في مشهد يعكس مدى العناية التي توليها المملكة لضيوف الرحمن، فعّلت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد (11) كبينة توعوية موزعة في مواقع استراتيجية بمشعر منى، ضمن جهودها الميدانية المكثفة لموسم حج هذا العام 1446هـ، وذلك بهدف تيسير أداء الحجاج لمناسكهم وتقديم الدعم الشرعي والإرشادي بمستوى يليق بهذه الشعيرة العظيمة.
وتأتي هذه المبادرة في إطار منظومة متكاملة من البرامج التوعوية التي أعدّتها الوزارة بدقة عالية، حيث تُعد هذه الكبائن محطات إرشادية متكاملة، يباشر العمل فيها عدد من الدعاة المؤهلين والمترجمين المتخصصين، على مدار الساعة، لتقديم النصح والإجابة عن أسئلة الحجاج بمختلف لغاتهم، في تناغم يعكس روح الانفتاح والتنوّع الثقافي الذي تحتضنه المملكة في موسم الحج.
وتتميّز هذه الكبائن بكونها تقدم خدماتها بـلغات متعددة، تشمل لغات آسيوية وإفريقية وأوروبية، ما يضمن وصول الرسالة الشرعية المعتدلة لكل حاج بلغته الأم، ويعزز من فهمه للمناسك بالشكل الصحيح، بعيدًا عن أي لبس أو مفاهيم مغلوطة.
وتحرص الفرق العاملة في هذه النقاط التوعوية على ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال في كل ما يُقدَّم من توجيه شرعي، مستندين في ذلك إلى مصادر الإسلام الأصيلة من الكتاب والسنة.
وتوزّع الوزارة من خلال هذه الكبائن آلاف الكتيبات والمطبوعات الدينية التوعوية، التي صُممت خصيصًا للحجاج، بما يراعي تنوع ثقافاتهم ومستوياتهم العلمية، ويغطي أغلب المسائل التي قد تواجههم خلال أداء النسك.
وتتناول هذه المطبوعات موضوعات مثل: كيفية أداء الطواف والسعي، رمي الجمرات، الأخطاء الشائعة، وآداب الحج، وغيرها، بأسلوب مبسط وموجّه لكل فئة.
ويعد توفير هذه النقاط التوعوية المتخصصة جزءًا من استراتيجية وزارة الشؤون الإسلامية لتكثيف الحضور الميداني في المشاعر المقدسة، ومواكبة احتياجات الحجاج من الناحية الإرشادية والدينية، مما يسهم في توفير بيئة آمنة ومطمئنة، تمكنهم من التفرغ لأداء شعائرهم بروحانية عالية، واطمئنان تام.
ويؤكد العاملون في هذه الكبائن أنهم لا يقدمون مجرد فتاوى أو توجيهات عابرة، بل ينخرطون مع الحجاج في حوارات مباشرة، تلامس أسئلتهم الدقيقة، وتعكس تفهماً عميقًا لمتطلبات كل جنسية وكل خلفية دينية.
وقد عبّر كثير من الحجاج عن امتنانهم لوجود هذه الخدمات، التي يشعرون من خلالها بأنهم ليسوا وحدهم في رحلتهم، بل هناك من يُرشدهم ويحتضن تساؤلاتهم ويهتم بأدق تفاصيل تجربتهم.
ولا يقتصر دور الكبائن على الجانب التوعوي فقط، بل يتّسع ليشمل الدعم النفسي والمعنوي، من خلال بث الطمأنينة في نفوس الحجاج، لا سيما أولئك الذين يؤدون الحج للمرة الأولى، ويشعرون ببعض التوتر حيال التفاصيل الدقيقة للمناسك.
فوجود شخص مؤهل، يتحدث لغتهم، ويشرح لهم بهدوء ورحمة ما يجب عليهم فعله، يُشكّل لهم دعمًا لا يُقدّر بثمن.
ويأتي هذا الجهد في إطار عناية المملكة المستمرة، وحرصها الدائم على توفير أقصى درجات الراحة والعناية بالحجاج، بتوجيه من القيادة الرشيدة – أيدها الله – التي لم تدّخر جهدًا في تسخير كل الإمكانيات والتقنيات والطاقات البشرية لخدمة وفود الرحمن، وتمكينهم من أداء فريضتهم بكل يُسر وسكينة.
وتؤكد وزارة الشؤون الإسلامية أن هذه الكبائن تمثل واحدة من بين عشرات المبادرات التوعوية والإرشادية التي تُنفذ بالتنسيق مع الجهات الأخرى، في إطار تكامل الجهود الحكومية لخدمة الحجاج في كل ركن من أركان المشاعر المقدسة.
هذا ويُعد موسم حج 1446هـ، نموذجًا متقدمًا للتكامل بين الجوانب التنظيمية والدينية والتقنية، حيث تتلاقى الخبرة البشرية مع الدعم التقني، وتتجلى مظاهر الرعاية في كل خطوة يخطوها الحاج، في مشهد يُجسد عمق رسالة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين من مختلف أقطار العالم.