حج 2025
94 ألف بطل ميداني يخدمون ضيوف الرحمن في موسم حج استثنائي
كتب بواسطة: سعد احمد |

في مشهد مهيب يتجلى فيه روح العطاء والتنظيم المتكامل، شَرُف أكثر من 94 ألف فرد بالعمل ضمن منظومة الحج لهذا العام، مقدمين أسمى صور الخدمة لضيوف الرحمن في مختلف المواقع الميدانية والتنظيمية.

هذا الجهد الجماعي الهائل تم تنسيقه بعناية فائقة من قِبل وزارة الحج والعمرة، التي أشرفت على المنظومة التشغيلية عبر عدد من المراكز المتخصصة، لتقديم تجربة استثنائية تعبّر عن مدى عناية المملكة بحجاج بيت الله الحرام، وتؤكد جاهزيتها التامة لضمان موسم حج آمن وسلس.

تأتي هذه الجهود ضمن إطار عمل مؤسسي محكم، يجمع بين مختلف الجهات الحكومية والخدمية تحت مظلة واحدة، ويعتمد في أساسه على التكامل بين الكوادر البشرية المؤهلة والتقنيات الحديثة المتقدمة.

والهدف الأسمى من ذلك هو تقديم تجربة حج تليق بضيوف الرحمن، وتترجم الرؤية السعودية الطموحة الهادفة إلى تسخير كل الإمكانيات لتسهيل أداء المناسك بطمأنينة وراحة.

وفي إطار حرص الوزارة على رفع كفاءة الخدمات والرقابة عليها، نفّذ مركز "امتثال" التابع لها أكثر من 70 ألف جولة رقابية ميدانية خلال موسم الحج. وقد شملت هذه الجولات مساكن الحجاج، والمخيمات، والمطابخ المركزية، والمرافق التشغيلية كافة، لضمان التزام مزودي الخدمات بالمعايير التشغيلية الصارمة، ورفع جودة الأداء بشكل يليق بمكانة الشعيرة العظيمة.

لم تقتصر الجهود على الرقابة والتشغيل، بل امتدت لتشمل جانب التوعية، إدراكًا لأهمية تعزيز معرفة الحجاج بمناسكهم وسلامتهم. فقد أنتج مركز توعية ضيوف الرحمن التابع للوزارة أكثر من 1.2 مليون مادة توعوية، بُثّت بعدة لغات، لتصل إلى أكبر شريحة ممكنة من الحجاج، وتسهم في تسهيل تنقلاتهم داخل المشاعر المقدسة ضمن بيئة معرفية شاملة، تراعي تنوع الثقافات واللغات.

وفي نقلة نوعية لخدمات الحج الرقمية، واصل تطبيق "نسك" ريادته هذا العام، بإضافة أكثر من 30 خدمة رقمية جديدة، يأتي في مقدمتها "نسك AI"، وهو مساعد ذكي يعمل بالصوت والنص، ويقدّم خدمات توعوية وإرشادية بعدة لغات.

ويعكس هذا التعاون الواسع بين 25 جهة حكومية و10 شركاء من قطاع الأعمال، نموذجًا فريدًا من التكامل الرقمي في خدمة ضيوف الرحمن.

أما على صعيد السلامة الميدانية، فقد أسهمت بطاقة "نسك" الذكية في تسجيل أكثر من 6 ملايين قراءة، مما مكّن الجهات المعنية من تعزيز سرعة الاستجابة، والوصول الفوري للحجاج، ومتابعة تحركاتهم بدقة. كما قدمت مبادرة "نسك عناية" خدمات إنسانية وصحية فريدة من نوعها، تجاوز عددها 845 ألف خدمة مباشرة، تنوعت بين الدعم النفسي واللغوي والرعاية الطبية، عبر فرق ميدانية متخصصة تعمل على مدار الساعة.

وتعزيزًا لقيم التطوع والمشاركة المجتمعية، شارك أكثر من 3 آلاف متطوع ومتطوعة في خدمة ضيوف الرحمن، موزعين على 6 مسارات تطوعية رئيسية. وقد توزعوا على أكثر من 107 نقاط اتصال ميدانية، دعمًا للجهود الحكومية ومساهمة في صنع تجربة استثنائية تظل خالدة في ذاكرة الحجاج.

كل هذه الأرقام والجهود تعكس حجم التخطيط الدقيق، والاستثمار الذكي في العنصر البشري والتقنيات المتقدمة، بما يتسق تمامًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

رؤية تسعى إلى ترسيخ مكانة المملكة كقائدة في خدمة الإسلام والمسلمين، ووجهة عالمية تحتضن الملايين من الزائرين سنويًا، بإدارة احترافية وروح إنسانية لا مثيل لها.

إن موسم الحج لهذا العام لم يكن مجرد حدث ديني عابر، بل كان تجسيدًا حيًا لقدرة المملكة على تحويل المشاعر المقدسة إلى مساحة متكاملة من الرعاية والتنظيم، حيث تتضافر الجهود وتتكامل الأدوار، لتصنع تجربة إيمانية فريدة، عنوانها الأمان، وركيزتها الخدمة، وغايتها رضا الرحمن.