حج 1446
"الحج في عصر التقنية: المملكة تستخدم الذكاء الاصطناعي لربط الحجاج بلغات متعددة"
كتب بواسطة: حمادة صالح |

رغم تنوع لغات الحجاج واختلاف ثقافاتهم، إلا أن مشهد الحج في هذا الموسم قد أثبت مرة أخرى قوة التنظيم، والقدرة على خلق تناغم مذهل بين أكثر من مليون ونصف حاج من جميع أنحاء العالم.

يلتقي هؤلاء الضيوف في مشاعر واحدة، تجمعهم وجهة واحدة، وتقودهم روحانية واحدة، بينما تتلاشى أمامهم جميع الحواجز الثقافية واللغوية، بفضل جهود المملكة العربية السعودية المستمرة في تقديم أفضل تجربة حج ممكنة.

وقد أسهمت التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، بشكل كبير في تعزيز هذا التناغم، إذ استخدم الحجاج تطبيقات الترجمة الفورية على هواتفهم الذكية، وكذلك الأجهزة الموزعة في مواقع حيوية داخل المشاعر المقدسة، ما مكنهم من فهم الإرشادات والتعليمات بسهولة وبلغة يفهمونها، سواء كانت بلغات رسمية أو محلية، في ثوانٍ معدودة.

هذا التطور التكنولوجي يسهم في خلق بيئة يسهل فيها التواصل بين الحجاج، مما يضمن سير مناسكهم بشكل منظم وآمن.

من جانبها، وفّرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد طواقم ترجمة متخصصة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة، لتقديم التوعية الدينية بقدر كبير من التعددية اللغوية. الترجمة ليست مقتصرة على اللغات العالمية التقليدية مثل الإنجليزية والفرنسية، بل شملت أيضًا لغات أخرى أقل انتشارًا مثل التايلندية والصربية والأردية والفلبينية والأمهرية.

هذا التنوع في اللغات يضمن أن الحجاج من أكثر من 100 دولة في العالم يستطيعون الوصول إلى المعلومات الضرورية التي تساعدهم في أداء مناسكهم بشكل صحيح وآمن.

في إطار هذه الجهود، أطلقت الوزارة خدمة الهاتف المجاني للرد على استفسارات الحجاج عن بُعد، حيث استهدفت الوزارة استقبال أكثر من نصف مليون مكالمة خلال الموسم.

كما تم بث أكثر من 4 ملايين رسالة توعوية عبر 340 شاشة إلكترونية منتشرة في أنحاء المشاعر المقدسة، بالإضافة إلى إرسال 100 مليون رسالة نصية على هواتف الحجاج، في خطوة تعكس قدرة المملكة على توظيف التقنيات الحديثة لخدمة الحجاج وتوسيع نطاق الوصول إلى المعلومات بأعلى كفاءة ممكنة.

من جهة أخرى، أكملت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي استعداداتها لترجمة خطبة عرفة لموسم حج 1446هـ إلى 35 لغة، بالتعاون مع الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

يأتي هذا المشروع في إطار الجهود المبذولة لإثراء التجربة الدينية للحجاج، ونشر رسالة الوسطية والاعتدال التي يتحلى بها الإسلام، مع ضمان وصول مضامين الخطبة إلى أكبر عدد ممكن من الحجاج بلغات يفهمها الجميع. ويستهدف هذا المشروع أكثر من 5 ملايين مستفيد، في خطوة تعكس تكامل الجهود بين مختلف الجهات المعنية في المملكة لتوفير تجربة حج شاملة وميسرة.

وتُظهر هذه الجهود المبذولة، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي والترجمة متعددة اللغات، نموذجًا متقدمًا في إدارة الحشود العالمية، حيث يلتقي الإنسان مع التقنية، ويجسد نموذجًا مبتكرًا من التنظيم والابتكار.

فالترجمة أصبحت جسرًا للتفاهم بين الحجاج الذين ينتمون إلى ثقافات ولغات مختلفة، بينما تُسهم التقنيات الحديثة في تسهيل كل جانب من جوانب موسم الحج، مما يعكس التزام المملكة العميق برسالتها الدينية والإنسانية.

في موسم يؤدي فيه الملايين شعائرهم بخطى موحدة، تصبح التقنية حليفًا للتيسير، والترجمة جسرًا للتفاهم، والحج تجربة روحانية تتجاوز حدود اللغة والثقافة. في هذا السياق، تُظهر المملكة العربية السعودية مرة أخرى قدرتها الفائقة على استخدام التقنيات الحديثة في تعزيز وتيسير تجربتها المقدسة، مما يجعل من الحج حدثًا عظيمًا يعكس القيم الإنسانية المشتركة التي يجتمع عليها المسلمون في جميع أنحاء العالم.