عبد العزيز الحصيني
الحصيني: السبت يشهد الانقلاب الصيفي وتعامد الشمس على مدار السرطان
كتب بواسطة: مختار العسلي |

يترقب المهتمون بعلم الفلك والطقس في المملكة والمنطقة العربية ظاهرة فلكية سنوية بارزة ستحدث يوم السبت، الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة 1446هـ، تتمثل في الانقلاب الصيفي، وهو الحدث الذي يشير فلكياً إلى دخول فصل الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ويُعدّ محطة زمنية دقيقة يعتمد عليها المختصون في تحديد بدايات الفصول وتغير حركة الشمس الظاهرية في السماء.

وأوضح الباحث في الطقس والمناخ عبدالعزيز الحصيني، أن هذا اليوم سيشهد تعامد أشعة الشمس على مدار السرطان، وهو أقصى نقطة تصل إليها الشمس شمالاً خلال رحلتها السنوية، ويقع هذا المدار قرب محافظة حوطة بني تميم جنوب العاصمة الرياض، ما يمنح المملكة موقعاً جغرافياً مميزاً لمراقبة هذه الظاهرة ورصد تفاصيلها بدقة.

وفي منشور له عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، أشار الحصيني إلى أن الانقلاب الصيفي يُعدّ علامة فلكية فارقة، إذ يُسجَّل خلاله أطول نهار وأقصر ليل على مدار العام في نصف الكرة الشمالي.

بعدها تبدأ ساعات النهار في التناقص بشكل تدريجي لحساب الليل، حتى يبلغ التوازن من جديد عند الاعتدال الخريفي.

وبيّن الحصيني أن هذه الظاهرة الفلكية لم تكن غريبة على العرب في تراثهم القديم، بل عُرفت بما يُسمى بـ"حرّ الانصراف"، حيث كانت العرب تقول: "لا حر إلا بعد الانصراف"، أي أن شدة الحر لا تظهر إلا بعد أن تبدأ الشمس في العودة جنوباً بعد أن تصل أقصى ميل لها شمالاً.

ويرتبط ذلك بتحول ميل الشمس الزاوي من اتجاه الشمال نحو الجنوب، إيذاناً ببداية مرحلة حرارية شديدة التأثير على مناخ الجزيرة العربية.

ويُعدّ الانقلاب الصيفي، بحسب الحصيني، من أبرز الظواهر الفلكية الموسمية التي يعتمد عليها الفلكيون والمختصون في الطقس، كونه لا يحدد فقط بداية فصل الصيف فلكياً، بل ينعكس بشكل ملموس على حياة الناس عبر تغيّر طول ساعات النهار، وارتفاع درجات الحرارة، وتبدّل الأنماط المناخية في مناطق واسعة تمتد من الخليج العربي وحتى أطراف أوروبا وآسيا.

ويشرح المختصون في علوم الفلك أن مدار السرطان يُمثّل خط العرض الذي تصل إليه الشمس عمودياً مرة واحدة في السنة، وتحديداً خلال الانقلاب الصيفي في شهر يونيو الميلادي، والذي يوافق هذا العام يوم 25 من ذي الحجة 1446هـ. وعند هذا الموعد، تكون الشمس في أعلى نقطة في السماء ظهراً، ما ينعكس في تسجيل زوايا ظل شبه معدومة في المواقع الواقعة على المدار، كحوطة بني تميم وأجزاء من جنوب الرياض.

وبحسب السياق الفلكي، فإن هذه الظاهرة تحدث نتيجة ميل محور الأرض أثناء دورانها حول الشمس، وهو ما يؤدي إلى تغيّر زاوية سقوط أشعة الشمس على مدار العام، ويؤدي بدوره إلى تعاقب الفصول الأربعة، وتوزيع درجات الحرارة بين نصفي الكرة الأرضية.

وعلى الصعيد المناخي، فإن هذه الظاهرة تُمهّد لبداية فترة من الحرارة المرتفعة التي تشتهر بها منطقة الخليج والجزيرة العربية، حيث ترتفع درجات الحرارة بشكل ملموس، وتزداد معها فترات التعرض المباشر لأشعة الشمس، ما يستوجب أخذ الحيطة، خصوصاً في أوقات الظهيرة، والحرص على تطبيق الإرشادات الصحية للحماية من الإجهاد الحراري وضربات الشمس.

وفي السياق ذاته، يرى الحصيني أن معرفة هذه الظواهر والاستفادة منها لا تقتصر على المختصين فقط، بل تمتد أهميتها إلى الحياة اليومية للمزارعين، والرحالة، والمخططين لمشاريع الطاقة والزراعة والبيئة، لما لها من تأثير مباشر على توقيت الزراعة والحصاد، وتوزيع المياه، وحتى التخطيط للبنية التحتية.

ويؤكد الباحث أن مثل هذه الأحداث تُظهر كيف أن العلم الحديث يعيد اكتشاف ما كانت تعرفه العرب intuitively منذ قرون، حين ربطوا توقيتات الانقلاب بحالات الطقس، دون وجود أجهزة قياس متقدمة، معتمدين على الرصد البصري والدقة في الملاحظة الموسمية.

وفي ختام حديثه، دعا الحصيني المهتمين بعلوم الفلك والطقس إلى متابعة هذه الظاهرة، مشيراً إلى أنها تشكل فرصة تعليمية وتوعوية مميزة للتعرف على أنظمة الكون الدقيقة، التي تسير وفق نظام محكم لا يختل، وتجعل من الشمس مؤشراً زمنياً لا يخيب في تعاقب الفصول وضبط الحياة الطبيعية.