارة التجمعات البشرية الضخمة في أجواء آمنة وصحية.