موسم حج 1446هـ خالٍ من قرود البابون بجهود المركز الوطني للحياة الفطرية
وداعًا لـ"صداع البابون".. نجاح سعودي باهر في تأمين المشاعر المقدسة
كتب بواسطة: محمد سميح |

يسدل المركز الوطني للحياة الفطرية الستار على موسم حج 1446هـ معلنًا خلوه من أي حوادث رصد لقرود البابون داخل المشاعر المقدسة والمناطق المحيطة بها، هذا الإنجاز يُعد تتويجًا لجهود مكثفة ومتواصلة بذلتها فرق العمل الميدانية والرقابية، التي استبقت الموسم المبارك بعمليات مسح شاملة وتطبيق صارم للإجراءات الوقائية، لضمان سلامة ضيوف الرحمن والحفاظ على البيئة الطبيعية للمنطقة.

لطالما مثّلت ظاهرة انتشار قرود البابون في بعض المناطق تحديًا يتطلب معالجة بيئية دقيقة، خاصةً في المواسم التي تشهد كثافة بشرية عالية كالحج، ومن هذا المنطلق، أعدّ المركز الوطني للحياة الفطرية خطة عمل استباقية لموسم 1446هـ، ارتكزت على عدة محاور رئيسية، بدءًا من المسح الدوري للمناطق المحتملة لتواجد هذه القرود، وصولًا إلى نشر الفرق المتخصصة المزودة بأحدث التقنيات لرصد أي تحركات غير طبيعية، هذه الجهود لم تقتصر على فترة الحج نفسها، بل بدأت قبلها بأسابيع لضمان جاهزية تامة.

لم تكن عملية منع قرود البابون مجرد مراقبة، بل شملت أيضًا تفعيل برامج توعية مكثفة تستهدف الحجاج والمقيمين والعاملين في المشاعر المقدسة، وهدفت هذه البرامج إلى نشر الوعي بأهمية عدم إطعام القرود أو ترك المخلفات الغذائية في الأماكن العامة، مما يقلل من فرص انجذابها إلى المناطق الحضرية، ويُعد هذا النهج التكاملي بين الرصد الميداني والتوعية المجتمعية حجر الزاوية في استراتيجية المركز للحفاظ على التوازن البيئي.

وتُشير النتائج المُبشّرة لموسم حج هذا العام إلى فعالية الإجراءات المتخذة والتعاون المثمر بين مختلف الجهات المعنية، فبالإضافة إلى المركز الوطني للحياة الفطرية، ساهمت جهود الجهات الأمنية والبلدية وجمعيات حماية البيئة في تحقيق هذا الهدف، هذا التنسيق المُحكم يُبرز حجم الاهتمام الذي توليه المملكة العربية السعودية لراحة حجاج بيت الله الحرام وضمان سلامتهم، ليس فقط من الجوانب اللوجستية والأمنية، بل أيضًا من الجوانب البيئية والصحية.

يُعدّ خلو موسم الحج من قرود البابون مؤشرًا إيجابيًا على قدرة المملكة على إدارة التحديات البيئية الكبيرة خلال التجمعات البشرية الضخمة، ويعكس هذا النجاح الخبرة المتراكمة لدى الكوادر الوطنية في التعامل مع الحياة الفطرية، والقدرة على تطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، مما يرسخ مكانة المملكة كنموذج يحتذى به في إدارة البيئة والحفاظ عليها.

المركز الوطني للحياة الفطرية، بصفته الجهة المسؤولة عن حماية الحياة الفطرية وتنميتها في المملكة، يؤكد أن هذه النتيجة ليست مصادفة، بل هي ثمرة تخطيط دقيق وعمل دؤوب، فمنذ تأسيسه، يعمل المركز على تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في مجال البيئة، والتي تسعى إلى بناء بيئة مستدامة ومزدهرة تدعم جودة الحياة للسكان والزوار على حد سواء.

يُمكن القول إن هذا النجاح يعكس وعيًا بيئيًا متزايدًا لدى جميع الأطراف المعنية، بدءًا من الجهات الحكومية وصولًا إلى الأفراد، فالتزام الجميع بتطبيق التعليمات والإرشادات المتعلقة بالحفاظ على نظافة البيئة وعدم التعدي على الحياة الفطرية كان له الأثر البالغ في تحقيق هذا الإنجاز المهم، الذي يضمن لضيوف الرحمن رحلة حج آمنة ومريحة خالية من أي منغصات.

وبهذا الإعلان، يُسجل المركز الوطني للحياة الفطرية نقطة تحول إيجابية في إدارة البيئة خلال مواسم الحج، مؤكدًا على التزامه المستمر بحماية التنوع الأحيائي للمملكة، وهذا الإنجاز لا يُعزز فقط من سلامة الحجاج، بل يُسهم أيضًا في ترسيخ صورة المملكة كدولة رائدة في الحفاظ على بيئتها الطبيعية، وتقديم أفضل الخدمات لضيوفها في ظل رؤية طموحة لمستقبل مستدام.