حج 1446
خدمة الحجاج تتطور.. وزارة الشؤون الإسلامية تطلق "دعوة ذكية" في موسم الحج
كتب بواسطة: هلال الحداد |

في مشهد يعكس العناية السعودية المتواصلة بضيوف الرحمن، كثّفت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، عبر الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج والعمرة والزيارة، جهودها الدعوية والإرشادية بالتزامن مع بدء الحجاج مغادرتهم المشاعر المقدسة متوجهين إلى مكة المكرمة لأداء طواف الوداع، آخر مناسك الحج، في خطوة تهدف إلى تعزيز الوعي الشرعي وتقديم خدمات معرفية وروحية ذات جودة عالية في مصليات الفنادق المحيطة بالمسجد الحرام.

وبحضور لافت لدعاة متخصصين ومترجمين ناطقين بعدد من اللغات العالمية، شهدت المصليات في الفنادق المحيطة بالحرم المكي حراكًا دعويًا مكثفًا تمثل في سلسلة من الدروس اليومية والكلمات الوعظية، التي تطرقت إلى موضوعات تمس حاجة الحجاج في هذه المرحلة من مناسكهم.

وركزت المحاضرات على شرح أحكام طواف الإفاضة وطواف الوداع، مستندة إلى نصوص الكتاب والسنة، مع التوضيح العملي لكيفية أداء هذه الشعائر وفق الهدي النبوي، مما يساعد الحاج على إتمام نسكه على الوجه الشرعي السليم.

ولم تقتصر المواضيع على الجانب الفقهي فقط، بل شملت كلمات ومواعظ تسلط الضوء على محاسن الإسلام وقيمه الإنسانية، في محاولة لإيصال الرسائل الوسطية والمعتدلة للمسلمين القادمين من مختلف دول العالم.

كما تم تخصيص جانب من هذه الكلمات لاستعراض الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة المملكة في سبيل تسهيل أداء المناسك للحجاج، مما يعزز من الشعور بالامتنان ويعمّق الفهم لدور المملكة الريادي في خدمة الإسلام والمسلمين.

وتُعدّ التقنية الحديثة محورًا رئيسيًا في خطط الوزارة هذا العام، حيث فعّلت خدمة الشاشات الإلكترونية المنتشرة في أماكن إقامة الحجاج لبث رسائل توعوية وإرشادية وترحيبية بلغات متعددة، شملت الإنجليزية، الفرنسية، الأردية، التركية، الماليالامية، والإندونيسية، وغيرها من اللغات المتداولة بين ضيوف الرحمن.

وتُظهر هذه الخطوة حرص الوزارة على الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الحجاج بمحتوى دعوي ميسر ومفهوم.

ومن بين أبرز المبادرات التقنية التي أطلقتها الوزارة، تبرز "المكتبة الإلكترونية" التي تتيح للحجاج تحميل آلاف الكتب والمطويات العلمية والدعوية على هواتفهم المحمولة، مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تسهّل البحث والوصول إلى المحتوى المناسب، بما يتناسب مع اهتمامات وثقافات الحجاج المختلفة. وتغني هذه الخدمة الحاج عن حمل الكتب الورقية، وتمنحه مرجعًا موثوقًا يرافقه في أي وقت خلال رحلة الحج.

وفي لفتة تعكس الدمج الذكي بين التقنية والخدمة الدينية، وفرت الوزارة كذلك خدمة "الاتصال المرئي" باستخدام أجهزة الآيباد في مقار سكن الحجاج، حيث يمكن من خلالها للحاج التواصل مع علماء ودعاة متخصصين يجيبون عن أسئلته الشرعية بعدة لغات، في تجربة تفاعلية تبث الاطمئنان وتُزيل اللبس وتؤكد على الشمولية والاهتمام الفردي بضيوف الرحمن.

ويوفر هذا النظام خدمة التواصل بعشر لغات عالمية من بينها العربية والإنجليزية والفرنسية والأوردو والفارسية والبنغالية وغيرها، وهو ما يجعل المحتوى الدعوي يصل بشكل مباشر وسهل للغالبية العظمى من الحجاج، مهما اختلفت خلفياتهم الثقافية أو اللغوية، وذلك ضمن منظومة ذكية تتكامل مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن وتوظيف التقنية الحديثة في مختلف مسارات الحج.

ويعكس هذا التوجه جهودًا متواصلة لتكريس مفهوم "الحج الذكي" وتحويل المشاعر المقدسة إلى بيئة معرفية آمنة ومتقدمة، تجعل من رحلة الحج تجربة متكاملة، لا تقتصر على أداء الشعائر فحسب، بل تمتد إلى التوعية والتثقيف والتواصل الروحي، في أجواء يغمرها الأمن والسكينة.

جهود وزارة الشؤون الإسلامية هذا العام، جاءت امتدادًا لخطة استراتيجية تعتمد على التكامل بين الدعاة الرسميين والمتعاونين من جهة، والتقنية والتفاعل الرقمي من جهة أخرى، وهو ما أثمر عن محتوى دعوي ثري وشامل، يجمع بين الأصالة والتجديد، ويجسد روح الضيافة التي تتفرد بها المملكة في كل موسم حج، وتحرص من خلالها على أن تكون تجربة الحاج مليئة بالإيمان والمعرفة والرضا.